Site icon IMLebanon

شوارع بيروت وضواحيها تعكس المشهد الحكومي… “زبالة” مكدّسة وروائح كريهة

 

 

في حين تحاول الحكومة إخفاء عجزها وفشلها عن حلّ أيّ من مشكلات البلد، ويتحدث رئيسها عن إنجازاته العظيمة، ووزير الإقتصاد عن “90% من الكوب المليان”، طافت أمس النفايات من هذا الكوب وملأت شوارع بيروت وضواحيها. ومن حيث يقال أنّ الكرامة تعبق، عبقت روائح النفايات التي انتشرت على الطرق بشكل مقرف. في وقت يتطلب فيه الوضع الصحي وارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المزيد من الوقاية والتعامل بشكلٍ سليم مع هذه النفايات. وبينما عجزت رئاسة الحكومة عن حلّ المشكلة والاتفاق مع الشركتين المتعهدتين بالكنس والجمع صباحاً. تمكّن محافظ بيروت القاضي مروان عبود من الاتفاق مع شركة “رامكو” المتعهدة بجمع نفايات بيروت، وفق ما يقول مدير الشركة وليد بو سعد لـ”نداء الوطن”، وسيتم الإنتهاء من إزالة النفايات المتراكمة فيها خلال 48 ساعة.

 

وكان اللبنانيون قد استيقظوا أمس على مشهد النفايات المكدّسة على الطرقات وفي أحياء بيروت وضواحيها. وتراكمت النفايات بعد توقف الشركتين المتعهدتين كنس وجمع النفايات في بيروت وضواحيها وبعض مناطق جبل لبنان. “رامكو” و”سيتي بلو” قد توقفتا عن العمل بسبب إضراب عمالهما احتجاجاً على عدم قبض رواتبهم بالدولار وأزمة سعر صرف الليرة. وكذلك بسبب توقف الدولة والبلديات ومنذ أشهر عن دفع المستحقات المتوجبة عليها للشركتين. وإضافة إلى المشاكل المالية، لم تتمكن شركة “رامكو” من الاستعانة بعمالها السوريين للعمل بعد إضراب عمالها من الجنسيات الأخرى، بسبب الحجر الذي فرضته على 240 عاملاً سورياً، بعد أن ثبتت إصابة أكثر من 130 منهم بفيروس “كورونا” وفق بو سعد.

 

وفيما عاودت شركة “سيتي بلو” العمل على جمع نفايات الضاحية في اتفاق مع المعنيين هناك لم تعرف تفاصيله، انتظرت “رامكو” حتى انتهاء الاجتماع مع محافظ بيروت لتعلن انطلاق العمل على إزالة النفايات بمن رضي من العمال بفك إضرابه، وفق بو سعد، بعد أن سهّل عبود حصول الشركة على مستحقاتها المتوجبة على بلدية بيروت منذ نحو 7 أشهر، والبالغة سبعة ملايين دولار، وفق سعر الصرف الرّسمي. ويشير مدير “رامكو” إلى أنه بذلك يتبقى لصالح الشركة عشرة ملايين دولار بذمة الحكومة اللبنانية، ويؤكد أن جو الإجتماع الذي جرى صباحاً بمستشار رئيس الحكومة كان سلبياً. ولدى سؤال بو سعد عما إذا كان التهديد الذي قال بأنه تلقاه من رئاسة الحكومة يتمثل بفسخ العقد مع الشركة، يقول: “يا ليته كذلك فنحن من يطالب بإنهاء هذه العقود، وزارة المال لم تفرج عن أموالنا، إن كانوا لا يريدون أن يدفعوا لنا فليلغوا العقد”.

 

وتكمن أزمة الشركة في غياب رغبة العمال الأجانب بالاستمرار في العمل إن لم يتقاضوا رواتبهم بالدولار، “فالعمال البنغلادشيون قرفوا”. ويكرّر بو سعد مناشدته لليد العاملة اللبنانية للتقدم والعمل في الشركة، مؤكداً التزام الشركة بتسجيلهم في الضمان وبكافة شروط قانون العمل. “فنحن نسعى لاستبدال اليد العاملة الأجنبية بالعمالة الوطنية”.

 

من جهته يلفت رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله، في اتصال مع “نداء الوطن” إلى أن عمال الشركتين أضربوا احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم بالدولار إضافة إلى عدم تأمين وسائل التنظيف اللازمة لهم وشروط السلامة المهنية. “فالعمال بالكاد يتقاضون ما يمكنهم من العيش، وعندما أضربوا منذ حوالى شهر ونصف احتسبت الشركتان رواتبهم وفق سعر صرف منخفض للدولار، ولم تدفع الرّواتب كلها منذ ذلك الحين”. ووفق عبدالله فقد تراجع أمس عدد من العمال عن الإضراب لتقارب نسبة العمال المستمرين بإضرابهم حوالى 30%، “هؤلاء إما يريدون أموالهم أو سيغادرون خاصة العمال من الجنسيتين الهندية والبنغلادشية”.

 

 

وفي حين عولجت مرحليّاً الأزمة التي فاحت رائحتها الكريهة أمس، غير أنّ الطروحات الإنقاذية والحلول الجذرية تبدو غائبة عن بال ما يفترض بأن تكون “حكومة إنقاذ”. فلا جديد في موضوع النفايات، وقد تتجدّد الأزمة وتعود النفايات إلى الشوارع بعد فترة، بسبب امتلاء المطامر. فيما تستمرّ سياسة طمر كل شيء، بدل التوجّه لفرز النفايات وإعادة تدوير ما أمكن، وتحويل المواد العضوية لسماد يصلح للزّراعة التي يدعو الجميع إليها، ما يوفر ملايين الدولارات. في هذا الإطار يشير عبدالله إلى قيام الشركات في دول أوروبية بالدفع للدولة لقاء السماح لها بجمع النفايات وإعادة تدويرها.

 

وفي حديث إلى “نداء الوطن” يبدو أنّ الخيبة قد تمكنت من رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب نزيه نجم، والذي كان يتابع سابقاً ملف النفايات والمطامر. ولا يأمل نجم في العمل على أيّ حلٍّ يتعلق بمسألة النفايات. “فالموضوع من ضمن صلاحيات وزارة البيئة، وقد قمت بالتطفل عليهم في العام الماضي في محاولة لإيجاد حلول، لكنهم لم يتابعوا أيّ من الأفكار التي طرحت. أما وزير البيئة الحالي فلا يجيب وهو يعمل في السياسة”. كذلك يؤكد بو سعد أن لا خطة لمعالجة النفايات وإنما “ترقيع”، ويضيف أن لا علاقة لهم بمسألة طمر النفايات، “لكن لا علاقة لوزير البيئة بما يجري على الأرض، وعلاقة الشركة مع مجلس الإنماء والإعمار ولا مشكلة معه”. وإذ يقتصر دور الوزارة على عمل يبدو استشارياً وعلى وضع خطة واقتراحها على مجلس الوزراء لإقرارها، تصبح معالجة أزمة النفايات من مسؤولية الحكومة بأكملها، فإما تضع حلولاً جذرية تساهم أيضاً في توفير الدولار والمواد اللازمة للصناعة، وإما سيتكرّر مشهد غرق الشّوارع بالنفايات.