Site icon IMLebanon

“4 آب”: ستّة أشهر وجريمتُكم مستمرّة

 

لننسَ رواية “طائر الفينيق” الذي يقيم بيروت دائماً من الرماد. ولنؤجل الكلام المطمئِن عن عدالة السماء ومحكمة التاريخ. فهناك اكثر من 200 قتيل ايها المجرمون، ونصف المدينة مدمر على رؤوس أهلها، وآلاف العائلات لا تزال مشرّدة، وكبار سن فقدوا بيوتاً هي ملاجئهم الزاخرة بذكريات الأهل والأبناء والأحفاد، ورغم ذلك لم نرَ بعد متهماً أساسياً وراء القضبان.

 

نحن لا نعمّم على الاطلاق، ولا نُجهّل الفاعل. انتم أهل السلطة والمنظومة “عداً ونقداً” مسؤولون عن دم ألكسندرا نجار وصعوداً. كنتم على علم بخطورة النيترات، وتواطأتم لأن الدناءة في نفوسكم أقوى بكثير من الحس الإنساني، ولأن التكالب على السلطة والنفوذ أهم من القيام بالواجب، ولأنّ التغاضي، مهما كلَّف من أرواح، أفضل بالنسبة الى مصالحكم من التعرّض لتأنيب أولياء أموركم بل مشغّليكم.

 

ستة أشهر وأنتم تحتالون وتراوغون. لا استقالة “دميتكم” حسان دياب بضاعة قابلة للبيع، ولا وعود رئيس جمهوريتكم بعدالة وطنية سريعة تعفينا من “العدالة المتأخرة المهينة للسيادة” أفضت الى نتيجة، ولا رغبتكم بإعادة إنتاج سلطتكم عبر حكومة محاصصة جديدة ستقنع أهل الضحايا بأنّكم أهل لتسلم المسؤوليات وإحقاق الحق. لا يؤرقكم اليوم إلا طريقة الحفاظ على سرقاتكم التي تعتبرونها مكاسب لطوائفكم. أفقرتم الناس، وتآمرتم مع “الحاكم” المبدّد أمانة “بيت المال”، وقبلتم طوعاً عن سابق تصور وتصميم أن تبيعوا السيادة وتستبيحوا الدولة ومرافئها وتستتبعوا القضاء مقابل رئاسات ووزارات ونيابات تعاملتم معها كغنائم حرب محولين الدولة ومرافقها الى أسلاب.

 

“4 آب” رائحة دم طازج كأنّه قبلَ لحظات، دويُّه في الآذان. لم يرف لكم جفن. وبدل أن تعتبروا الحدث الجلل مناسبة لترحلوا بعدما عرَّتكم ثورة 17 تشرين، أصررتم على مواجهة المتظاهرين في 8 آب بالهراوات والرصاص واقتلاع العيون، والأنكى أنكم وضعتم العصي في دواليب المحقق العدلي، متمسكين بحصانات سقطت مذ أعلن شباب لبنان المطالبون بالمواطنية ودولة القانون أن العلة فيكم وليست في النظام، وأن منظومتكم الفاسدة هي “أصل الداء”.

 

لن نطالبكم بالإفراج عن التحقيق والمحقق. ولن نناشد القاضي صوان العودة الى الاستجوابات والاستدعاءات. فالعدالة لن تظهر قبل طرد لصوص الهيكل، واللصوص أقوياء، لكنّ الجريمة لن تمرّ بمرور الزمن، وستبقى عنوان كل ذي ضمير وأخلاق وإرادة في لبنان. وسنبقى نطالب بالعدالة دوليةً أم محليةً رغم أنكم تستحقون عقاب الثأر غير اللائق بالإنسان.