بتهكّم، وجسد غير متوازن، سخر النائب وليد جنبلاط من التحركات الاحتجاجية الشعبية التي نفذها أهالي إقليم الخروب، مانعين استقبال نفايات بيروت لطمرها في سبلين، واتهم أهالي عين دارة بـ»سرقة الرمال». أهالي العاميّات المعنية لم يسمعوا كلام جنبلاط
«لأن الكهرباء كانت مقطوعة»!
عصر السبت الفائت، كانت برجا وكترمايا وسبلين تُفرم على لسان النائب وليد جنبلاط في احتفال في بيصور. لحسن حظه، ربما، لم يكن النائب علاء الدين ترو حاضراً. فنائب الإقليم الذي يتبادل الوفاء مع جنبلاط ومطرحه ثابت في كتلته النيابية دورة بعد دورة، لم يكن ليحتمل شتيمة جديدة بسبب جنبلاط من أهل بلدته برجا. لا يستطيع الغاضبون في برجا وجاراتها صبّ غضبهم على جنبلاط، فيستقوون على ترو، «الممثل الشرعي والوحيد» للحزب التقدمي الاشتراكي. سخطُ البرجاويين على نائبهم سببه تعهّده شخصياً على الملأ في ساحة برجا، قبل ستة أشهر، نقلاً عن جنبلاط، بأن لا مطامر في المنطقة ولا محارق، ما دفع بأحدهم إلى التعليق: «الهيئة معاليك صار عندو عدوى بتعدد الآراء متل البيك».
لحسن الحظ أيضاً، أهالي «عاميّة برجا وكترمايا وسبلين» لم يسمعوا انتقاد جنبلاط. ليس في الأمر لامبالاة بآراء «الزعيم»، ولكن، بكل بساطة، «لأن الكهرباء كانت مقطوعة». لا يقول مسؤول قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي أدهم السيد ذلك من باب السخرية، بل «هذه هي الحقيقة، والدليل أن صفحة البلدة على وسائل التواصل الاجتماعي الناشطة جدّاً لم تنشر أي تعليق على تصريحه»،
وعلى كلّ حال «لنا الفخر أن نكون عاميّة».
يعزو الناشطون في الاقليم «فورة» جنبلاط ضدهم الى «انزعاجه منا لأننا لا نتعب، كل يوم نُحضّر لتحرك ما… رح يجنوا من وين عم نجيب هيدا النفس الطويل». ويؤكد أحد المُنظمين أنه في نهاية الأسبوع «سنبدأ تشكيل لجان هدفها توعية الناس في البلدات وتشجيعهم على الفرز من المصدر».
«عنجد جنبلاط يحرق نفسه»، يقول أحد الناشطين الشيوعيين الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه. يرى أن المُشكلة هي «مع جماعة جنبلاط الذين ما زالوا يتقبّلون كلّ شيء منه رغم أنه لم يعرّه ملف كالنفايات». لا يحصر الرجل كلام جنبلاط في ما خصّ بلدات «الاقليم» فقط، فالنائب الاشتراكي «ينتقد كلّ تحرك ويحوّل كل ملف الى موضوع للسخرية». كلّ شخص «رفع صوته في وجه الفساد في ملف النفايات وكشف المخالفات التي حصلت يعتبره جنبلاط في معركة ضدّه».
أحد قادة التحرك كان رئيس بلدية برجا نشأت حمية. لم يتوان «الريس» المحسوب على تيار المستقبل عن انتقاد سعد الحريري وجنبلاط وترو. في اتصال مع «الأخبار»، أكد أن «الناس مع الزعماء إذا توافق الأمر مع مصلحتهم.
كلّ من يرفع صوته في وجه الفساد يعتبره جنبلاط ضدّه
أما إذا تعارض، تقف ضدهم كما فعلنا». وتوقف عند وعود ترو قبل ستة أشهر: «معناتها كان عم يكذب علينا أو يسايرنا، في حين كان على علم بمخطط سبلين».
ماذا عن رأيه في انتقاد جنبلاط؟ «هذا رأيه الشخصي وهو حر. نحن اشتغلنا مصلحة الناس» يقول حمية، متعهداً بأن «نكون أول ناس مع الشيخ سعد ووليد بيك عندما يجلبان مشروعاً تنموياً للمنطقة».
بعض مؤيّدي ترو رفعوا صوراً له في أنحاء مختلفة من برجا، ذيّل بعضها بعبارة: «يا كبير»، كذلك رُفعت صور عملاقة للحريري. وفيما لم يسجل تعليق رسمي حول انتقاد جنبلاط للتيارات التي تصدرت التحركات الشعبية، لا سيما الجماعة الإسلامية والحزب الشيوعي، كتب السيد على صفحته على «فايسبوك»: «بعد الانتصار الجزئي الذي تحقق بموضوع النفايات، الانتصار على السلطة السياسية وعلى رأسها ممثلي السلطة في منطقتنا، يحاول البعض تحريف ما حصل في هذه المواجهة عبر رفع صور لمجموعة من الرموز الذين كانوا رأس حربة في مواجهة أهل برجا. فهم من حرّضوا على الاهالي المنتفضين في الشوارع وهم من ضغطوا على رئيس بلديتنا وهم من عقدوا صفقات النفايات على حساب صحتنا. اليوم كما يقول المثل الشمس طالعة والناس قاشعة، وهذه الصور(مع احترامنا لأشخاصها وبعيداً عن التجريح الشخصي) تنفع للكاريكاتور السياسي، وهي معيار لمدى وعمق الانتصار الذي حققه الاهالي على سلطة رأس المال. لكم صوركم بكل ما تعنيه من جمود، ولنا الشارع ونبضه بكل ما يعنيه من ثورة».
وعلى صعيد متصل، لم ينم أهالي بلدة عين دارة على ضيم وليد بيك الذي لم يوفرهم من «الفرم». من بيصور أيضاً، قال: «صار هناك عامية عين دارة. لأن عين دارة البلدية دروزاً ومسيحييين غالبيتهم مشاركين في سرقة الرمل وحاطينها بظهري. البلدية بأغلبية أعضائها يسرقون الرمل وحاطينها بظهري ولا ينتبهون الى ابن الفتوش وغير الفتوش». «سارقو الرمل»، بحسب جنبلاط، حملوا غيظهم ورموه على كتفي غريمه، رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب. في الجاهلية، استقبل وفداً من أهالي وفاعليات عين دارة الذي جاءه، بحسب البيان الإعلامي الصادر عن اللقاء، «طالباً الدعم لإيقاف المجزرة التي سترتكب بحق أهالي عين دارة وجوارها، كباراً وصغاراً، بإنشاء مطمر للنفايات فيها». وهاب كان على قدر الواجب. أكد «الوقوف الى جانب الأهالي في رفضهم إنشاء المطمر الذي سيلحق الضرر بمصادر المياه الجوفية في المناطق المحيطة ويلوّث مياه الشفة في الباروك ونبع الصفا». وكشف أن «صاحب الأرض حيث ستطمر النفايات سيحصل على عشرة ملايين دولار، وستدفع عشرة دولارات سمسرة لنافذين على سعر كل طن زبالة». ورأى وهاب أن «هناك تهريبة جديدة بمطمر عين دارة كما حصل مع مطمر الناعمة».