بات المشهد الإنتخابي في بيروت الثانية قاب قوسين أو أدنى من الإكتمال. ست لوائح أساسية تشكّلت وينقص بعضها الإعلان الرسمي، فيما يبحث مرشحون مستقلّون عن لوائح تتبنّاهم، قبل أن يطردهم القانون خارج السباق الإنتخابي بفعل عدم جواز الترشّح المنفرد.
التوزّع السياسي للوائح يقولها بصراحة، إنّ مشهد 2018 يتكرّر ولو اختلفت الأسماء. حالة تيار «المستقبل»، أو بالمعنى الأدق الحالة المناصرة لخط الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وُلدت من رحمها لائحتان. الأولى عمل على تشكيلها الرئيس فؤاد السنيورة وتضمّ شخصيات دارت وتدور بفلك «المستقبل» بالتحالف مع «الحزب التقدمي الإشتراكي» ومستقلين عن المقعدين الأرثوذكسي والإنجيلي. فيما تبدو اللائحة الثانية إئتلافية بين مجموعة شخصيات، منهم رئيس نادي الأنصار نبيل بدر، والمسؤول الأمني السابق في تيار «المستقبل» العميد المتقاعد محمود الجمل، إضافة إلى شخصيات مقرّبة من «المستقبل»، بالتحالف مع «الجماعة الإسلامية» ومستقلين عن المقاعد الدرزية والمسيحية.
لائحتا السنيورة وبدر-الجمل-الجماعة، ستسعيان بلا شك إلى استمالة شارع «المستقبل»، بالوقوف على قدرتهما التجييرية. تقول الأرقام بعيدًا من تفاصيلها، إن توحّدهما في لائحة واحدة كان سيساهم في جذب الشارع «المستقبلي» غير المقتنع بالمقاطعة. أمّا انقسام هذه الشخصيات في لائحتين فسيرسّخ قناعةً أكبر لدى الشارع بالعزوف، وهو ما سيصعّب وصول إحداها إلى الحاصل مع أفضلية للائحة بدر-الجمل-الجماعة، كون مرشح الجماعة النائب السابق عماد الحوت ينطلق من حوالى 4000 صوت حصل عليها في انتخابات 2018.
مصدر مقرّب من «المستقبل» يكشف انّ الرئيس فؤاد السنيورة زار العاصمة السعودية الرياض قبل أيّام، بهدف تأمين دعمٍ للائحته دون أن يوفّق، حيث أُبلغ أنّ المملكة تقف على مسافة واحدة من الجميع.
لائحتان ثانيتان تخرجان من رحم المعسكر نفسه، إلّا أنّهما ارتضيتا الإفتراق انتخابياً وحبّياً، بحثاً عن مقعد اضافي يأتي به الكسر الأعلى على طبق من ذهب. اللائحة الأولى هي لائحة «الثنائي الشيعي» بالتحالف مع «الحزب السوري القومي الإجتماعي» و»الحزب الديمقراطي» و»التيار الوطني الحر» ومستقلّين. نجحت هذه اللائحة باستمالة ثلاثة مرشحين سنّة هم: معتصم أدهم وعبدالله مطرجي ومهى شاتيلا. مصادر اللائحة تكشف أنّه تمّ استبعاد ترشيح رئيس «التيار العربي» شاكر برجاوي بعد رفض الرئيس بري لوجوده على اللائحة، انطلاقًا من رغبته بعدم استفزاز الشارع الآخر، فيما رضخت إبنة النائب الراحل عدنان عرقجي شيرين لضغوط محيطها بعدم الترشّح على لائحة الثنائي. تنطلق هذه اللائحة من ثلاثة حواصل مضمونة تؤمّنها الأصوات الشيعية الفائضة إن لم تتراجع نسبة الإقبال على الإقتراع عن 43% كما العام 2018، أمّا في حال تراجعت نتيجة المقاطعة السنّية، نكون أمام إمكانية زيادة لائحة 8 آذار لحواصلها، دون القدرة على تحديدهم سلفاً، كون قرار قيادة «حزب الله» هو عدم إعطاء أي من الحلفاء أصوات تفضيلية باستثناء حركة «أمل، وهو أمر أزعج عدد من الحلفاء.
اللائحة الثانية التي تدور في فلك الثامن من آذار هي لائحة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش)، والتي لم تُعلن حتى الساعة، وهي تضمّ مرشحين رسميين للأحباش مع أصدقاء.
في الساعات الأخيرة برزت معطيات عدة تتحدث عن إمكانية إعادة جمع اللائحتين في لائحة واحدة، لا سيما وأنّ لائحة الثنائي وحلفائهما تضمّ ثلاثة مقاعد سنّية فقط لا غير، وبإمكانها استيعاب مرشحين للجماعة، ولكن هذا الأمر يتوقّف على قرار الأحباش أنفسهم.
النائب فؤاد مخزومي تروّج مصادره، أنّ هذه الإنتخابات ستشكّل مفاجأة لناحية عدد الحواصل التي سيحصل عليها. ولكن بعيداً من الترويج الإعلامي الكبير، تفيد المعطيات أنّ هذه اللائحة قد تتمكن من الحصول على مقعدٍ ثانٍ غير محدّد سلفاً، اذ إنّها ستستفيد حتماً من فائض الأصوات التي سيؤمّنها المخزومي نفسه لزملائه على اللائحة، مع أرجحية واضحة للمرشحة الأرثوذكسية زينة مجدلاني، والتي قد تنال إضافة لأصوات عائلتها جزءاً كبيراً من أصوات «القوات اللبنانية» في الدائرة. أمّا عن السنّة، فحتى الآن لم يلحظ أي نشاط يُذكر لمرشحي لائحة المخزومي، حيث ينصّب التركيز عليه وحده دون غيره من المرشحين.
اللائحة الأساسية السادسة هي لائحة المجتمع المدني، التي تخرج من رحم 17 تشرين. ورغم أنّ معظم أسمائها باتت واضحة وشبه معلنة، إلّا أنّها تشهد مداً وجزراً لمحاولة ثني أحد مكوّناتها عن تشكيل لائحة مستقلة عنها. في هذا الإطار تفيد المعلومات أنّ المرشح وضاح الصادق ونقيب المحامين السابق ملحم خلف يبذلان جهوداً كبيرة في سبيل وحدة مجموعات المعارضة، فيما تلوح في الأفق نوايا لدى مجموعة «بيروت مدينتي» بتشكيل لائحة مستقلة، إلّا أنّ المفاوضات حتى الساعة تميل نحو الإيجابية.
هذا وبات شبه محسوم ترشّح كل من حسن سنو، نجل رئيس جمعية المقاصد، والناشطة السياسية رولا عجوز والصادق نفسه عن المقاعد السنّية، ملحم خلف عن الأرثوذكسي، والناشط السياسي وليد فخر الدين عن المقعد الدرزي، نهاد يزبك عن المقعد الإنجيلي، والصحافي محمود فقيه عن أحد المقعدين الشيعيين. هذا وسيتبلور الشكل النهائي للائحة خلال الساعات المقبلة، لحسم باقي المقاعد السنّية وكذلك المقعد الشيعي الثاني.
وضع هذه اللائحة لا يزال مبهماً بانتظار اتضاح نقطتين أساسيتين؛ التوحّد أوّلًا ووجود لائحة واحدة في شعار واحد يحمل عنوان التغيير في كل لبنان، فانتفاء نقطة واحدة منها يعني أنّ وصول هذه اللائحة للحاصل يُعد أمراً صعباً نوعاً ما.
هذا وينتظر مرشحو «مواطنون ومواطنات في دولة» (ممفد) القرار النهائي لـ»بيروت مدينتي» ومن قد يسير معها، للبناء على الشيء مقتضاه.
ويبدو من غير المستبعد وصول عدد اللوائح لأكثر من 7 وحتى 8، نظراً لوجود طامحين لا يُقدّر معظمهم حجمه الإنتخابي كما يجب.