تحت عنوان عدم تكبيد ميزانية بلدية بيروت مبلغ “16 مليوناً و290 ألف دولار”، كتعويض عما سُمّي بـ”التعدّي على العقارين 19 و20 ضمن منطقة الصيفي تعود ملكيتهما إلى حبيب رحمة”، يتّجه المجلس البلدي في جلسته المنوي انعقادها اليوم، الى احتمال إلغاء التخطيط لطريق حيوي، وإبطال عملية ضمّه إلى الأملاك العامة، بعد وضع البند من خارج جدول الأعمال، من دون تسجيل أي اعتراض، أو حتّى تعيين لجنة خبراء للإطّلاع على تفاصيل الملفّ وإصدار تقرير فنّي هندسي قانوني.
منذ العام 1947، وضعت بلدية بيروت تخطيطاً على العقارين 19 و20 كما تمّ استملاكهما، وقبض المالكون ثمنهما في الستّينات، ولكنّ مُسبّبات عدّة حالت دون تنفيذ التخطيط حينها، منها إندلاع الحرب الأهلية. بعدها، تمّ وضع تخطيط آخر يلحظ توسيع الطريق من 9 أمتار إلى 11 متراً تقريباً، أي بزيادة مترين عمّا تمّ دفعه للمالكين، ومن دون استيفاء كامل الإجراءات. أما عند التنفيذ في عهد المحافظ السابق ناصيف قالوش، فتمّ حفر الطريق وبعرض 14 متراً، أي بزيادة خمسة أمتار لم تدفع بلدية بيروت ثمنها لآل رحمة.
وبدل المطالبة بدفع كلفة الأمتار الخمسة فقط، اختار أصحاب العقارين التقدّم بدعوى أمام القضاء، يشكون فيها “استملاكاً غير مباشر لكامل الطريق”، ويعتبرون أنّ عقاراتهم “أصابها الضرر”. وعليه، طلبت المحكمة بقرار إعدادي، تثمين العقارين من الخبير المهندس كلود شاراباتي الذي خلص إلى تخمين المتر المربّع الواحد من العقارين بمبلغ وقدره 15 ألف دولار أي 16.290.000 مليون دولار لكامل العقار. في المُحصّلة، تفاجأ أعضاء المجلس بوضع بند “التخطيط الذي نُفّذ على العقارين رقم 19 و20 الصيفي” من خارج جدول الأعمال، وأنه عليهم اختيار حلّ من إثنين: إما “إعادة تثمين العقار ودفع التعويض للمالكين عن تنفيذ التخطيط كاستملاك غير مباشر”، أو “إعادة الحال إلى ما كانت عليه بإلغاء عملية الضمّ إلى الأملاك العامة”.
ويرى المعارضون المقاطعون بأغلبيتهم للجلسات، أنّ في مسألة إلغاء التخطيط، صفقة كبيرة لصالح مالكي العقار يستعيدون فيه عقارهم بالكامل كي يبيعوه. ويرى الموالون أنّ في عدم إلغاء التخطيط، محاولة لهدر مبلغ كبير جداً، وإيقاع خزينة البلدية في خسارة مالية. وبين انعدام الثقة بين أعضاء البلدية، واتّهام الفريقين لبعضهما البعض، يحتار المواطن أيّ سيناريو من السيناريوين هو الأصحّ؟
أشار عضو المجلس البلدي لبلدية بيروت سليمان جابر في حديثه مع “نداء الوطن” الى أنهّ طلب تأجيل البحث بالبند لما في الملفّ من تشعّبات، ولدراسة تفاصيله، فقوبل بالرفض، لا بل تمّ الغاء النقاش بكل بنود الجلسة الأخيرة ليصار البحث بهذا الملف فقط. وأضاف: “يجب عدم التسرع في اتخاذ أي قرار رسمي قبل الطعن على الأقل بالتقرير الأولي للخبير بما أنه مبني على “استملاك كامل” للعقارين وهو ما لم يحصل، حيث هناك معلومات عن أن أحد العقارين ما زال صالحاً للبناء وبالتالي إذا تم الأخذ بالإعتبار بهذه النقطة يتغير الرقم المطلوب، أو على الأقل على البلدية إحالة الملف للدراسة قبل اتخاذ القرار”.
فيما قال مُعارض آخر، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ”نداء الوطن”: “لا أحد يريد أن يُهدر مال البلدية، وإن تكبير الموضوع هو تأكيد على أنّ الصفقة جارية في مكان آخر، تحديداً في محاولة إعادة العقار للمالكين الأساسيين كي يبيعوه في زمن ارتفاع قيمة الدولار”.
من جهته، أكّد رئيس اللجنة القانونية في بلدية بيروت طوني سرياني لـ”نداء الوطن” أنّ المبلغ المُثمّن بالدولار لا يُمكن دفعه بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي 1515، وبالتالي المبلغ المطلوب حالياً لاستملاك كامل العقارين كبير جداً “مش بوقته” لا بل يطرح تساؤلات وشكوكاً. وبحسبه “لن تتمّ إعادة العقارين إلى المالكين بل سيُصار إلى تصحيح الخطأ الحاصل، أي إعادة التخطيط الأوّلي والمدفوع ثمنه”. ولكن وفق هذا السيناريو، تقول مصادر بلدية أخرى أنّ المالك سيُطالب بعطل وضرر وبالتالي هو ليس من الحلول الفعلية. وتضيف: “انظري إلى صورة الطريق، كيف يريدون تصغيرها إلى 9 أمتار وهل عملية التكسير والتصغير لن تكلف مبلغاً طائلاً؟”.