Site icon IMLebanon

«بيروتنا»: مظلّة جامعة للتغيير تجنُّباً لـ«حزب الكَنبة»!

 

 

هي محاولة بيروتية للمّ شمل التغييريين في الدائرة الثانية خصوصاً في ظل المعركة غير المتكافئة اليوم بين هؤلاء والمنظومة الحاكمة.

 

«بيروتنا». «مظلّة وطنية جامعة» وُلدت قبل أيام لتشكيل إطار جامع للبيارتة المعارضين للسلطة الحالية إنطلاقاً من العاصمة، من دون أن يعني هذا عدم شمول المعركة مع السلطة مختلف الساحات حيث تستطيع تلك المجموعات.

 

جاءت المبادرة من «ثوار بيروت» لتوحيد رؤية مجموعات رئيسية ثلاث تنشط اليوم ولا ترتبط بالضرورة بالمجتمع الأهلي: «بيروت تقاوم»، الجبهة الحراكية الكبرى التي ضمت «تحالف وطني» و«المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» و«لنا» و«بيروت مدينتي»..، والجبهة التي ضمّت مجموعات مثل «خط أحمر» و«عامية 17 تشرين» و»منتشرين» وغيرهم.. وجميعهم حضر مع مرشحيه المحتملين في الانطلاقة قبل أيام في فندق «الكومودور» حيث غصّت قاعة الاحتفال بالمشاركين.

 

الفشل اليوم أخطر

 

يشرح القيادي البيروتي المُخضرم في «ثوار بيروت»، المجموعة التي تعمل بكثافة منذ الأيام الأولى لتاريخ 17 تشرين الأول 2019، مروان الأيوبي، أسباب إنشاء المظلة.

 

هي أتت قياسا لقراءة لمجريات الاستحقاق الانتخابي بعد الاستخلاص بأنه لا يشكل مشهداً يبشر بالخير من حيث اختلافات قوى التغيير بين بعضها البعض، بغض النظر عن أسباب الخلاف، شخصية كانت أم سياسية أم نتيجة «الإيغو» لدى البعض. ويشير أيضاً إلى تزامن الأمر مع عدد المرشحين من المجتمع الاهلي اليوم بغياب مرجعية سعد الحريري الذي يؤثر على الصوت السني بالانكفاء ويؤثر على مسألة إحساس غالبية المرشحين بامتلاكهم حظوظ النجاح.

 

وبذلك يمكن فهم القلق من مشهدية إنتخابات 2018 حيث كانت تعددية اللوائح ما أدى الى اعادة تعويم السلطة، ما دفع الى هذه المبادرة. لكن الأخطر بالمعنى السياسي، حسب الأيوبي، هو انعكاس الفشل على فكرة الثورة نفسها. «في السابق كان المشهد مزيجاً من مجتمع مدني وأهلي، وهذه المرة هناك مجموعات تغييرية وسيكون من شأن سقوطها في حال تعمقت اختلافاتها ضرب فكرة الثورة والتغيير من الداخل، وعودة الالتحاق بالمنظومة».

 

والواقع أن الاستحقاق الانتخابي يشكل محطة اساسية فرضت نفسها بالتوقيت، «وقررنا ان نبادر تحت مظلة «بيروتنا» والنون هنا ليست ملكية ونحن منفتحون لإعادة بيروت إلى دورها فهي ليست فقط عاصمة إدارية بل لديها هويتها».

 

أكثر من خرق في حال..

 

يريد المبادرون تشكيل قوة ضغط على المجموعات كما على المجتمع الاهلي لتظهير لائحة موحدة وتوفير رافعة لهذه اللائحة على أمل خرق في جدار المنظومة.

 

من هنا جاء لقاء «الكومودور» الذي قدّم مشهدا بيروتيا نخبويا. ولكن أليس على التغيير أن يستمد نبضه من واقع المهمشين اجتماعيا؟

 

 

يشير الأيوبي إلى أن الطبقة المتوسطة والحيثيات العائلية في إمكانها تحقيق التغيير وقد تركت الأزمة أثرها على هذه الطبقة المتوسطة العصيّة على الخرق من قبل السلطة، وجاءت فكرة المظلة لمواجهة الحصار اليوم كما واجهته بيروت في العام 1982، علما انه اليوم أشد كونه يهدف الى تغيير هويتها الثقافية والاجتماعية.

 

والتحدي لا يقتصر على الانتخابات وهي محطة عابرة بل يتعداه الى ما بعدها وثمة عمل لتشكيل لجان تُعنى بالحياة الثقافية في العاصمة ونظافتها وتشجيرها وتفعيل كل اشكال الحياة فيها، «وتشكيل دينامية حركية لنصل الى الاستحقاق البلدي لإعادة تشكيل كامل للحياة في بيروت».

 

يؤكد أن مزاج البيارتة يحمل غضبا من المنظومة وقلق يومي على المعيشة والصحة وكل مناحي الحياة والتحدي اليوم بين ترجمة هذا الغضب أو الانتساب الى «حزب الكنبة» على حد تعبير المصريين.

 

وإزاء المهمة التي تبدو جدّ صعبة، يلفت الى أنه في حال تشكيل البديل الجدي للسلطة عبر لائحة موحدة بشخصيات مقبولة، فإن أكثر من خرق إنتخابي سيتحقق.

 

أين القيّمين على بيروت؟

 

شرع المؤسسون في مشاورات حثيثة ويعملون على تظهير لجنة لتقييم الترشيحات وآليات عمليّة، لكن المسألة غير واضحة تماما في هذه اللحظات كون المسرح لم يتمخض عن المرشحين الجديين للمبادرة تجاههم، فالانتخابات ليست مقعدا في البرلمان بل دور للتشريع وسن القوانين وخدمة أهل المدينة وخصوصيتها.

 

«نريد إعادة الألق لها ومقاربة همومها في الأمن والكهرباء والنظافة، فهل يعقل مثلاً أن نجد في بعض أحيائها ومنها مثل شارع الحمراء برازاً بشرياً؟!». ويسأل: أين القيمين على بيروت؟ هم باتوا فاقدي الدور والهوية لا لون ولا طعم ولا رائحة لهم، هم لم يقدموا أي شيء للمدينة تماما كالمنظومة التي استباحت البلد واستبدت به.

 

يصارح بيارتة كثر بأنهم تعرضوا في السابق لعملية تعرية وعادوا الى عصبياتهم الأولى، لكن بيروت ستعود إلى هويتها العربية والثقافية مساحة للحرية ولكل تنوع، وكما رفضت رفع الاعلام البيضاء ماضياً، «فإننا لن نرفعها أمام المنظومة السياسية الحاكمة في البلد»، يختم الأيوبي.