عاد الأمل ولو مبتوراً الى نفوس سياسيي طوائف الأقليات، مع نقل مقعدهم الوحيد الى دائرة بيروت الاولى حيث يمكنهم في الحدّ الأدنى ضمان وصول ممثل حقيقي لهم، غير مفروض بالمحدلة الحريرية. وعليه كثرت الترشيحات والطموحات، وباتت الحصيلة لغاية اليوم 7 مرشحين محتملين
مع خروج مقعد الأقليات عن سكة البوسطة الحريرية ونقله الى دائرة بيروت الأولى، بات يمكن للطوائف الأقلية أن تقول بصوت عال: «إيه في أمل»، ولو كان هذا الأمل منقوصاً، لأن المطلب الاساسي كان بزيادة ثلاثة مقاعد للأقليات: واحد في المتن الشمالي وواحد في الأشرفية وواحد في زحلة، تبعاً لمناطق الانتشار.
لطالما حلم هؤلاء بنائب يمثلهم ويكون مرآة لأوضاعهم ومتطلباتهم، فيما كان الواقع يعيد اليهم النائب نبيل دو فريج بالأكثرية الحريرية. والأقليات هنا تشمل السريان الأرثوذكس والكاثوليك بشكل أساسي، لثقل الناخبين الذي يشكلونه في دائرة بيروت الاولى (6384 ناخباً)، يليهم اللاتين (4012 ناخباً) الذين ينتمي اليهم دو فريج، الكلدان (1120)، الأشوريون (362 ناخباً) والأقباط.
عند الحديث عن الأقليات، من الطبيعي أن يحضر اسم رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام تلقائياً. فهو أحد المناضلين القدامى من أجل مسيحيي المشرق، وعيّن أخيراً مستشار رئيس الجمهورية ميشال عون للشؤون الدينية، إضافة الى كونه رأس حربة في نقل مقعد الأقليات الى الدائرة الأولى، وهو المقعد الوحيد الذي تم نقله من دائرة إلى أخرى. لافرام رصيد كبير ينطلق من لبنان ولا يقف عند حدود تركيا والعراق، وهو ما يدفع مسؤولين كثراً في التيار الوطني الحر إلى طرح اسمه كمرشح، خصوصاً أنه ليس طارئاً على الدائرة. أما افرام، فيكتفي بعدم التعليق، مؤكداً في الوقت عينه أن «الماكينة السريانية» ستكون موجودة حتماً في المتن الشمالي وبيروت وزحلة.
عند الحديث عن الأقليات، من الطبيعي أن يحضر اسم حبيب افرام تلقائياً
ثاني المرشحين لا يشبه الأول بشيء سوى أنه ناضل من جهته في الجيش، أكان في اللواء الثامن الى جانب عون أم من خلال قيادته للجبهة في مخيم نهر البارد حيث لعب دوراً مهماً وأساسياً في هذه المعركة. العميد أنطوان بانو (سريان أرثوذكس) هو مرشح العميد شامل روكز بشكل رئيسي، وذلك رغم عدم نجاح تجربة دخول العسكر الى السياسة، من دون نشاط يذكر في الدائرة، لا حالياً ولا في السابق.
ثالث المرشحين يدعى ميشال حبيس (سريان كاثوليك). عوني ملتزم، شغل سابقاً منصب مستشار وزير السياحة السابق فادي عبود. ما يميّزه أنه يتحلى بطموح كبير حيث حاول طرح نفسه الى عضوية بلدية بيروت ثم أكد لمقرّبين منه حلوله وزيراً في حكومة الرئيس سعد الحريري وصولاً الى طرح اسمه اليوم كمرشح عن مقعد الاقليات، رغم أنه ليس وجهاً معروفاً على المستوى الشعبي.
تقتصر الوجوه العونية أو الصديقة للتيار الوطني الحر اليوم على الأسماء الثلاثة الآنفة الذكر، فيما يتداول باسم قواتي واحد هو رياض عاقل (سريان كاثوليك) كمرشح لمقعد الأقليات في بيروت الأولى. يقول المقرّبون من القوات اللبنانية إن اسمه لم يطرح من القيادة بل تلقائياً من دائرة أصدقائه، لأنه كان مرشح الحزب الى هذا المقعد في بيروت عام 2013. ولكن حينذاك لم تكن القوات قد رشحت ثلاثة عن الأقليات والإنجيليين والأرثوذكس، لإيصال رسالة الى الحريري، أي أن الترشيح لم يكن جدياً قط، وهو ما ينطبق على الوضع حالياً.
في مقابل المرشحين الحزبيين مرشحون مستقلون لم تتبنّهم حتى اليوم أي جهة، لا علناً ولا سراً؛ الأول توفيق الهندي، أحد الملهمين السابقين لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. تحول لاحقاً الى مستشار له وممثله في لقاء قرنة شهوان، قبل أن تسوء العلاقة وينفصلا. الهندي ينتمي الى طائفة السريان الكاثوليك، وحتى الساعة، طرحه لنفسه يحمل صفة شخصية فقط، فيما الثانية تدعى جينا شماس (سريان أرثوذكس) وهي ابنة النائب السابق جميل شماس. عيّنها الرئيس السابق إميل لحود مستشارة لشؤون المال والموازنة في القصر الجمهوري، وشغلت لفترة معينة منصب نقيبة خبراء المحاسبة المجازين. وتحاول شماس منذ مدة التقرّب من المجتمع المدني.
آخر المرشحين يعيدنا الى نقطة البداية، أي الى النائب نبيل دو فريج. يشير المقرّبون منه إلى أنه لم يسمع كلمة حلوة أو مرة من تيار المستقبل لغاية الآن، وبالتالي مصيره لا يزال مجهولاً. وتتحدث هذه المصادر في الوقت عينه عن اتجاه حريري الى التخلي عن مقعد الاقليات لمصلحة أحد مقاعد الارمن الارثوذكس، وذلك لضمان استمرارية ولاية النائب جان أوغسبيان ربما بالاتفاق مع حزب الطاشناق. وفي الأساس، يسجل كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اعتراضهما على ترشيح الحريري لأحد عن مقعد الاقليات أو أي مقعد مسيحي في هذه الدائرة، ما دام عنوان الانتخابات المقبلة هو «استعادة الحقوق والتمثيل الصحيح».