IMLebanon

“القوات” لا تنام والعونيون Cool والشيخ نديم أمام اختبار جديد

 

آخر اللمسات الإنتخابية في دائرة بيروت الأولى

 

 

رواد مقاهي شارع ساسين ومتفرعاته يرتشفون القهوة عند المغيب. هو أسبوع الإنتخابات النيابية – 2022 الأخير. كم يمرّ الوقت حقاً بسرعة. وبشير، الشيخ بشير، واقفٌ كما الرمح في صورة مذيلة بعبارة: ترتفعون… يبقى لبنان. إننا في دائرة بيروت الأولى، في منطقة الأشرفية بالتحديد، التي عصت على كثير كثير من الغزاة فاندحروا عند أبوابها. فهل هي استعدّت جيداً الى انتخابات يتجاذبها كثيرون؟ هل كلمة الأشرفية، ستكون، كما دائماً، واحدة، بوجه لا يتغيّر ولن يتغيّر؟

 

نقف عند المستديرة ونمشي في كل الإتجاهات. مقرات كثيرة افتتحت لكل المتنافسين من الأحزاب والتيارات والتغييريين. ولكل طرف طبعاً إستعداداته وحساباته. بسام سابات، المسؤول عن المكتب الإنتخابي للمرشح على لائحة القوات اللبنانية جهاد بقرادوني، يجلس مع مجموعة من الشباب. ضيافة القهوة على مدار الساعة. سابات يتحدث عن «حركة جهاد»: «حقّق حراكاً في بيروت الأولى وهو، كلما واجه مشكلة، يتعامل معها بطريقة Cool. يرشف «رجاله» القهوة ويخبر أحدهم: «قبل يومين تناولنا العشاء هنا، في هذا المكتب، وقلت له: كاس سعادتك، أجابني: أنا جهاد». يتحدث «رواد المكتب» عن خصال بقرادوني لكن، ماذا عن التوقعات؟ عن العراقيل؟ عن قراءة «المكتب» عن إنتخاب المغتربين؟ الإجابة سريعة: «نحن نقوم بكل ما يفترض القيام به والباقي على الله». في المكتب شباب «مؤيدون» لا قراء ومحللون. نفهم ذلك. نخرج من مكتب بقرادوني الإنتخابي فنصادف «توك توك» مكتوباً عليها: جهاد بقرادوني. سيارات التوك توك دخلت في السبق الإنتخابي أيضاً .

 

على بعد أمتار، مكتب القوات اللبنانية الإنتخابي في الأشرفية. أعلامٌ وصورة كبيرة للمرشح غسان حاصباني وثانية «للحكيم». الإجتماعات مفتوحة. اللقاءات تتوالى. إستنفارٌ إنتخابي جميل. شباب يأتون. شباب يغادرون. والمسؤول عن المكتب يجزم: لا ننام ويوم تنتهي الإنتخابات، مساء 15 أيار، تنتهي مهمتنا «الإنتخابية» لتبدأ أخرى. لكن، ما الفرق «على الأرض» بين إنتخابات 2018 وانتخابات 2022 بالنسبة الى القوات؟ يجيب المسؤول عن المكتب الإنتخابي «إقتنع الناس اليوم أنهم أمام مشروعين لا ثالث لهما: مشروع الدولة، المتمثل ببرنامج القوات، ومشروع الدويلة المتمثل بـ»حزب الله» نحن أمام آخر خرطوشة. إذا لم يُصوّت الناس «صحّ» ينتهي لبنان. وإذا أعطانا الشعب وكالة نيابية وازنة، ندخل من خلالها الى الحكومة، سنتمكن من إحداث التغيير المرجو. ويستطرد بالقول: 35 في المئة من الشعب المسيحي «محزّب» وهناك 65 في المئة من الشعب غير «محزبين». هؤلاء قادرون جميعاً على استعادة الدولة».

 

كلامٌ كثير يدور في الأشرفية منه «أن المسيحيين في العاصمة بيروت، خصوصا في الأشرفية، مثقفون بغالبيتهم وهذا ما يجعل كل التوقعات المسبقة، المستندة الى أرقام وتوقعات سابقة، غير حقيقية. في دائرة بيروت الأولى كلام كثير عن أن المسيحيين «مخيّرون» وغير «مسيّرين»، لهذا سيعاقبون في 15 أيار من «فجّر» مدينتهم.

 

نتجه صعوداً، نحو بيت الكتائب. هنا قُتل بشير قبل أربعين عاماً. عشر سيارات، أكثر بقليل، «مفيمة»، من نوع جيب شيروكي أسود، خرجت تباعاً. أحد المخاتير خرج للتوّ. وعبارة كبيرة تتصدر البيت: «إذا الحرب إنتهت فإن الثورة اللبنانية لم تبدأ بعد». ألفرد ماضي في الطبقة الأولى. ناشطون يدخلون ويخرجون. وهادي طحطح، المسؤول عن الماكينة الإنتخابية الكتائبية في بيروت الأولى، يتحدث عن تحضيرات حزبه: «نعمل منذ أربعة اعوام، منذ انتهت إنتخابات 2018، وانطلقنا منذ ستة أشهر بطاقة كاملة، ولم يتوقف تواصلنا مع الناس حتى حين استقال الشيخ نديم».

 

مرجعية الأشرفية لمن؟

 

نصل الى اللبّ، الى ترشح الشيخ نديم مجدداً اليوم، لكن لأول مرة، هناك مرشح آخر عن نفس المقعد على لائحة القوات اللبنانية، وهو جورج شهوان. يقول مدير مكتب نديم الجميل الكولونيل نديم فارس: «الشيخ نديم ترشح دائما ضمن تحالفات لكنه يريد هذه المرة إثبات أن مرجعية الأشرفية ستكون له، لهذا قرر تشكيل لائحة مستقلة، وننتظر معه لنرى أولاد الأشرفية الى من سيقترعون». لكن، هل هذا هو الوقت المناسب لتحديد المرجعيات في وقتٍ وصلت فيه البلاد الى الحضيض؟ يجيب: «السياسة مسار طويل، ونديم الجميل يصرخ وحيداً منذ خمسة أعوام، لكن لم يجب أحد عليه. في كل حال، بعد الإنتخابات، سنلتقي مع كل من لديهم الإستراتيجيا الواحدة والتكتيك السياسي الواحد، وسنكون يدا واحدة».

 

هناك، في بيت الكتائب، يعترضون على الكلام الذي يقارن بين بشير ونديم ويقول مدير مكتب نديم «لا يجوز ذلك. فبشير اسطورة أما نديم فهو الواقع اليوم، ولديه شخصيته».

 

نغادر بيت الكتائب. ثمة تعليمات واضحة في بيت الكتائب قبيل 15 أيار: الحضور إلزامي يومياً، السبت والأحد ضمناً، حتى تاريخ 15 أيار 2022.

 

هنا منطقة الأشرفية 63 شارع 60. في هذا الشارع قتل البشير. وحين نقول بشير نقول قوات. و»الأشرفيون» لأول مرة ربما سيختارون بين إثنين هما لكثيرين واحد. وإحدى بنات الأشرفية تتذكر «أن اليوم الذي اعتبر فيه ميشال عون في 2005 أنه حقق «تسونامي» كان يوم نادى بطروحات بشير، بطروحات الدولة لا المزرعة، ويومها مشى معه كثيرون. اليوم لن يمشي هؤلاء مع من انقلب على طروحاته ويمشي مع الدويلة».

 

على مستديرة ساسين، مكتب إنتخابي برتقالي. هنا نسمع نفس العبارة التي سمعناها في مكتب جهاد بقرادوني: Cool. ثلاثة او أربعة شباب يجلسون تحت صورة كبيرة لرئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. الشعار: كنا ورح نبقى هون. نسألهم: لماذا ترددون أنكم «كول»؟ تجيب إمرأة: نجلس ولا نعمل «شوشرة» ولا Panic.

 

نفهم أن المسيدة Cool أيضاً. لكن، كيف يستعدون ليوم الإنتخابات؟ يقول أحد التياريين «ستكون معركة ضروساً. المعارك في كل مكان». يأتيه إتصال فيجيب بقوله «شو العشا شاورما فريش». أما من هم في الداخل فيحسمون الكلام: رولا غرّة هي منسقة التيار في بيروت الأولى. وهي ليست هنا».

 

كلام يسري عن دفع مال هنا وهناك وهنالك. الجميع يتحدث عن الجميع حين يصل الكلام الى المال الإنتخابي. بيارتة يتحدثون بدورهم عن إتصالات ترِد عن دولارات وخدمات و»روشتات» (وصفات) أدوية وبطاقات سوبرماركت بدأت توزع.

 

نمرّ مجددا أمام بيت القوات اللبنانية الإنتخابي في الأشرفية. ثمة نساء يصلّين في باحة المكتب الخارجية مسبحة الوردية. إنه شهر أيار شهر العذراء.

 

ست لوائح في بيروت الأولى وهناك 39 مرشحاً سيتنافسون على ثمانية مقاعد. وعدد الناخبين هو 134 ألفاً و886 ناخباً. لائحة لوطني تنطلق من مقرّ «حملة دفى». بوليت سيراكان ياغوبيان خرجت مع شقيقتها للتوّ. والناشطون يتابعون تدوين أرقام وجمع أرقام وحذف أرقام . روجيه حداد هو رئيس الماكينة الإنتخابية في مكتب بولا (بوليت) ويقول «نحن نعمل على تشجيع الناس على الإنتخاب، بغض النظر من سينتخبون. الأهم أن يشاركوا. والتجاوب كبير. وأعتقد أن المعركة ستكون قوية». ينتبه رئيس الماكينة الى صورة بولا يعقوبيان مذيلة بعبارة أرزة من بلادي فيضعها جانبا قائلا: «لا تحب أن نضع صوراً لها». ويتابع في شؤون الإنتخابات «نحن ضدّ كل الأحزاب. ونحن حاولنا أن نلتقي مع من قالوا أنهم تغييريون وأن نتوحد معا لكنهم خلقوا أعذاراً. هؤلاء تغييريون وهميون. هناك من اندسوا «ليفرفطوا» الحركة التغييرية».

 

التغيير الأرمني

 

يتحدث حداد عن أن كثيرين من الأرمن ينتفضون اليوم على حزب الطاشناق (حليف التيار الوطني الحر في الإنتخابات). الأرمن يريدون هم أيضا التغيير. جيل الأرمن الجديد الى جانب التغيير ويتعاطف الشبان والشابات معنا» وفي الأرقام يقول «هناك 26,094 أرثوذكسيا في بيروت الأولى و17,717 موارنة، و36,793 أرمن أرثوذكس (منطقة المدور كلها ارمن)، وهناك 14,298 مسلماً سنيا (إنتخب منهم في 2018 4680 ناخباً). وهناك 384 من الطائفة الدرزية (سيعطون لائحة أنطوان الصحناوي بعدما ضمّ وائل أبو فاعور قريب الصحناوي راجي السعد الى لائحة تحالف القوات والاشتراكي في دائرة عاليه). ويوجد 13,351 روم كاثوليك.

 

الجميع في دائرة بيروت الأولى يضعون آخر اللمسات على انتخابات 2022 البرلمانية. ويتحدثون عن أن من يراهن على الناخبين الأرمن ليصبوا معاً في خانة الطاشناق يُخطئ. فالأرمن يريدون أيضا الدولة لا الدويلة، وهاغوب بقرادونيان يعرف ذلك تماماً. المزاج الأرمني سيشهد اختلافاً كبيراً اليوم وهم كانوا من بين الذين دفعوا ثمن تفجير بيروت، وهاجر منهم من هاجر.

 

أيام وتحصل الإنتخابات. نترقب.