بيروت مدينة منكوبة، بناسها المشردين، بأرضها الملتهبة، بفضائها الملوث، بقلبها الجريح، بمنازلها المدمرة، بشوارعها المهدمة، بمؤسساتها المضروبة، بجامعاتها المتعثرة، وبأسواقها المخلّعة.
الكارثة التي ضربت منارة الثقافة والفكر، ومنبر حوار الحضارات والأديان، لا تعني اللبنانيين وحدهم، بقدر ما أصابت وجدان كل عربي، كانت بيروت حلمه الأول، ومدرسته الأولى، وجامعته المفضلة، ومكتبته الدائمة، ومستشفاه المناسبة.
بيروت الثكلى تُنادي الأشقاء العرب بالوقوف إلى جانبها في المحنة المدمرة التي داهمتها في غفلة من الزمن، وبأسرع من لمح البصر.
الزلزال المتفجر الذي دمر مرفأ العرب، وقضى على أحياء بكاملها، وخرّب الأسواق والشوارع، وشرد العائلات من منازلها، وطوّف المستشفيات بالمصابين والضحايا، يفوق قدرة لبنان على تحمل نتائجه وتداعياته البشرية والحضارية والمادية.
بيروت، التي تحولت أمس إلى هيروشيما العرب، نُكبت مرتين: الأولى بهذا الإنفجار المريع والمُلتبس، والثانية بسلطة قاصرة عن مواكبة الكارثة، وتتمسك بكراسيها عنوة، رغم عجزها الفادح عن معالجة نتائج الفاجعة، ومواجهة الحقيقة المرّة في جلاء ملابسات هذا الزلزال الرهيب.
بيروت الغارقة في حزنها، تفتح قلبها النازف للأشقاء العرب أولاً، وللأصدقاء في الغرب، ليس لبلسمة الجراح ولملمة آثار الدمار وحسب، بل وأيضاً لإنقاذها من هذه السلطة التي أوصلت البلد إلى هذا التردي والإنهيار، ودمرت البشر والحجر.
إنها بيروت يا عرب… تُناديكم لإخراجها من آتون هذه المحنة المدمرة.