IMLebanon

بداية النهاية..

الحديث عن «صفقة» لإبعاد بشار الأسد وعصبته إلى روسيا، ملتبس بعض الشيء، لكنّه يدلّ على الواقع الميداني المتحرك والذي يتوقع ثقات كثر أن تزيد درجة تحركه في الفترة القريبة الآتية باتجاه دفع بقايا السلطة الى الجدار الأخير.

سقوط «اللواء 52» كانت له مقدّمات وستكون له تتمّات.. مقدّماته جاءت من الشمال، من دير الزور وإدلب، ودلّت على أنّ العصب القتالي لبقايا قوات السلطة أصيب بتلف عصي على أي علاج.. وأن ذلك التلف مركزي وعابر فوق أطراف الجغرافيا وليس موضوعياً، وأن آثاره المدمّرة ستطال كل الجسم السلطوي وليس جزءاً منه.

تتمة سقوط هذا اللواء الخطير ستكون مزدوجة. واحدة ميدانية تطال درعا ذاتها وفي فترة يُفترض أن تكون قريبة جداً. وثانية تطال الوضع العام في الجنوب السوري، بحيث إنه لم يعد هناك شيء (سلطوي) يمنع العودة الى وصل ما انقطع بين أهل جبل العرب من جهة وأهل سهل حوران من جهة ثانية، وعلى قاعدة تركيز بديهيات الثورة في أساسها وليس نفيها. أي إعادة تظهير حقيقة أنها وطنية عامة وليست فئوية خاصة، وأنها تحررية وليست لاستبدال استعباد بآخر. وأنها مؤاخية للواقع الديموغرافي وليست ناسفة له، وأنها في العموم والإجمال تقر بذلك الواقع ولا تكسره بالحديد والنار، لا بالنص ولا بالممارسة، على الرغم من بعض التجاوزات والحوادث المتفرقة والموضعية في الزمان والمكان!

ولأن نكبة سوريا اكتملت أو تكاد، فإن الباب الذي فتحته تطورات الحرب من الشمال الى الجنوب يؤدي الى مساحة خالية حُكماً من المسبب الأول لتلك النكبة، أي بشار الأسد وبقايا عصبته.. لكن كي لا يركب الوهم في محل المنطق والعقل، فإن ما يحصل راهناً هو بداية النهاية وليس النهاية! وحديث صفقة النفي الى روسيا تعوزه بعض الدقة لأنه يتجاهل حقيقة أن موسكو ليست مستعدة «لاستقبال» الأسد، بل مستعدة لبذل جهد مع إيران كي تقبل هي «باستقباله»! وهذه الإيران، كما هو معروف وواضح، لا تزال في مكان آخر تماماً.. ثم يتجاهل حقيقة أخرى، هي ان الموقف الأميركي لا يزال يعطّل فرض منطقة حظر جوي في الشمال بشكل يحول دون استمرار تساقط البراميل المتفجرة على المناطق المأهولة، ويوقف مسلسل المجازر النازلة بحق الناس عموماً!

لكن على الرغم من ذلك كله وما هو أكثر منه، فإن حقيقة أن سلطة الأسد انتهت، لم تَعد تُعدّ موضع شك عند أحد.. باستثناء «اليقينيين» في إيران وملحقاتها وخصوصاً في لبنان. وهؤلاء، كما يتبين من الحديث المتكرر عن «الانتصارات» و«الإنجازات» في منطقة القلمون وجرود البقاع الشمالي، مستعدون للاستمرار بالادعاء بأن الأسد سينتصر حتى بعد أن كفّ هو نفسه عن ذلك الادعاء!