في الوقت الّذي خرست فيه ألسن المسؤولين اللبنانيّين بعد صدور بيان الديوان الملكي السّعودي في شأن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الرياض يومي 15 و16 تموز المقبل ومعرفة استبعاد لبنان من حضور “القمّة المشتركة” التي دعا لعقدها العاهل السّعودي وتمّت دعوة الاردن ومصر والعراق لحضور هذه القمّة فيما استثني لبنان فبدا منبوذاً من الدّول العربيّة التي صرفت النّظر عن دولة تحت الاحتلال الإيراني متمثّلا بذراع إيران العسكري حزب الله وتكتفي هذه الدولة المصادر قرارها بقوّة السّلاح والصواريخ وتدخّل حزب الله في كلّ الدّول العربيّة فيما تكتفي هذه الدّولة بالطّلب من الأخوة والحكّام العرب بتقدير ظروف لبنان!!
وفي الوقت الذي كانت تتباكى فيه التحليلات والمقالات السياسيّة على لبنان الّذي أقصي عن هذه القمة خصوصاً أنّ لبنان يعيش في ظلّ عهد ورئيس جاء به حزب الله، في هذا الوقت بالذّات كانت السيّدة ماجدة الرّومي مساء الخميس 16 حزيران تقف على مسرح القبّة العالميّة في مدينة جدّة في موسم جدة 2022 ليل وتقدّم حفلاً غنائيّاً ضخماً حضره الآلاف من الجمهور السّعودي الّذي صفّق لبيروت ولبنان الّذي غنّته ماجدة في جدّة في حفل “ساحر” كما وصفته تغريدات وتعليقات الذين حضروا هذا الحفل.. حضر لبنان بيروت والسعوديّة ومدينة جدّة بعنفوان ماجدة وإبائها بكلمات بسيطة جدّاً توجّهت بها إلى الصحافيين اختصرت كلّ ما يمكن أن يقال “نحنا منحبّ بيروت” في الوقت الذي تعاني بيروت من حصار وتجاهلٍ لإعادة إعمار نصف المدينة بعد انفجار المرفأ المروّع والممنوع التحقيق في تداعياته والمتورطين في سلسلة طويلة من الإهمال والتخلّي عن المسؤوليّة لكشف المتسبّبين به، تحدّثت عن لبنان وموقعه وهويّته العربيّة مثلما تحدّثت عن السعوديّة وتمنّت لها الخير ودوام الأمن والازدهار وعن مدينة جدّة الجميلة والعامرة، هذا أفضل ما حدث للبنان في حفل السيّدة ماجدة الرّومي في موسم جدّة وهو أفضل ما حدث للبنان لأنّ ماجدة الرّومي قامت بتمثيل وجه لبنان الحقيقي الوجه الذي يغضّ الجميع النّظر عن كلّ محاولات حزب الله البشعة لتغييره بكلّ ما أوتيَ من قوّة تغيير وجه إيران ليصبح “الجمهورية الإسلاميّة في لبنان” في وقتٍ تضطر فيه الدّولة أن تطلب من حزب الله أن يرفع صوره عن أوتوستراد المطار لأنّ لبنان موعود بموسم سياحي ناجح حتّى يخفون الأدلّة على أنّ لبنان تحتلّه إيران من الباطن على يد حزب الله!
مع كلّ أغنية وكلّ كلمة شدت فيها أو صرّحت بها ماجدة الرومي في جدّة مثّلت فيها لبنان ووجهه الحضاري بالرّغم من كلّ الأقنعة البشعة التي يسعون لأن يخفوا وراءها حقيقة وجوهر لبنان الإنساني الأصيل، تذكّرت الرئيس المصري جمال عبد النّاصر ولم أكن يوماً من المعجبين به ولا بنظامه ولكنّ يقال هذا الرّجل له درجة ذكاء حادّة في لحظة سقطت فيها مصر وأهينت وحوصرت أيضاً بعد هزيمة حزيران العام 1967 وعندما اتصلت السيّدة أم كلثوم بمكتبه بعد عرقلة في إنجاز جواز سفرها ووقتها المضغوط بمواعيد حفلاتها فتدخّل عبد النّاصر وطلب إصدار جواز سفر ديبلوماسي فوق العادة لأم كلثوم لأنّها خير من يمثّل مصر، عندنا في البلد المخطوف أيّ عهد سيتحلّى بمنح ماجدة الرّومي جواز سفر ديبلوماسي لتمثيلها للبنان الحضارة الذي تحمله رسالة ومسؤوليّة أخذتها على عاتقها في كلّ مدينة ودولة ومسرحٍ وقفت عليه ولم تتزلّف فيها لأحد ولم تنافق أحد وبقيت دائماً الأصيلة الجميلة في تمثيل لبنان وشعبه تماماً مثلما أصبحت رمزاً للعرب وسفيرة للعالم العربي في أسوأ أيامه.
كان من الضروري أن نتوقّف باحترام كبير وبكلّ تقدير أمام ما تفعله السيّدة ماجدة الرّومي، إذ ما الذي في استطاعتنا أن نكتبه طالما نحن ندور وندور في حلقة من سيسمّي النّواب المنتخبون لرئاسة الحكومة ما داموا مشرذمين يفضّلون أن تذهب أصواتهم هدراً عوضاً عن الاتفاق بينهم وبين فرقاء آخرين هم الأقرب إليهم على كلّ الأصعدة، حتّى الآن يبدو أن نتائج فوز التّغييريّين والسّياديّين والمستقلّين وفوقهم “العفاريت الزُّرق” ذهبت سُدىً والرّغبة في إحداث فرق ما قد ذهب أدراج الرّياح وبات من الواضح أنّ الشّباب لا خبرة لديهم لا في العمل السياسي ولا الوطني وأنّ يلعبون دورهم السياسي على طريقة “بيت بيوت”!! وما الّذي باستطاعتنا أن نكتبه بعد ما قاله “الحيط” نائب حزب الله الحاج محمّد رعد بأنّ حزبه رئيس حكومة “يعرف قدر وأهمية المقاومة في حماية البلاد” وأنّ الحزب غير متوهّم بأنّ هذا الرّئيس العتيد “سيكون من الأولياء أو من الملائكة” وماذا باستطاعتنا أن نقول أمام رغبة العهد في أن يكون صهره المدلّل وزير خارجيّة فيما هو موضوع على لائحة الشّعب السّوداء بعدما أسقطته الـ”هيلا هو” بعيداً عن العقوبات الأميركيّة وهو غير مرغوب بوجوده دوليّا وعربيّاً، وتنتهي لعبة التكليف السّمجة والأسماء المقترحة بحسب نظريّة “تكليف نجيب ميقاتي من دون أن يؤلّف ويبقى رئيس حكومة لتصريف الأعمال فهل هناك أسوأ من الاستمرار بحكومة مشلولة في لحظة يبدو فيها أنّه سيكون من الصّعب جدّاً انتخاب رئيس للجمهوريّة على جري عادة حزب الله في التّعطيل حتى فرض رئيس للجمهوريّة يكون أداة في يده ويدين بالولاء لجمهوريّة انتظار المهدي وإقامة دولته وتشكيل حكومته العالميّة!