المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان لرفع أنقاض فاجعة ٤ آب أقوى من كل مكونات السلطة مجتمعين، واقوى من كل السلاح المتفلت، واقوى من كل المساعدات الغذائية والطبية، واقوى من الأكثريات والأقليات النيابية، واقوى من التهديدات والتوبيخيات الإقليمية والدولية، واقوى من الأحزاب والتيارات، واقوى من تهيؤات وخرف النخب الثقافية والإعلامية والأكاديمية، واقوى من العصبيات المذهبية والطائفية والمناطقية والعائلية، واقوى من أمراء الحرب وأدوات القتل والدمار.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان في الصيفي والجميزة والأشرفية والمدور أقوى من المراجعات وعمليات نكء الجراح، واقوى من ثقافة الكراهية والتباعد السوداء ومن خطب التهكم والاستهتار، واقوى من تسلط الوصايات والمخابرات والسفارات، واقوى من صناع الفتن الغرائزية وأصحاب الطموحات الثأرية على حساب استقرار الناس، واقوى من أوهام المغردين والمغردات، واقوى من عشاق السلطة ومغانمها ورموزها وأمجادهم الجوفاء، واقوى من تهديد ووعيد الأعداء بالحرب والدمار.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان بكل ثقة وإيمان أنهت أزمنة الخوف والاختباء والانكفاء، وأنهت كل مهارات رواد إعادة عقارب الزمن الى الوراء، وأنهت كل فصاحات لغة التحريض والتعبئة الرعناء، وأنهت ثقافة الاستقواء بالغرباء على الأهل والشركاء في الوطن والمصير، وأنهت تفوق السلاح على الغناء والكتاب، وأنهت بطولات صناع الحواجز الوهمية بين المناطق والطوائف والأجيال وتقطيع الأوصال، وأنهت التشوهات العميقة في العقول والنفوس المتوارثة خلال عقود الوضاعة والضياع وتحويل لبنان من وطن جميل الى ساحة قتل ونزاع للبيع والإيجار.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان لإعادة الوجه الجميل لبيروت العاصمة المعصومة عن الغدر والاستكبار على عموم أبناء الوطن بدون استثناء، وأعادت تصويب المسار بعد العبث الذي مارسته أيادي الفوضى والاستهتار التي أمعنت بالتكسير والحرق والنهب في أسواق بيروت لتشويه إرادة اللبنانيين بالتغيير والتقدم والازدهار والمضي قدما نحو بناء دولة العدالة والمساواة المحررة من وحوش الطائفية السياسية وأدواتهم الرعناء.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان أسهمت في صناعة السكينة والأمان في نفوس الأسر المفجوعة بحجم انعدام المسؤولية لدى مكونات السلطة الكبار والصغار، واستطاعت صناعة الأمل والرجاء لدى الأطفال الذين تجرعوا خلال ثوان معدودة ما تجرعته الأجيال السابقة من الحروب والنزاعات على مدى عشرات السنوات، ومكانس الشابات والشباب استطاعت خلال أيام قليلة أن ترفع كل حواجز الماضي البغيض من أمام مستقبل أجيال لبنان.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان بحب وصفاء رفعت عن الوجوه والعيون ضباب الدخان، وكشفت عمق السواد والفساد في نفوس عشاق السلطة وأدواتهم الشديدة الغباء، وفتحت الطريق أمام ضيوف لبنان للتحدث بدقة ووضوح عن الإصلاح ومحاربة الفساد والتعويض عن أزمنة الغبن والاستبداد ونهب موارد الدولة ومدخرات الناس، واستطاعت مكانس الشابات والشباب أن تحمي عموم اللبنانيين من أصحاب السوابق الاتجار بأوجاع والآلام الناس، واستطاعت مكانس الشابات والشباب أن تكون الضامن الأساس لوحدة اللبنانيين واستقرار لبنان.
المكانس التي حملها شابات وشباب لبنان هي راية الوحدة الوطنية الحقيقية والشهادة القاطعة على أن أجيال لبنان الصاعدة تعلمت من مرارات الآباء والأمهات والأجداد مع الانقسامات والتموضوعات حول أوهام المذهبة والطائفية الجوفاء والعبث بأسباب الوحدة والاستقرار والانتظام العام، ومكانس شابات وشباب لبنان أثبتت أن ثروة لبنان هي شعب لبنان الذي نضج بعد مئة عام وإدراك أن الهويات الوطنية قد تضل الطريق لكنها عصية على التمزق والتشرذم والاستتباع.
وشكراً للشابات والشباب على تنظيف وتظهير إرادة الوحدة الوطنية، وعاشت ثورة المكانس في لبنان.