IMLebanon

بكين: رئيس لبنان يجب أن ينتخبه اللبنانيون

في بلد المليار وثلاثمئة مليون نسمة، تسير الساعة على إيقاع التنظيم الدقيق الذي يتّصف به المسؤولون الصينيون من أعلى الهرم الى أسفله.

شتاء بكين جاء هذه السنة مُثلجاً بعد أربع سنوات من الانحباس، وتدنّت حرارة العاصمة الى ما دون الصفر، لكنّ حركتها لم تتأثر، وديبلوماسيّتها لم تتبدل، فلكلِّ سؤال جواب جاهز، ينطلق من مبدأ الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والابتعاد من منطق النزاع، والتمسك بالتجربة الصينية الخاصة، في الاقتصاد والعلاقات الدولية، التي أمّنت للصين موقعاً مميَّزاً كإحدى الدول الكبرى ذات التأثير المميَّز.

لا يبتعد المسؤولون في الصين قيد انملة من هذا الخطاب، يحاذرون الدخول في النزاعات الدولية، ويقاربون ما يجري في المنطقة العربية بتحفظ، ممزوج بالإشادة بمتانة العلاقة الصينية ـ العربية، خصوصاً في المجال الاقتصادي، حيث تزداد نسبة التبادل التجاري باضطراد، وهنا تسعى الصين الى توسيع العلاقات الثقافية مع العالم العربي، حيث تحرص على التواصل مع النخب العربية الإعلامية والفكرية والاقتصادية.

وكان اللقاء الاول لوفد من الإعلامين العرب في وزارة الخارجية مع نائب مدير إدارة الإعلام شينينغ في حضور ديبلوماسيين صينيين تَوَلّوا الترجمة بطلاقة الى العربية، من هؤلاء الديبلوماسي «جيلاني» الذي اتخذ لنفسه اسماً عربياً، أسوة بكلّ الديبلوماسيين العاملين في سفارت الصين في العالم العربي، وذلك تسهيلاً لعملية التواصل.

يعتقد شينينغ أنّ المعلومات في العالم لا تنشر بموضوعية كافية، فالولايات المتحدة والغرب لديهما الميزة التقليدية في تغطية الأحداث الكبرى، ويجب على العالم أن يشترك في حقّ الكلام، خصوصاً في ما يتعلق بالأحداث التي تجري والتي يُفترض بالبلدان التي تجري فيها أن يكون لها حقّ الكلام.

يتكلم شينينغ عن التجربة الاقتصادية في الصين ويقول: «علينا الإسراع في تحويل نمط التنمية الاقتصادية، كنا في الماضي نعتمد أكثر على الاستثمار، الآن سنتحوّل في الاعتماد على الاستهلاك، فالحكومة تلعب دوراً أكثر في الاستثمار، كذلك في قطاع العقارات فهناك أبنية بنيت ولم تُبَع، وهذا استثمار سيّئ، وعلينا أيضاً أن نهتمّ بالبيئة أكثر، وأن نتوازن في التنمية، فهناك مئة وخمسون مليون صيني تحت خطّ الفقر. نحن الآن في صدد تحديد دور الدولة في التنمية بحيث تتحوّل الحكومة الى لعب دور الحكم».

عن رأي الصين في ما يجري في العالم العربي، قال: «لدينا قلق من جنوح الأحداث نحو العنف والإرهاب، إنّ حرية الرأي والتعبير لا تتمّ بالعنف ولا تحقق الأهداف المرجوّة، نحترم إرادة الشعوب ونحضّها على السعي للاستقرار والتنمية، كما أنّ على القوى الخارجية أن تلعب دوراً في حفظ الاستقرار وليس العكس».

أما اللقاء الثاني لوفد الإعلاميين العرب فكان مع مدير آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الصينية دنغ لي، الذي تحدّث بإسهاب عن سياسة بلاده في الملفات الإقليمية والدولية. وقال: «نرفض الإرهاب رفضاً تاماً كذلك نرفض ربطه بأيّ دين أو عرق، ونرفض قيام وسائل الإعلام الغربية بربط الإسلام بالإرهاب».

وعن الهجمات الإرهابية في فرنسا، قال: «نشعر بألم لتعرّض فرنسا للإرهاب، وعلى المجتمع الدولي استخلاص الدروس مما حصل وتوحيد الجهود لمواجهة الإرهاب، كما عليه توحيد المعايير في تحديده».

وعن دور إيران في المنطقة ومحاولتها اختراق دول الخليج، قال: «إيران ودول الخليج جيران، لذلك نأمل في أن تكون هناك آلية حوار لتحقيق حلٍّ سلمي».

عن الأزمة السورية والتدخّل الروسي فيها، قال لي: «نحن مع مبدأ عدم التدخّل في شؤون الغير، ففي سوريا الشعب السوري هو الذي يقرّر مصير الرئيس بشار الأسد، وليس الصين، أما روسيا فقد تدخلت تلبية لدعوة حكومة سوريا». وأضاف: «ندعو المجتمع الدولي لتوحيد جهده في مكافحة الإرهاب وفي إيجاد حلّ سياسي في سوريا، وهذان المساران متقدّمان الآن، فاستمرار النزاع لا يخدم أحداً في المنطقة».

وعن كون «الربيع العربي» مؤامرة لتغيير دول المنطقة قال لي: «لا ندري ما إذا كان مؤامرة، لكن بالنسبة إلينا الصين تاريخ طويل وحضارة عريقة، ونؤمن بأنّ نظامها الحالي يفيد شعبنا ويجعله يعيش حياة سعيدة، شعبنا يريد أن نسلك طريقنا الخاص».

عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية قال: «أميركا هي القوة العظمى في العالم، لكنّ القوة بالنسبة إلينا لا تعني الممارسات العشوائية. ففي العام 2003 رفضنا استعمال أميركا لمجلس الأمن لشنّ حرب على العراق».

وعن حظر الصين لوسائل التواصل الاجتماعي، قال الديبلوماسي الصيني: «هناك وسائل تواصل في الصين يستعملها 700 مليون صيني. إنّ هذه الوسائل (فايسبوك، تويتر) تتجاوز قدرتنا على إدارتها بقوانين مناسبة».

بالسؤال عن لبنان وعن إمكانية المساعدة الصينية في انتخاب رئيس للجمهورية، قال: «لقد زرت بلدكم وأحبه، ورأينا أنّ رئيس لبنان يجب أن ينتخبه اللبنانيون، من دون تدخل أحد، فالأمر الخاطئ هو أن يتدخل بلد أجنبي في انتخاب رئيس بلد آخر».