IMLebanon

«بيروت مدينتي» في طريق الجديدة: مبادرة للنقاش

«بلدية بيروت، دائرة الحدائق»، تقول اللافتة الحديدية المعلّقة على باب حديقة قصقص مُنبئةً الرواد بجملة من «الممنوعات». هنا، في الحديقة التي ليست إلّا جزءا «مُقتطعا» من حرج بيروت المُقفل أمام الناس، يبدو الإهمال واضحا. الجزء «المُباح» من «حرش العيد»، لا يحظى باهتمام البلدية.

لا «مغروسات» تستدعي منع الأطفال من إدخال الطابة خوفا عليها، وفق لائحة الممنوعات، ولا أزهار لـ «يحافظوا عليها». قد تبدو لزائرها مجرّد «فناء خلفي» للحرج، مُتاح لمن يبحث عن «متنفّس» في المنطقة التي تعاني إكتظاظا سكانيا كبيرا، وندرة في المساحات الخضراء المفتوحة، بحسب دراسة إستقصائية أجرتها حملة «بيروت مدينتي» عن منطقتي طريق الجديدة والمزرعة.

داخل هذا المجال العام، أقامت الحملة أمس، مساحة نقاش حول «شؤون المنطقة» التي تعاني، وفق الحملة، مشاكل عديدة: بطالة، زحمة السير وعدم وجود مواقف سيارات كافية، هدم المباني التراثية، أزمة الإيجارات القديمة، البنية التحتية المتردية، ندرة المساحات الخضراء المفتوحة.

يأتي هذا النقاش ضمن سلسلة من مساحات نقاش بدأتها الحملة منذ نحو أسبوعين في عدد من أحياء المدينة، وتسعى الى «تكوين نواة للجان أحياء تُمثّل صلة وصل بين الناس والمجلس البلدي المؤتمن على مصالحهم».

حضور أهالي وسكّان طريق الجديدة والمزرعة، الفئة المُستهدفة من النقاش، كان خجولا، أمس. غالبية الحاضرين هم «ناس» الحملة، سعوا خلال الجلسة الى «استقطاب» روّاد الحديقة ودفعهم للحديث عن مشاكلهم التي يُعانونها. حاول منظّمو الحملة «دغدغة» الأهالي ودفعهم نحو «مكامن أوجاعهم» للحديث عنها، لكن قلّة استجابت للدعوة.

«لو عندي شغل، ما كنت بسكّر الطريق»، قال أحد الشبان القاطنين في طريق الجديدة في مداخلته، مُشيرا الى أن العاطلين من العمل هم «أزلام السياسيين». شكا الشاب من «السجل الأسود» الذي يُوصم به الشاب عندما يقرّر أن يكون «زلمة أحد»، وعن صعوبة «التوبة» إذا أراد إصلاح الأمر. أعطى مثالا عن لجوء صاحبه الى بيع الخضار في البسطة بعيدا عن السياسة وكيف أن البلدية «منعته من الاستمرار في عمله بسبب غياب من يدعمه». «هل ستؤمنون لنا فرص عمل؟»، سأل الشاب أعضاء الحملة، فأتاه الجواب على لسان المرشح مروان الطيبي: «سنعمل على بناء مدينة تستقطب استثمارات لنخلق فرص عمل»، فيما قالت المرشحة منى حلّاق: «للبلدية إمكانات هائلة، لا ندّعي خلق فرص عمل، لكننا نستطيع القيام بمبادرات ترعى سياسات اقتصادية مختلفة عن تلك التي كانت تعتمدها المجالس المُتعاقبة».

هاجسٌ آخر عبّر عنه بعض المتحدّثين من سكان المنطقة وهو غياب مواقف السيارات و الإكتظاظ السكاني وزحمة السير الخانقة. أحد المُشاركين في النقاش أشار الى أن زحمة السير الخانقة تبلغ ذروتها ايام السبت، ذلك أن «معظم الذين ولدوا في الحي، سكنوا خارجه وفي الضواحي نتيجة ارتفاع اسعار العقارات، ويأتون لزيارة أهاليهم أيام السبت»، فيما تساءلت شابة أخرى: «ماذا عن مواقف السيارات التي ندفع عليها نصف أجرنا؟». فكانت الإجابة عن هذه الهواجس من المرشح المهندس المعماري والاستشاري في التخطيط المدني عبد الرحيم جبر بأن هناك خطة نقل عام سيجري العمل عليها. لا يمكن الاشارة الى معضلة موقف السيارات في طريق الجديدة من دون الإشارة الى المشروع المخطط للملعب البلدي في طريق الجديدة من قبل المجلس البلدي الأخير الذي يقضي الى تحويله الى موقف ضخم للسيارات، على أن يُنقل الى حرج بيروت (http://www.al-akhbar.com/node/225224)، لذلك ركّز أعضاء الحملة على ضرورة رفض هذه المشاريع «الإسمنتية» والعمل على خطة للنقل الحضري في المدينة والسعي الى الحفاظ على المساحات الخضراء لا القضاء عليها.

وعلى الرغم من ان الحملة بدت مُدركة لمشاكل المنطقة ومتحمسة للإستماع عن مشاكلها، الا ان غياب أهلها عن حضور ساحة النقاش والتجاوب مع أعضاء الحملة، يُضعف ما يصبو اليه النقاش. ثمة من قال أنه وجب على أعضاء اللائحة أن يبذلوا مجهودا مضاعفا في هذه المنطقة لجذب الناس اليها لا لطابعها السياسي «الخاص» (المحسوب على تيار المستقبل الذي يعد الخصم الأبرز لها) فحسب، بل لأنها تحوي مشاكل تستلزم جهودا مُضاعفة للعمل عليها.

خلف إحدى الشجرات، يقف شاب يهز برأسه ويوافق على ما يُقال حول عدم أحقية إقفال الحرج أمام الناس، «هل تؤيد ما تطرحه هذه الحملة؟»، يقول: «نعم، هم على حق». من ستنتخب؟ «لست في سن الإنتخاب، لكن أهلي سينتخبون الحريري، ما في كلام». هل ستُقنعهم أن يعدلوا عن خيارهم؟ «سأحاول، لكنني أستبعد، ربما عليهم الانتظار حتى ابلغ سن الاقتراع»، يقول ضاحكا. فيما يُقاطع الحديث أحد الشباب المتحدّثين على الميكروفون بالقول: «قبل ما تحطوها زي ما هي، شمّوا ريحة الزبالة»!