Site icon IMLebanon

انتخابات «بيروت الأولى» تُعيد نغمة تقسيم البلديّة

 

 

رسّخ قانون الانتخابات النيابية الهجين انشقاق بيروت الى دائرتين «شرقية» و«غربية» فأعاد الى الأذهان صورة الحرب الأهلية المقيتة التي أزهقت فيها أكثر من ٢٠٠ ألف روح وسبّبت دماراً وتغييراً ديموغرافياً وأضراراً اقتصاديّة ونفسيّة وسياسيّة لا نزال نُعاني منها. وكأن أهل العاصمة لا يكفيهم تشرذماً وتباعداً بإسم السياسة والزعماء، ليأتي من يطلِقُ نغمة التقسيم الجديدة-القديمة التي عانى منها لبنان الأمرّين والتي من شأنها ضرب وحدة العاصمة بيروت التي هي رمز وحدة لبنان.

 

بالأمس القريب نادى المرشّحان الى انتخابات ٢٠١٨ النيابيّة في دائرة بيروت الأولى آنذاك، ميشال فرعون وميشيل تويني، وبعض الأصوات المنفردة المحسوبة على التيار الوطني الحرّ، بتقسيم بلدية بيروت «شرقية» و «غربية» بذريعة الحصول على الإنماء المتوازن الذي حرمت منه دائرة بيروت الأولى «الشرقية» على حدّ زعم المطالبين بالتقسيم. واليوم تعود النغمة على لسان رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني الذي يريد العمل على استحداث مجلس تقريري محلّي في دائرة بيروت الأولى بذريعة رفع نوعيّة العيش فيها.

وإن كنّا مع حقوق أهلنا في هذه الدائرة لجهة تنفيذ المشاريع الإنمائية، الّا انه فات التقسيميين أنّ طرحهم يتعارض مع العيش الواحد في بيروت وينمّي الأحقاد بين البيارتة. بل أكثر من ذلك، هذه الصيغة تُعزِّز الطائفية السياسية في بيروت وتُناقض روح الدستور واتفاق الطائف الذي يُنادي بإلغاء الطائفية السياسية. كما ان هذا الطرح فيه من الاستفزاز ما من شأنه إثارة النعراتِ الطائفيّة والمذهبيّة وهي جريمة يُحاسب عليها القانون اللّبنانيّ. ومن الناحية العملانيّة، هل أخذ هؤلاء بالحسبان الشق الإداري واللوجستي والمالي لهذا الطّرح، أم أنّ حدود الكلام لشدّ العصب الانتخابي الطائفي؟

إنّ من الأجدى أن يُلاحق هؤلاء الأسباب التي أدّت الى تعطيل المشاريع الإنمائية التي أعدّت لمدينة بيروت ككلٍّ، وليس فقط لبيروت الأولى، وخصوصاً انه معلومٌ أنه في بيروت يرعى القانون استثناءً في تقسيم السلطات فيها، ذلك أن سلطتها التنفيذية تعود إلى المحافظ الأرثوذكسي عرفاً، بينما يتولى رئيس المجلس البلدي وأعضاؤه السلطة التقريرية. أمّا إذا كان الهدف التقسيم لأجل إعادة تموضع طائفي، فحينها يجب استلحاق المطالبة بتقسيم البلدية بالمطالبة بتعيين محافظ لكلٍّ من الدائرتين بحسب الطائفة!

هل تتحمّل بيروت المزيد من التقسيم والشتات؟