من قلب الأسى والحزن اللذين يغمران عقلي وقلبي وكلّ جوارحي بعد الكارثة المفجعة التي لا تستحقها بيروت ولا أهلها الطيبين، أتوجه اليكم جميعا بتحية إكبار وتقدير في ما تتعرضون له من محنة ومأساة خارج حدود الطبيعة والقدرة الانسانية، وامتحان كبير ومصيري للصمود في وجه أعتى العواصف وأبلغها ضرراً وأذى عليكم وعلى أسركم.
إنني أدعوكم الى الصبر والصمود وعدم الاستسلام للبلاء الذي حلّ بنا، فوق ما نحن فيه من محن اجتماعية واقتصادية ومالية ووطنية متراكمة، كلّها موجع وكلها لا يجد سبيلا الى حلول جدّية وعملية للخروج تنهي المعاناة المستمرة منذ سنين بأشكال مختلفة.
من حقّكم ألّا تثقوا بالمسؤولين، وأن تطالبوا برحيلهم جميعاً، وأن تحمّلوهم مسؤولية الخراب والدمار اللذين حلّا بنا وبمدينتنا وبوطننا وبأهلنا على مدى الأشهر الماضية بالذات.
ومن حقكم أن تعبّروا عن غضبكم، بل ان تصرخوا في وجه كل الظلم والظالمين من القادة والمسؤولين الذين أمعنوا في استغلالكم واستثماركم من أجل مصالحهم ومكاسبهم ونفوذهم وسلطتهم الزائفة والجشعة والاستئثارية.
من حقكم ومن حق اولادكم، ان تلعنوا الظلام الذي يُخيّم على لبنان وعلى اللبنانيين من جراء السياسات البائسة والمدمّرة والتخريبية التي يتمادى اصحابها في غيّهم ولا مبالاتهم، حتى لو أدى ذلك الى تحويل وطننا الحبيب لبنان الى دولة فاشلة ومفلسة.
عليكم أن تتحركوا وتنفضوا عنكم غبار الطائفية والزبائنية والمحسوبية والفئوية والمناطقية وتترفعوا عن الصغائر والمنافع.
قدرنا هو مواجهة كل التحديات والمصائب. قدرنا هو التعاضد ورصّ الصفوف والابتعاد عن الاحقاد والضغائن وتصفية الحسابات. قدرنا هو العضّ على الجراح وبلسمتها وتضميدها. قدرنا هو عدم التخلي أو التنازل عن حقوقنا المشروعة وموجباتنا المستحقة.
بيروت ستبقى منارة الشرق وزهرته. وأهلها سيبقون طليعة قافلة الابداع اللبناني، وأهل الاعتدال والانفتاح على العصر وعوامل الحداثة والتقدم.
نتطلع إلى غد أفضل.. لبنان بكل ابنائه ومكوناته سيبقى الأمل والرجاء.. ولا أمل لنا ولا ملجأ سواه.. والله هو الحامي والمنقذ والمعين.