IMLebanon

المرفأ “ماشي” والإيرادات تتراجع 30%

 

تشديد الرقابة الأمنية من قبل الجيش

 

 

عاش مرفأ بيروت “ويلات” حروب دُوّنت في تاريخ لبنان. أحدث وأفظع تلك الويلات كان انفجار المرفأ عام 2020. “بور بيروت” الذي يحتلّ موقعاً استراتيجياً للعبور البحري في لبنان والمنطقة والذي كان “مُستباحاً” أيضاً من “حزب الله” مثل سائر مرافق الدولة، كان مهدّداً بالقصف بهدف فرض حصار بحري من قبل إسرائيل. لكنّه ولغاية الساعة وبعد مرور شهرين على شمول الغارات المناطق اللبنانية كافة، لا يزال في منأى، على غرار المطار عن المواقع المستهدفة. الى أي حدّ أثّرت الحرب على حركته وبالتالي على إيرادات الدولة؟

 

 

رغم الحرب وما تحمله من ضغوطٍ تدميرية وتهجيرية ونفسية وخسائر اقتصادية، إلا أن البلد “لا يزال ماشي” لناحية الاستيراد والتصدير وتلقّي المساعدات من خلال مجاله الجوّي الوحيد مطار رفيق الحريري الدولي ومعبره البحري الأساس مرفأ بيروت. فالأخير يعمل بشكل شبه طبيعي رغم تراجع إيراداته. وفي المطار، بقيت طائرات الـ”ميدل إيست” الوحيدة المدنية التي “تغامر” في الأجواء اللبنانية.

 

 

تصل خطوط بواخر الشحن إلى المرفأ وتفرغ حمولتها رغم أن بعض شركات التأمين أوقف التغطية للبواخر التي تتّجه الى المياه اللبنانية وترسو في المرفأ، إلا إذا كانت الشركة العالمية “مرموقة” ومعروفة وتؤمّن التغطية لحالات الحرب.

 

 

وتيرة الحركة في مرفأ بيروت كما تبيّن لـ “نداء الوطن” التي اطّلعت عن قرب على آلية العمل، “ما زالت شبه طبيعية على كل المستويات، لناحية الاستيراد والتصدير”، كما أوضح لنا المدير العام لمرفأ بيروت عمر عيتاني. مؤكّداً أن الـ “بور” استطاع فعلاً خلال العام الجاري المحافظة على مستويات الاستيراد والتصدير نفسها، إلى أن بدأت أزمة البحر الأحمر فتأثّرت حركة الملاحة بشكل عام في المنطقة”.

 

 

وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء، نستحضر واقعة تغيير بعض شركات الشحن وجهة عبورها من البحر الأحمر بسبب الهجمات التي شنتها قوات الحوثيين في اليمن ضد الناقلات العابرة، في أيار الماضي. إلا أنه سرعان ما تمّ إيجاد مسار آمن للعبور ولكن بخطّ أطول وأكثر كلفة من خلال عبور سفن الشحن “رأس الرجاء الصالح”، وهو ممرّ بحري يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول القارة السمراء في مسار يربط بين المحيطين الهندي والأطلسي.

 

 

حركة شبه طبيعية بالأرقام

 

بالعودة إلى الحركة في المرفأ التي هي شبه طبيعية، تبيّن الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن إدارة المرفأ، أن حركة البواخر والترانزيت في الـ “بور” سجّلت تراجعاً للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 2024، فبلغت الحاويات النمطية برسم الاستهلاك المحلي وبرسم المسافنة (ترانزيت بحر- بحر) 575,424 حاوية مقارنة مع 621,781 حاوية في العام 2023 أي بانخفاض بنسبة 7,46% وهي نسبة مقبولة في هذه الظروف. ومقارنة مع العام 2022، سجّلت الأشهر التسعة الأولى من 2024 أي لغاية أيلول، زيادة بنسبة 7,9%.

 

 

أما بالنسبة إلى حركة الحاويات التي أمّت مرفأ بيروت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024 برسم الاستهلاك المحلّي فقط (من دون ترانزيت)، فبلغت 415,794 حاوية نمطية مقارنة مع 403,152 حاوية في الفترة نفسها من 2023 أي بزيادة نسبتها 3.14%. ومقارنة مع العام 2022، سجّلت الحركة في العام 2024 تراجعاً في الأشهر التسعة الأولى أي لغاية أيلول بنسبة 2.7%.

 

 

إيرادات المرفأ المتوقعة تتراجع

 

مقابل تلك الحركة المتأرجحة، كم بلغت إيرادات المرفأ؟ يجيب عيتاني عن هذا السؤال، فيقول إن “إيرادات مرفأ بيروت بين عامي 2023 و 2024 جاءت متوازنة تقريباً في بعض الأشهر، لكن من المرتقب حسب التوقعات أن تتراجع الإيرادات لفترة عام وتحديداً في  العام 2024 بنسبة 30%؜ عن السنة الماضية”.

 

 

 

– ماذا تغيّر في الإجراءات أو التدابير التي تتّخذ في المرفأ في مرحلة ما قبل الحرب وما بعدها؟

 

 

“ليس هناك تغيير بمعنى الكلمة”، يؤكّد عيتاني. مضيفاً: “عمدنا مع الجهات والوزارات المعنية المولجة منح التأشيرات للبواخر إلى تسريع وتيرة العمل، لجهة تفريغ البواخر وإخراج البضائع وتحديداً المواد الغذائية والطبية. مع الإشارة إلى تزايد التشديد الأمني من قبل الأجهزة الامنية وعلى رأسها الجيش اللبناني (مخابرات الجيش).

 

 

 

– هل جرى البحث مع وزارة الأشغال العامة والنقل في التدابير التي ستتّخذ، في حال حصل حصار أو تمّ وقف العمل في مرفأ بيروت لدواعي الحرب؟

 

 

 

يجيب عيتاني: “هناك خطة طوارئ وضعتها الحكومة اللبنانية في حال حصل أي تطوّر، والتعامل مع أي خطة سيكون وفقاً لحجم الحدث. وهناك خطة لإجلاء الموظفين من المرفأ في حال حدوث اي طارئ لضمان سلامتهم. كما هناك خطة تعاون مع سائر المرافئ الحكومية”.

 

 

 

واستناداً إلى أحد الوكلاء البحريين العاملين في المرفأ الذين تحدّثت معهم “نداء الوطن”، تبين لنا أن محطات الحاويات في مرفأي بيروت وطرابلس تعمل بشكل طبيعي طوال العام 2024، ويصل عبرها نحو 80% من التدفقات التجارية إلى البلاد. وبذلك فإن حركة شركة CMA CGM لنقل الحاويات والشحن في مرفأ بيروت على سبيل المثال لا تزال مستقرة وكل الشحنات لا تزال على موعدها، ومن حيث الأحجام، لم يطرأ أي تغيير كبير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

 

 

 

واستجابة لاحتياجات السوق أطلقت CMA CGM خدمة جديدة، مع خط مباشر من بيروت إلى جبل علي في الإمارات العربية المتحدة.

 

 

ويعتبر الرابط المباشر الوحيد بين منطقتي الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط، ممّا يعزّز سلسلة التوريد في الخليج ويدعم القطاع الزراعي في لبنان. إذ ستمكّن هذه الخدمة المزارعين اللبنانيين من خلال توفير ممر بحري موثوق، من نقل منتجاتهم في ظل الظروف المثلى.

 

 

 

وعلى مدار أسبوع واحد، نقلت الخدمة بالفعل 1053 حاوية مبرّدة، مع الصادرات بما في ذلك من بين منتجات أخرى العنب والبطاطا والفواكه المختلفة مثل الخوخ والنكتارين والكاكي.

 

 

التغطية التأمينية في المرفأ

 

طبعاً، الحركة التي نشهدها في المرفأ تتطلب توفير التغطية التأمينية لها في الأيام الطبيعية، ماذا عن أيام الحرب تلك وماذا لو تعرّضت البواخر الراسية والحاويات والبضائع إلى أضرار من جرّاء عمل حربي؟

 

 

 

هذا الأمر أجاب عنه رئيس نقابة الوكلاء البحريين في لبنان مروان اليمن، فأوضح أن التأمين ينقسم إلى نوعين: “التأمين على هيكل الباخرة ضد أي أذى قد يصيبها والتأمين على البضاعة الموجودة على متن ناقلة الشحن”.

 

 

 

بالنسبة إلى التأمين على هيكل الباخرة، يقول اليمن، انه يكون “ضدّ أي أذى قد يلحق بجسمها (الهيكل، تماماً كما السيارة) وهي المخاطر الاعتيادية، كأن تغرق الباخرة على سبيل المثال أو أن تتعرّض لأضرار ناتجة عن العواصف أو التصادم. وبما أن نسبة 99,99% من البواخر مملوكة من شركات خارجية، يتمّ التأمين لدى شركات تأمين خارج البلاد”.

 

وتغطية الحرب كالوضع الذي نعيشه في لبنان تتطلب، كما يقول اليمن، “إضافة بند war risk surcharge على الباخرة والبضاعة على حدّ سواء، بما يستدعي إضافة مبلغ على قسط التأمين الذي يسدّده الناقل البحري للرحلة عادة بغض النظر عن نوع البضاعة المتواجدة على متن الباخرة”.

 

 

فالتاجر مالك البضاعة المستوردة، له الحريّة في تأمين المنتوجات لتغطية أي ضرر قد يلحق بها في حالة الحرب. علماً أن شركات تأمين أوقفت تغطية تلف أو تضرّر البضاعة التي تصل إلى لبنان بحراً بفعل الحرب عموماً ما عدا بعض الشركات المعروفة والكبيرة والتي تكون تقاضت قسطاً تأمينياً مرتفعاً.

 

وفي ما يتعلق بأقساط التأمين على الشحن البحري العادية لم ترتفع كلفتها، واستناداً إلى اليمن، “يبلغ متوسط قسط بوالص التأمين البحري لحاوية الـ20 قدماً (أي 22 طناَ) نحو 75 دولاراً والكلفة مضاعفة للـ 40 قدماً”.