ربما، يجدر باللبنانيين توجيه تحيّة للطفل خالد الشبطي، الذي عبر حواجز التفتيش كافة في مطار بيروت من دون جواز سفر. إذ بفعلته، أثار حفيظة المعنيين بمراقبة الأعمال في المطار وحثّهم على التحرك لتفقد أحواله. فبعد أيامٍ على الحادثة، اتجهت «لجنة الأشغال العامة والنقل» برئاسة النائب محمد قباني إلى مطار رفيق الحريري الدولي للإطلاع على سير العمل ومناقشة موضوع السلامة والخدمات فيه.
لم ينكر قباني أن قضية الطفل أكدت وجود ثغرة أمنية، إلا أنه لم يعزُ السبب إلى عدم الكفاءة بل لنقص العديد، كاشفاً أن «جهاز أمن المطار يعمل بجهود 170 عنصراً، في حين أن حاجته الفعلية تصل إلى حدود الـ360 عنصراً».
وبحسب المصادر المتابعة، فإن ما يُفاقم من حدّة المشكلة هو وجود تضارب في الصلاحيات بين الأجهزة الأمنية العاملة في المطار، وتعدد مصادر الأُمرة فيه، إذ يتألف جهاز أمن المطار من قسم يخضع لإدارة قيادة الجيش وثانٍ يخضع لإدارة قيادة قوى الأمن الداخلي وثالث يخضع لإدارة الأمن العام ورابع لإدارة الجمارك، ما يخلق جواً من التضارب وقلّة التنسيق.
وتطرّق الاجتماع الذي عقد في قاعة جهاز أمن المطار، أمس، وضمّ إضافةً إلى رئيس لجنة الأشغال وأعضائها، كلا من قائد جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط وممثلين عن الأجهزة الأمنية (غاب ممثل الأمن العام) ورؤساء المصالح في الطيران المدني، إلى مسألة التشكيلات العسكرية التي تحصل بين الفينة والأخرى من دون علم قائد جهاز أمن المطار، بحسب ما قالت المصادر.
وفي التفاصيل أنّه في أغلب الأحيان يتم تبديل وتشكيل العناصر العاملة في المطار، كلٌ بحسب الجهاز العسكري الذي ينتمي إليه، بعد أن يكونوا قد خضعوا لكل التدريبات المطلوبة واعتادوا دورة العمل. كما أنه يحصل في بعص الأحيان أن يتم فرز عدد من العناصر الجُدد أقل من العدد الذي تم تشكيله من المطار.
كلّ ذلك دفع بقباني إلى المطالبة بأن يكون جهاز أمن المطار إدارة مستقلة يخضع لها كل العاملين فيه، مُهدداً أنه «في حال استمرت هذه التصرفات فإننا سنعلن أسماء الأجهزة التي تُعرقل العمل في المطار وتتلاعب بأمنه».
وخلال الزيارة التفقدية، طفا العديد من الإشكاليات على السطح. الازدحام الشديد في المطار واحدة منها. يُدرك المواطنون بمجرد الوصول أن قاعاته ستضيق بهم. الأمتعة مبعثرة في كل اتجاه، حتى يكاد المارة يقعون أرضاً بسببها. معظم المسافرين يسايرون الملل بانتظار إقلاع طائراتهم، وقد اتكأ بعضهم على الجدران أو افترش أرض القاعة.
المشهد الأفدح حصل عند دخول قباني وزملائه إلى القاعة لتفقد جهاز الـ«Selfie Check In» الجديد إذ صرخ أحد المسافرين: «شوفولنا حليّ مع هالنطرة». فرد قباني قائلاً: «من غير المقبول أن يُمضي المواطنون نحو 3 ساعات بانتظار انتهاء الإجراءات الروتينية التي تسبق صعودهم إلى الطائرة»، مشيراً إلى أن «ذلك يعود لنقص العديد والحاجة إلى توسيع قاعة المطار».
في حين أشارت مصادر من مصلحة الطيران المدني إلى أنّ هناك سببا إضافياً، إذ إنّ «مطار رفيق الحريري أُنشئ ليستقبل 6 ملايين مسافر سنوياً، إلا أننا تخطينا هذا العدد لنصل إلى 7 ملايين مسافر في العام الماضي، ومن المرجح أن يرتفع العدد مع نهاية هذا العام»، موضحةً أن «هناك بحثا جديا في احتمال توسيع المطار أو إضافة بناء جديد إليه».
وعن قضية «مطمر الكوستا برافا» الذي حاول قباني التخفيف من مخاطره على المطار، كشف أنه «تم تركيب معدات لإبعاد الطيور عن مدرجات المطار، وتسيير سيارات صفراء في محيطه مُجهزة وتُصدر ذبذبات للغرض عينه أيضاً»، كان لأحد الاختصاصيين في مصلحة الملاحة الجوية رأي مغاير.
وأوضح الأخير أن «مخاطر المطمر لا تقتصر على جذبه للطيور إنما في الانبعاثات السامة التي تصدر عنه»، مؤكداً أن «غاز الميثان الذي يصدر عن طمر النفايات يؤثر في الضغط الجوي وبالتالي يُهدد سلامة الهبوط والإقلاع للطائرات التي تعتمد على معدلات ثابتة».
وكان قباني أعلن أن الطيران المدني سيعود، ابتداءً من ظهر اليوم، إلى استخدام المدرج البحري، وبالتالي ستتوقف الطائرات عن التحليق فوق أجواء العاصمة.