IMLebanon

بيروت وفيَّة لزعامتها السُّنية والوطنية

 

كنب المحامي د. أحمد مكداش:

 

حتى وقت قريب لم يكن المواطن اللبناني والبيروتي تحديداً على بيّنة واضحة من موقف الزعامة السنيَّة والوطنيَّة التي يمثلها الرئيس «سعد الحريري» من المشاركة كخيار سياسي كلاسيكي أو المقاطعة كخيار ديمقراطي وسيادي تبنّاه أخيراً في الانتخابات النيابيّة المحدّدة في8 و 15أيار 2022.قرار شجاع وحكيم اتخذه الرئيس الحريري كما قراره بالاستقالة بعد ثورة 17 تشرين 2019 بالرغم من التهديدات التي تعرض لها لمنعه من هذه الاستقالة التي جنّبت اللبنانيين من الوقوع في الفتنة وضربت طموحات العهد والحالم الرئاسي.

 

جاء هذا القرار أيضاً بعد تعطيل العهد مهمّة الرئيس الحريري المكلف بتشكيل الحكومة بعد جريمة تفجير المرفأ الإرهابيّة لمدة 9 أشهر، وبعد فشل المبادرة الفرنسيّة في المساعدة على تشكيل حكومة مُهمّة من اختصاصيين مستقلّين طوال هذه المدة، وقبول الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في النهاية بتشكيل حكومة برئاسة «نجيب ميقاتي» بمواصفات العهد البرتقالي والأصفر. وقد شكّل هذا الأمر ضربة لسيادة لبنان ونظامه الديمقراطي وعاصمته بيروت التي أعاد إليها الرئيس الشهيد «رفيق الحريري» تألقها وسحرها بين الشرق والغرب منذ اتفاق الطائف الذي رعته المملكة العربيّة السعوديّة في سنة 1990، ولغاية اغتياله في سنة 2005.

في المقابل ستكون الانتخابات القادمة في دائرة بيروت الثانية فرصة للشخصيّات السنيّة من خارج «فلك الحريري» للظهور والمشاركة وتحقيق نتائج أفضل بغياب التيار الأزرق. ولعلّ المنافسة الأبرز على مستوى محاولات استقطاب القاعدة الشعبيّة لتيار المستقبل ستكون بين لائحة «هيدي بيروت» التي يرأسها نبيل بدر رئيس نادي الأنصار، المعين رئيساً لمجلس أمناء صندوق الزكاة، والمتحالف مع النائب عماد الحوت عن الجماعة الإسلامية، والقيادي السابق في تيار المستقبل العميد المتقاعد محمود الجمل، ولائحة «بيروت تواجه» التي يرأسها الوزير السابق خالد قباني، والمدعومة من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، المتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية.

ويبدو أن مزاج الشارع المستقبلي يميل نحو المقاطعة المنسجمة مع خيار الرئيس الحريري في عدم المشاركة في الانتخابات النيابيّة لتسجيل موقف ديمقراطي حر وسيادي لجملة أسباب ذكر منها في خطاب تعليق عمله السياسي وعزوفه عن الترشح للانتخابات ما يلي:

1-تحمله للمسؤوليّة الوطنيّة وعدم تمسكه بالموقع السياسي بسبب اعتباره من قبل بعض اللبنانيين ركناً من أركان السلطة المسؤولة عن الكارثة التي وصل إليها لبنان، والمانعة من تمثيل سياسي جديد يمكنه تقديم الحلول للبلد والشعب.وهو نفس الدافع الذي أدى إلى استقالته بعد ثورة 17 تشرين 2019.

2-كذلك تحمله لمسؤولية تشكيل الحكومة بعد تفجير المرفأ في 4 آب 2020، ومن ثم اعتذاره عن التكليف بعد عرقلة مهمته ومنعه طوال 9 أشهر من تشكيل حكومة اختصاصيين وفق المبادرة الفرنسية.

3-قناعته بعدم وجود فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني، والتخبط الدولي، والانقسام الوطني، واستعار الطائفيّة، واهتراء الدولة.

الكل يتحدث عن بيروت، ولكن بيروت ستتحدث عن نفسها أيضاً.ستقول أنها وفيّة لزعامتها السنيّة والوطنيّة، وفيّة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولحامل الأمانة الرئيس سعد الحريري. ستتكلم عندما تعطي صوتها، وهذا واجب وحق وخيار حر عند أهلها، وكذلك هي تتكلم عند صمتها، وهذا وفاء للكبار والأوفياء، وحق ديمقراطي وسيادي، وحرية موقف وترفّع عن مناصب مهترئة في دولة مهترئة.

هناك عشر لوائح ستتنافس علىأحد عشر مقعداً في دائرة بيروت الثانية: 6 سنّة، 2 شيعة، 1 درزي، 1 روم أرثوذكس، 1 إنجيلي، وهي التالية:

1-هيدي بيروت:يرأسها نبيل بدر، وتضم النائب السابق عماد الحوت عن الجماعة الإسلامية، والعميد المتقاعد محمود الجمل، ومستقلين.

2-بيروت تواجه:يرأسها الوزير السابق خالد قباني، وتضم النائب في اللقاء الديمقراطي فيصل الصايغ، وميشال فلّاح مرشّح حزب القوات اللبنانية، وهي لائحة الرئيس السابق فؤاد السنيورة.

 

3-بيروت بدها قلب: يرأسها النائب فؤاد مخزومي(رئيس حزب الحوار الوطني).

4-لبيروت: يرأسها النائب عدنان طرابلسي، وهي لائحة جمعية المشاريع الاسلامية (الأحباش).

5-وحدة بيروت: هي لائحة الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وتضم عبد الله مطرجي (الأحباش)، والنواب أمين شرّي عن حزب الله، ومحمد خواجة عن حركة أمل، وإدغار طرابلسي عن التيار الوطني الحر.

6-بيروت مدينتي: يرأسها فيصل تمراوي، وتضم ناشطين من ثورة 17 تشرين والمجتمع المدني.

7-بيروت التغيير:تضم ابراهيم منيمنة، ونقيب المحامين السابق ملحم خلف، ومجموعات من ثوار 17 تشرين والمجتمع المدني.

8-لتبقى بيروت:هي لائحة مدعومة من السيد«بهاء الحريري»، وتضم محافظ بيروت السابق نقولا سابا وأسماء قريبة من حركة «سوا للبنان»والمجتمع المدني.

9-نعم لبيروت: هي لائحة تضم مستقلين وناشطين غير حزبيين.

10-قادرين:هي لائحة تابعة لحركة «مواطنون ومواطنات في دولة»، وأمينها العام الوزير السابق شربل نحاس.

في انتخابات 2018 فازت لائحة المستقبل لبيروت بـ 6 مقاعد نيابية في دائرة بيروت الثانية مقابل 4 مقاعد للائحة وحدة بيروت، ومقعد للائحة لبنان حرزان للنائب فؤاد مخزومي.وفي انتخابات 2022 يُنتظر أن تكون المنافسة الأقوى في هذه الدائرة بين لائحتي وحدة بيروت، ولبيروت، المحسوبتين على حزب الله وحلفائه من جهة، ولوائح هيدي بيروت، وبيروت تواجه، وبيروت بدها قلب، المحسوبة على القوى السنيّة المعارضة لحزب الله من جهة ثانية. ولا يبدو أن هناك فرصة كبيرة أمام المرشحين الجدد والمستقلين والثوار والمجتمع المدني لإحداث خروق في ظل تشتت هذه القوى بين لوائح عديدة، ولعدم وجود مؤشّرات لقدرتها على استقطاب الناخب البيروتي الذي لا يزال ملتزماً بقرارات الرئيس المعتدل والزعيم الوطني سعد الحريري.