يجمع الاستراتيجيون على أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، يتجه حكماً الى نهايته المحتومة. وفي تقديرنا أن لهذا أسباباً موجبة، مثال ذلك الآتي:
1- تراجع عدد مقاتليه الفعليين من 40 ألفاً الى نحو 30 ألفا بموجب المؤشرات التي تعممها مصادر الدراسات الاستراتيجية الرصينة.
2- تناقص أعداد المقاتلين الذين يأتون من الغرب، خصوصاً بلدان أوروبا الغربية، ليرفدوا داعش بدعم مزدوج قتالي ومعنوي.
هؤلاء ينضب معينهم، لدرجة أنّ أعدادهم صارت بالعشرات بعدما كانت بالمئات والآلاف.
3- واستطراداً الرجوع الى بلدان المنشأ الغربية وسواها… من الذين جذبتهم الى صفوف داعش إمّا المغامرة، وإمّا الإقتناع المبني على إدعاءات كاذبة بإسم الدين.
أمّا وقد تكشفت حقيقة هذا التنظيم فبدأت الهجرة العكسية لمن إستطاع اليها سبيلاً، علماً أن داعش لا يتورع عن إعدام العائدين، تاركين صفوفه.
وأسهم في هذا التخلي عن داعش أسلوب تعامل داعش (قيادين وعناصر) تعاملهم مع المرأة، واحتقارها، واعتبارها سلعة مجرّد سلعة، وإخضاعها للبيع والشراء بأسعار تراوح بين الدولار الواحد وعشرات الدولارات…
4- خسارة داعش مصادر مهمة للمال، أبرزها إثنان:
الأول – النفط وقد خسر التنظيم حقولاً في سوريا والعراق ما يعني فقدان مصدر تمويل مهم.
الثاني – رقابة دولية شديدة على مصادر تمويل هذا التنظيم.
5- خسارة التنظيم تأثيره الإعلامي… فهمروجة صدمة الإعلام فعلت فعلها في الأشهر الأولى… ثم أخذ مفعولها يتلاشى تدريجاً. مع الإعتراف لهذا التنظيم بقدرته الفعّالة في اللعبة الإعلامية.
وفي هذا السياق ثمة ملاحظات يجدر التوقف عندها:
الأولى – الإئتلاف الدولي العريض لم يعد قادراً على التعامل مع «داعش» بازدواجية، كما جرى حتى الآن.
وأعطي مثالاً : 61 دولة بزعامة (وقيادة) الولايات المتحدة الأميركية، وبأفضل تكنولوجيا السلاح في هذا العصر، وبقوة جوية غير مسبوقة في التاريخ… لم تستطع أن تمنع داعش من أن يتقدم نحو 270 كليومترا من الرقة الى تدمر في صحراء مكشوفة… فهل هذا معقول أو انه تساهل كان متعمداً؟
والملاحظة الثانية: لقد أدركت دول عربية وإسلامية مهمة أنها على جدول أعمال داعش لو قُيض له أن يستقر في دولته (في ما بين العراق وبلاد الشام) وبالتالي وجدت هذه الدول أن من مصلحتها المباشرة ان تخوض المواجهة مع داعش بجدية وليس فقط بالشعارات… فكان أن أخذت تتصرف أقله بالتضييق على رعاياها المتحمسين للإنضمام إلى داعش (…).
الملاحظة الثالثة، وهي بالغة الأهمية في تقديري وقد تكشّف للرأي العام من الشباب المسلم المضلّل والمغرّر به ان داعش هو العدو الأكبر للإسلام في هذا العصر… وان داعش أسقط من القتلى واهدر من الدماء في صفوف المسلمين أكثر مما فعل أي عدو آخر، وانه يهدّد بلدان المسلمين بالأعمال الإرهابية. وان خروجه على الدين الحنيف واضحٌ وبيّـن، وبالتالي إدعاؤه ساقط بأنه يريد أن يعمم الإسلام على غير المسلمين. ويكفي هنا أن نردّد الآية الكريمة لندرك سقوط ادعاء هذا التنظيم، وهي التي خاطب بها اللّه في قرآنه الكريم النبي العربي محمداً (صلعم) بقوله له:
}لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلُهُمُ جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين{.
أخيراً يجب عدم تجاهل دور روسيا في تعديل مسار المعركة ولو جزئياً في سوريا.
كما يجدر التوقف عند نقطة مهمة وهي أن مفاوضات الحل السلمي تستثني داعش.