ترتدي المعركة الإنتخابية الدائرة في «بيروت الثانية»، طابعاً بالغ الأهمية كون المرشحين في اللوائح التسع المتنافسة يتقاسمون «الصحن» نفسه، لا سيما على صعيد المرشحين السنّة الذين يتعاطون بحساسية فائقة مع بعضهم البعض، ويرفعون بالتالي، وتيرة الإحتدام في الشارع، وذلك وسط خشية تسجل في بعض المجالس البيروتية وتشير إلى فتور مرتقب من قبل القوى الناخبة في العاصمة، من أجل التعبير عن رفضها لكل هذه الصراعات الدائرة في شوارعها، وبغض النظر عن الأسباب والمسبّبات والمسؤوليات.
وتتحدّث مصادر سياسية مواكبة عن كثب للتجاذبات ما بين اللوائح «البيروتية» في هذه الدائرة، عن أن استطلاعات للرأي جــرت اخيراً في الشارع، وشملت عيّنة من المواطنين، كشــفت عن وجود نقاط ضعف لدى بعض القوى والزعامــات التقليدية في العاصمة، لافتة إلى أن حال الإرباك التي تسيطر على أوساط رؤساء اللوائح، ومن دون أية استثناءات قد دفعت إلى زيادة التوتّر في الاجواء، وإلى اضفاء نوع من الحماوة في الشارع، برز من خلال المواجهات المتنقلة خلال الأسبوعين الماضيين.
ولا يميّز الناخبون في هذه الدائرة بين اللوائح إلا بالإستناد إلى الخطاب السياسي، كما أضافت المصادر نفسها، والتي اعتبرت أن تشتّت الصوت السنّي قد تحوّل إلى هاجس لدى بعض المرشحين، وبالتالي، اندفعوا نحو خطاب تحريضي خالٍ من الموقف السياسي، وأوضحت أن أهالي العاصمة الذين كانوا الأكثر برودة في التعاطي مع الإستحقاق النيابي منذ بدء الإستعدادات الميدانية، قد انتقلوا اليوم إلى موقع المراقبة للوضع القائم، وبالتالي، فهم سيتّخذون قرارهم بالتصويت للائحة معينة من اللوائح التسعة، وذلك وفقاً لانسجام مواقفها مع الثوابت الوطنية، ومع الخطاب السياسي الهادئ والبعيد عن التخوين والشتائم والتحريض داخل البيت الواحد والشارع الواحد.
ومن الناحية الفعلية، فإن المعركة الرئيسية في دائرة «بيروت الثانية»، تدور حول الصوت التفضيلي السنّي، وذلك بين ثلاث لوائح أساسية من أصل 9 تخوض غمار السباق الإنتخابي النيابي، إذ أن الناخبين السنّة هم حوالى 220 ألف ناخب من أصل 347، لكن نسبة الإقتراع ستكون الأساس في هذه المعركة، كما كشفت المصادر نفسها، التي توقّعت أن لا تزيد هذه النسبة عن خمسين في المئة وفق التقديرات الأولية. وعزت هذا الواقع إلى فتور واضح لدى المواطنين في الإقبال على صناديق الإقتراع، ويجري الحديث عنه في الصالونات، وفي بعض الأوساط الحزبية البيروتية. ولذلك، فإن اللوائح تسعى إلى حثّ الناخبين من أجل زيادة هذه النسبة، والحؤول دون فوز لوائح الأحزاب الرئيسية التي تستفيد من خسارة اللوائح غير المكتملة، والتي لا تضم وجوهاً تقليدية، مع العلم أن بعض القيادات الحزبية في العاصمة تعمل على استدراك الوضع، وتعديل مقاربتها للمعركة الإنتخابية، من خلال هندسة خاصة لتوزيع الأصوات، تقوم أولاً على الخروج من حالة العشوائية والفوضى السابقة، والإنتقال إلى حالة من التـــنظيم والإندفاع المدروس من أجل الإستجابة لتحديات القانون الإنتخابي، وفي مقدمها إقفال الباب أمام أي خروقات، خصوصاً في اللوائح الرئيسية، وذلك في موازاة العمل على حشد القوى الناخبة، ورفع نسبة الحاصل الإنتخابي، مع العلم أن تشتّت الصوت السنّي، قد بات أمراً واقعاً، وتسعى كل اللوائح إلى التعاطي معه، وذلك من خلال إدخال تعديلات على خارطة الماكينات الإنتخابية، وتركيز كل واحدة منها على استقطاب الأصوات وتجييرها بشكل متوازن على المرشحين من دون التمييز بينهما، وهو ما تقوم به ماكينة تيار «المستقبل»، كما كشفت المصادر نفسها، والتي توقّعت تسجيل حالات انسحاب لبعض المرشحين في اللوائح التي تعتبر «ضعيفة».