فشل المفاوضات بين السنيورة وبدر والدرزي مشوّش
للمرة الاولى منذ العام 1996 تخاض الانتخابات النيابية من دون تيار «المستقبل». غيابه أربك كل القوى التي تتحضر لخوض المعركة الانتخابية وسيهدد حكماً بتراجع نسبة الاقتراع في العاصمة بيروت في صفوف الناخبين السنة على وجه التحديد، ما سيخفض الحاصل الانتخابي في بيروت الثانية والذي بلغ العام الماضي 11439، ويكون سبباً في تشتت التصويت على أكثر من لائحة تستفيد منه قوى سياسية سنية كان حظها في الفوز محدوداً بوجود «المستقبل»، فصارت امكانية فوزها بأكثر من حاصل واردة.
حتى الساعة تستعد بيروت الثانية لتنافس خمس لوائح:
– الثنائي الشيعي غير مكتملة وسيحدد اسمها اليوم وسيتم تسجيلها في غضون الساعات المقبلة.
– لائحة «بيروت بدها قلب» يترأسها رئيس حزب «الحوار الوطني» فؤاد مخزومي.
– لائحة «هيدي بيروت» لرئيسها رئيس نادي الانصار لكرة القدم نبيل بدر متحالفاً مع الجماعة الاسلامية.
– لائحة الاحباش غير مكتملة.
– لائحة الوزير السابق خالد قباني المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة. يتنافس هؤلاء على احد عشر مقعداً موزعة بين ستة مقاعد للسنة، مقعدين للشيعة ومقعد درزي، مقعد إنجيلي ومقعد أرثوذكسي.
اللوائح لم ينته تشكيلها بعد، والصراع يحتدم وسط تشرذم قائم بين القوى السياسية والفاعليات البيروتية وقوى التغيير على اختلافها. فبعد اطلاق لائحة نبيل بدر»هيدي بيروت» وقبيل اعلان خالد قباني لائحته والتي يشرف عليها الرئيس فؤاد السنيورة، تظهّر الخلاف على قرار بيروت الى العلن بين اللائحتين البيروتيتين المشكّلتين من العائلات. وذكرت المعلومات ان المستشار الخاص للرئيس سعد الحريري أحمد هاشمية هو الذي قاد عملية تشكيل لائحة «هيدي بيروت»، وسعى الى سحب العميد محمود الجمل من فريق بهاء الحريري وضمه للائحة بهدف التأسيس مع لائحة السنيورة، التي يقودها قباني، للائحة بيروتية موحدة في مواجهة لائحة الثنائي الشيعي، لكن المفاوضات باءت بالفشل. أصر بدر مدعوماً من هاشمية على تقاسم المقاعد الاحد عشر مع قباني بحيث يكون لكل فريق خمسة مرشحين فيما يبقى مرشح الجماعة الاسلامية كحالة وسطية يغرف من الطرفين، سيما وانه يملك كتلة من 5000 ناخب في بيروت، وبعد التشاور رفض السنيورة اعطاء بدر خمسة مقاعد لعدم اقتناعه بالمستوى التمثيلي للشخصيات المرشحة على لائحته، ما أفشل جهود الفاعليات البيروتية التي نادت بضرورة التصدي للائحة الثنائي التي تضم «سنّة من الدرجة الثانية» ولا يمثلون المدينة وطروحاتها. سيدعم السنيورة لائحة مكتملة لكن هواجسه كثيرة من بينها تدني نسبة الاقتراع. راهن بداية على دار الفتوى والعائلات ودعم بيت الحريري ونوعاً ما «المستقبل» ومجموعة العشرين واستنهاض السنة في مواجهة «حزب الله» وتغيير وجه بيروت العاصمة، لكنه لم يستطع شد العصب بالشكل المرجو وسط الحرب التي تشن عليه من «المستقبل».
ولم تنجح لائحة جمعية المشاريع في استقطاب اسماء من العائلات الكبرى انما من هم على ضفاف الجمعية او يدورون في فلكها، رغم طرحهم المبكر بالتمايز عن الثنائي فيما طغى الانقسام على لوائح المجتمع المدني بعد اجتماعات علت فيها اصوات المجتمعين وتم تبادل الاتهامات، مما حوَّل الصوت المدني الى اصوات متعددة. وفشلت مساعي المخزومي في ضم الحراك المدني الى لائحته فاستعاض عنه بمرشحين عن العائلات البيروتية: حسن عفيف كشلي، لينا مومنة وعبد الله رياض عيتاني، مع ملاحظة وجود ستة مرشحين من عائلة عيتاني موزعين على كل اللوائح تقريباً، لكونها من كبرى عائلات بيروت التي يطمح الكل الى نيل تأييدها. وفي ما يتعلق بالمقعدين المسيحيين (انجيلي وارثوذكس) فهما الأضعف لكونهما ملحقين وليسا اساسيين. يخوض النائب ادغار طرابلسي معركته عن المقعد الانجيلي على لائحة الثنائي الذي تبنى ترشيح رمزي معلوف (ارثوذكس) عن القوميين. والمتوقع احتدام المعركة بين خليل برمانا على لائحة بدر وميشال فلاح على لائحة السنيورة.
اما المقعد الدرزي والذي كان يحسم سابقاً لمرشح «الاشتراكي» على لوائح «المستقبل» وسط غياب مرشح للثنائي الشيعي، فوضعه اختلف مع حسم الثنائي ترشيح نسيب الجوهري من الحزب «الديمقراطي» ما يهدد حظوظ مرشح «الاشتراكي» فيصل الصايغ، اللهم الا في حال انقسم الصوت الشيعي بين المرشحين، والذي يحتسب مرشح المجتمع المدني وليد فخر الدين. الناخب الدرزي ليس اساسياً هنا ونسبة اقتراعه في الدورات السابقة لم تزد على 2000 صوت من اصل 5000 ناخب، يصوت معظمهم لـ»الاشتراكي». المعلومات تقول ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال على موقفه بعدم اخراج حليفه وليد جنبلاط من اللعبة، ولذا قد لا يخوض الثنائي معركته في مواجهته لكنه لن يخوضها لمصلحته بالتأكيد.
ويستعد الثنائي الشيعي، الذي افترق انتخابياً عن المشاريع، لوضع اللمسات الاخيرة على لائحته في بيروت الثانية والتي ستضم: «أمين شري ومحمد خواجة عن الشيعة، مهى شاتيلا، عبد الله مطرجي، معتصم فوزي ادهم عن السنة. لا يميل الثنائي لاقفال ترشيحات السنة لادراكه صعوبة فوزه بهذا العدد في بيروت. حظوظه مع غياب الحريرية السياسية قد تؤهله لتحقيق اربعة حواصل في بيروت الثانية.
يتوقع مصدر بيروتي متابع الّا تزيد عملية التصويت عن 23 بالمئة على مستوى السنة بعد تعليق الحريري مشاركته وتياره بالانتخابات النيابية المقبلة ترشيحاً واقتراعاً، ولا يخفي المصدر ان هدف الحريري الاساسي اليوم هو كسر اي قوة تحاول السيطرة على بيروت وابطال تفاعلاتها، خصوصا تلك التي خرجت من رحم «المستقبل» كلائحة السنيورة في بيروت وخارجها. ويضع السنيورة ثقله في توافر عناصر النجاح للائحة المدعومة من قبله وهو يلتقي بكل المرشحين ويسعى للتواصل مع كل مفاتيح مدينة بيروت بالتعاون مع اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، الذي رشح على لائحته ماجد دمشقية وبشير عيتاني في وقت لا تبشر الاستطلاعات الانتخابية على الارض بحظوظ وافرة لمرشحي اللائحة، اللهم الا بدخول عامل الدعم السعودي في اللحظات الاخيرة وتوافر العامل المالي على سبيل تحفيز الناس على الانتخاب.
التشرذم هو السمة الغالبة على تحضيرات دائرة بيروت الثانية انتخابياً. تراجع نسبة الاقتراع ان حصل سيعيد خلط الاوراق، بما يعزز حظوظ الاحباش ومخزومي والثنائي الشيعي وبدر فيما المجتمع المدني منقسم على ذاته وسيتوزع مرشحوه على لائحتين غير مكتملتين وفق ما يظهر حتى الساعة.