»الحاقدون» على بيروت، هم أنفسهم أدوات استخدمها الاحتلال السوري على مدى ثلاثين عاماً، وها هم يخضعون اليوم لـ»إعادة تدوير» لاستخدامهم في الهجوم على قلب بيروت تحت عناوين مزيفة أهمها «الحراك المدني»، والذين يجهدون لتصوير المدينة ـ كرهاً بها وبأهلها ـ على أنها فقط «وسط المدينة» أو «سوليدير» أو الـ»داون تاون»، يتجاهلون أن رفيق الحريري عندما أعاد إعمار بيروت، أعاد بناء مدينة تتناسب بكامل مرافقها مع الألفية الثالثة، وبقدر من أبدى اهتمامه بقلب العاصمة الذي ظل دماراً وخراباً على مدى عشرين عاماً، اهتم وفي نفس الوقت وفي شكل موازٍ بكل الأسواق التي نشأت وازدهرت بعد دمار وسط بيروت التجاري، وهي أسواق تستقبل كلّ الطبقات الإجتماعيّة اللبنانيّة، فنما سوق ڤردان، وسوق الحمرا، وسوق مارالياس، وسوق بربور، وسوق الأشرفية، وسوق فرن الشباك، وشارع كورنيش المزرعة، كما منطقة الجامعة الاميركية، وسوق برج حمود هذا عدا عن الأسواق المنتشرة في جلّ الديب ومحيطها، وجونية وأسواقها، ومن يتعمّد تصوير بأنها «سوليدير» فقط، يرتكب جريمة بحقّ بيروت وتاريخها وأهلها ووسطها التجاري الذي بدأت منه الحرب الأهليّة وسرق ونهب ودمّر تدميراً ممنهجاً ولم يتبقَّ منها إلا الشجر البري ورهبة الموت وأشباح المتاريس!!
هذا الهجوم «الحاقد» على رفيق الحريري ووسط بيروت أعمى وقديم وهو لغة واجهناها عام 1998 مع مجيء إميل لحود إلى السلطة وشنّ وفريقه ومن ضمنه رئيس حكومته سليم الحصّ حملة مماثلة للتي نتابعها اليوم، بل كانت مسعورةً أكثر، وأعلن أكبر الفاسدين حملتهم يومها تحت عنوان «محاربة فساد» رفيق الحريري، ذهب هؤلاء وبقيت بيروت ورفيق الحريري وأهل بيروت، وهؤلاء سيذهبون من حيث أُتيَ بهم من مزبلة السياسيين الذين انتهت مدة صلاحيتهم بانتفاء الحاجة إلى استخدامهم من جديد!!
وسط بيروت للبنانيين قبل السيّاح العرب والأجانب، وهو ليس «أبو رخوصة» ـ ومن يريد من هذه الجماعة أن يشرب عصير برتقال أبو رخوصة» يستطيع أن يشتريه من أي مكان ليشربه وهو يتمشّى في وسط بيروت، لكلّ مدينة طابعها المميز، أما الذين يريدون أن يعيدونا إلى زمن «البسطات» أيام الحرب، فنقول لهم وسط بيروت لم تكن يوماً «سوق الدِّرْكه» حيث تتكوّم البسطات، بيروت كانت مجموعات أسواق تطورت بتطور الزمن، والذين يريدون أن يعيدوا زمن بيروت إلى ما قبل رفيق الحريري وقبل الحرب، نقول لهم: «انتبهوا.. مع هذه العودة يجب أن يعود كل شيء كما كان، وأن يعود كلّ من جاء إلى بيروت من حيث أتى، يومها كانت بيروت لأهلها، اليوم صارت للذين يعيشون فيها ويرمون في بئرها حجراً ثقيلاً!!
سمعت بالأمس نائباً من أحد أكثر التيارات فساداً يتحدث عن استرداد أملاك أهل بيروت، متجاهلاً أن إعادة إعمار وطن، لا تتمّ تحت رحمة هذا المالك وذاك وذياك من الذين لا يفكرون إلا بحدود «دكانهم» فقط، هذه العقلية لا تبني وطناً، لذا استدعت إعادة إعمار المدينة إلى عمل جبّار بحجم دمار السنين، أما حديثكم عن الملّاك فهو ذرّ للرّماد في العيون لأنّ أحداً منهم لم يملك مرّة إمكانية بناء حائط، فكيف بإعادة مدينة إلى الحياة والمحافظة على ملامحها القديمة.
مهزلة كراهية رفيق الحريري حياً وميتاً لن تنتهي، حتى بعد مرور سنوات عشر على اغتياله، ما زال اسمه أكبر بكثير من أحجام سياسيي هذا البلد وارتهانتهم، هذه «شنشنةٌ» كرهٍ لبيروت نعرفها وسمعناها في بدايات حرب تموز، وزاد الحقد على بيروت فور انتهاء حرب تموز، ولكن… بيروت باقية برغم أنوفهم، وبوسطها التجاري، ورفيق الحريري خالدٌ وباقٍ بما بناه على طول لبنان وعرضه، بكلّ منشأةً جهد في إنجازها ليواكب لبنان التطوّر العالميّ، فيما بعض السفهاء يحنّون حقداً وكرهاً إلى زمن من وسط بيروت التجاري لم يشاهدوه ولم يعرفوه ويتجاهلون أنّ الزمن تغيّر، وتخطّى بكثير بتطوره سوق اللحامين وسوق السمك وسوق الحدادين ودرج خان البيض!!
هذه مهزلة آن أوان انتهائها وانتهاء مموّليها ومحرّكيها ومن يقفون وراءها لإغراق لبنان بالفوضى، خصوصاً مهزلة الرعاية الإعلامية المتورطة بفساد قبض الأموال من «دولة عربية صغيرة» تقف متخفيّة خلف هذا الحراك «الهمجي»!!