منذ متى بيروت مكسر عصا للحاقدين الطمعانين، وفشّة خلق للفجعانين؟
منذ متى بيروت «رزق سايب بيعلّم الناس الحرام»؟
منذ متى بيروت تفتح شوارعها مطامر لنفاياتكم العابقة برائحة فسادكم؟
منذ متى أهل بيروت عطشى لنقطة ماء، غارقون في العتمة، «بيتصبّحوا بشحّادين على الطرقات، وبيتمسّوا بحراميّه معبّايين المفارق والساحات؟»
منذ متى أهلنا يخافون مرور الوقت وانتهاء الصيف ولا تفتح مدارس اولادهم؟
منذ متى أهلنا يخافون من الأمراض، من مراكز العلاج، من أوضاع الدواء والمستشفيات، وأولويّات السلطة المسيّسة على حساب صحّة الناس والوطن؟
منذ متى، بدلاً من انّ الشعب يحاسب حكومته، الحكومة «تشكو» من انّ الشعب «يتآمر» عليها؟
منذ متى الشعب في خدمة الحكومة والحكومة «بتتذمّر وبتنقّ»؟
منذ متى، بدلاً من ان نرى خططاً فعّالة لمعالجة غلاء الأسعار، يحتج وزير الإقتصاد على الشعب الذي لم يقل شكرًا قبل ان يذوق طعم الحسم الموعود على السلع التي ينوي دعمها؟
وكل إنسان يعرف انّ خدمة الشأن العامّ في بلدان العالم لا تنتظر كلمة شكر ولا تطلب بدل أتعاب.
إذا أحتج الشعب على الغلاء الذي لا يرحم لقمة العيش، تنصحه حكومتنا بتخفيف الاكل وتلومه على نظامه الغذائي «البطران».
نعم… الحكومة مظلومة والشعب لا يشبع.
شعب مغنّج يطالب بالكهرباء، كأنّه لا يرى الدخان متصاعداً من عواميد معمل الزوق 24 على 24، ولا يقدّر غيرة القضاء اللبناني على حقوقنا ويحاسب الشركات والدول الشقيقة…
البلد غارق في العتمة والناس «فطسانين بهالشوب»، ووزير الطاقة يُسمعنا وعوداً وتطمينات نحن لا نعرف قيمتها: البواخر التركيّة ملأناها والحمدلله… الإعتمادات فُتحت… المبالغ دُفعت… العمولة قُبضت… والمازوت تبخّر.
ماذا تريدون أكثر من هذا؟
لا ينقص اللبنانيون إلّا ان يطالبوا حكومتهم بإشارات سير «شغّالة»، «بدل ما يذوقوا لمّا يسوقو ويمرّقو بعضن بتهذيب».
ولا ينقص الحكومة سوى أن تعذّب نفسها وتعكس التيار لكي تضيء مصابيح البلدية ليلاً وتطفئها في النهار.
ماذا فعلتم بلبنان؟ ماذا فعلتم بالبلد؟
إما انتم مسؤولون، وإما إنتم مستقيلون.
الحكم مواجهة وليس وجاهة.
الحكم تخطيط وتنفيذ «مش نقّ وتذمّر».
وليس عمل المواطن أو النائب ان يخطط وينفّذ بدلاً من الحكومة والمجلس البلدي «يللي عاملين شغلتن يسمّعونا برامج يصرفوا عليها أموال الناس والبلد، وما نشوف منها شي على أرض الواقع».
ماذا فعلتم بلبنان؟ وماذا تفعلون لبيروت؟
بيروت الشرائع والعلم والإزدهار… ماذا فعلتم بها؟
لا، لا تستطيعون التمتع بمناصبكم ونصبكم على حساب بيروت.
رئاسة البلدية رسالتها المنفعة العامّة وليس الإنتفاع الخاصّ.
المؤتمنون على بلديّة عاصمتنا في رقابهم «كلّ عرق أخضر عم ينقبع ويُعطى مطرحو لباطون عشوائي».
في رقابهم، كل رائحة بشعة تتصاعد من طبيعة أدائهم وفضلات أطماعهم وصفقاتهم.
المؤتمنون على مدينتنا في رقابهم هجرة اولادنا، قرف أجيالنا، وحرقة قلب الذين تعبوا وربّوا، وكان جزاؤهم في النهاية وداع اولادهم والحرمان من أحفادهم، وينتهون محاطين بزبالة حكّامهم.
هذه ليست بيروت. هذه صورتكم إنتم.
وبيروت لن تعود الينا، إلّا اذا مزّقنا الصورة وأرجعنا الأصل.
بيروت… لا تموت.