هزّت عملية طوفان الأقصى كيان العدو، إذ لم تعد “اسرائيل” مكاناً آمناً للعيش، وهذا ما دفع نصف مليون “اسرائيلي” الى الرحيل عن الكيان منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول الماضي، فحركة الطيران داخل “اسرائيل” تشهد خروجاً كبيراً للسكان أكبر بكثير من حركة الوافدين، علماً أن السياحة في “اسرائيل”، والتي كانت تشكل عاملاً اقتصادياً مهماً، تعرضت الى انتكاسة كبيرة جداً بعد الحرب حتى يومنا هذا. مع الإشارة الى أنها كانت تستقبل شهرياً حوالى 300 ألف سائح، ولكن هذا الرقم انخفض في الشهر الأول للحرب الى حوالى 50 ألفاً فقط، بينما في العام 2024 لم يتحسن الحال بل ازداد سوءاً.
بالمقابل، فإن أعداد الوافدين الى لبنان ترتفع، وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع شهري تموز وآب، حيث بلغت الأعداد القادمة عبر مطار بيروت الدولي خلال ثلاثة أسابيع من شهر حزيران أكثر من 320 ألفاً، حيث يصل الى لبنان يومياً خلال هذا الشهر ما معدله 15 ألف راكب، وهنا أصل تقرير “الديلي تلغراف” الذي اتهم مطار بيروت بأنه ممر ومقر لأسلحة حزب الله وصواريخه، حيث لا يناسب “اسرائيل” هذا الواقع الذي يؤكد تمسك اللبنانيين بوطنهم.
تعاني السياحة في لبنان منذ سنوات، بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والمقاطعة العربية وغيرها الكثير، ولكن كان لافتاً بحسب مصادر متابعة أن الحركة السياحية لم تتأثر بالحرب، خاصة خلال موسم الصيف الذي انطلق مؤخراً، مشيرة الى أننا نصل الى 120 رحلة في اليوم الواحد في بعض الأيام، وهذا ما يجعل “اسرائيل” تفقد عقلها.
لا يشكل السياح القادمون الى لبنان في هذه الفترة سوى حوالى 20 في المئة من إجمالي الوافدين، فالاكثرية من المغتربين الذين يصلوا لبنان لتمضية فصل الصيف والعطل، وهؤلاء بحسب المصادر لم يتأثروا إطلاقاً بالحرب القائمة في الجنوب واحتمالات توسعها، ولا بالتهديدات اليومية بشنّ الحرب على لبنان، ولو أن بعضهم يعبّر عن بعض المخاوف بخصوص إغلاق مطار بيروت الدولي بحال اندلعت الحرب، بسبب ارتباطهم بأعمال خارج لبنان، ولكن هؤلاء يشكلون أقلية.
كذلك بحسب المصادر فإن نسبة الحجوزات لم تتأثر إطلاقاً بما تضمنه تقرير صحيفة “الديلي تيلغراف”، فالحركة لم تتتراجع بل على العكس هناك توقعات بازديادها خلال النصف الأول من شهر تموز، وهذا ما تؤكده أرقام حجوزات طيران الشرق الأوسط وغيرها، مشددة على أن حركة المطار في هذه الفترة أفضل منها في الفترة المشابهة العام الماضي.
صيف لبنان واعد بالحفلات والمهرجانات، وهذا البلد يعول كثيراً على مغتربيه الذين لم يتخلوا عنه لحظة، ورغم كل التهديدات لمطار بيروت، ومشاركة أطراف داخلية فيها، لم يتأثر المغتربون ولم يعدلوا عن قرارهم بزيارة وطنهم، ولكن ينبغي التوقف بحسب المصادر عند نيات البعض في الداخل، الذين لم يتوانوا عن الترويج لأكاذيب الصحيفة البريطانية، ولم يتركوا وسيلة إعلامية إلا وتحدثوا عبرها عن خطر المطار واقتراب الحرب، وكأن المطلوب منهم المساهمة في الترويج للدعاية “الاسرائيلية” وتخويف اللبنانيين، وهذا لا يمكن تفسيره سوى بأمرين: إما أنهم يريدون الحرب فعلاً للتخلص من حزب الله، أو انهم يريدون ضرب الموسم السياحي لإلقاء المسؤولية على الحرب والحزب في آن واحد.