لا يحجب غبار التنافس الانتخابي البلدي الذي بدأ أول جولاته أمس في بيروت والبقاع، دلالات هذا الاستحقاق على المشهد السياسي العام وأداء وحسابات القوى السياسية بعد جلاء النتائج، كون المعارك الانتخابية البلدية غالبا ما ترتدي الطابع السياسي والانمائي معا، وهذا الامر ينطبق على العاصمة بيروت التي تجمع «لائحة البيارتة» فيها ممثلين لقوى سياسية وحزبية تتباين في الاراء والمواقف في العديد من الاستحقاقات والملفات، لكنها إتفقت على أن تكون متجانسة للعمل لما هو لمصلحة العاصمة بلديا وإنمائيا، لذلك شمّر ممثلو هذه القوى عن «سواعدهم» منذ بداية اليوم الانتخابي الطويل، متابعين حركة الناخبين ونسبة اقتراعهم وحماسهم، منطلقين من إعتبار أساسي هو أن نجاح اللائحة يعني نجاح مشروع «بناء ثقة جديدة» بين هذه القوى وبين أهل بيروت يمكن أن ينعكس إيجابا على الاستحقاقات القادمة .
هذا الاعتبار كان حافزا للعديد من نواب العاصمة للنزول إلى مراكز الاقتراع والاطلاع على سير العملية الانتخابية عن كثب، لأن حصول الانتخابات البلدية بحد ذاته إنجاز كما يقول وزير السياحة ميشال فرعون لـ«المستقبل»، معتبرا «أن لبنان لا يمكن أن يكون رسالة بدون بيروت، وبالتالي فلائحة البيارتة تحقق هذا الشعار لأنها تجمع التوافق والميثاقية والمناصفة والرعاية منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى اليوم ولعائلة آل فرعون مساهمة في ذلك أيضا«.
ويتابع: «العتب على المجلس البلدي السابق لا يمكن فصله عن محاربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لهذا المجلس، ولذلك لائحة «البيارتة« تتمتع بالتغطية السياسية الكافية لكي تعمل لمصلحة بيروت وأهلها وليس لمصلحة السياسيين، وبالتالي فنواب بيروت سيتابعون عملها ومحاسبتها كوننا كنا شركاء في تأليفها، لأننا نريد لها التعويض عن التعطيل الذي حصل خصوصا أن نجاحها سينعكس إيجابا على مختلف الوجوه الاقتصادية والانمائية للعاصمة».
ويوافقه الرأي كل من عضوي كتلة «المستقبل« النائبان جان أوغاسبيان وسيرج طور سركيسيان، إذ يلفت أوغاسابيان الى أن «لائحة البيارتة تحظى بالتوافق الحزبي من مختلف القوى السياسية في البلد وبركة المرجعيات الروحية، وهذا ما سيسهل عملها البلدي ويحولها إلى مشروع تغيير أساسي في غياب الدولة، لا سيما وأنها تضم عناصر شابة وكفاءات مشهوداً لها».
ويؤيد طورسركسيان كلام زميله، بالقول»لا شك أن دعم غالبية الاطراف للائحة واحدة يعطيها زخماً في العمل البلدي لاحقا، ويسرع الانجازات على صعيد العمل الانمائي».
يوافق رئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان على سلامة اليوم الاول للانتخابات لا سيما في العاصمة، ويقول «إلتزمنا بلائحة البيارتة، وخلال جولتنا على المدور والصيفي والرميل والاشرفية كان الوضع مقبولا ولم نسجل أي شكوى من المندوبين، والاهم برأيي أن لائحة البيارتة تضم عددا كبيرا من الوجوه الجديدة والشابة، ونأمل بعد تشكيل هذه اللائحة على أساس الوحدة والتعايش وتمثيل شرائح واسعة من القوى البيروتية من المسيحيين والمسلمين، أن تتمكن لاحقا من العمل بتجانس يحقق طموح البيارتة في الانماء«.
يوافق عضو كتلة «الكتائب« النائب نديم الجميل «على أن انتخابات العاصمة حصلت بطريقة ديموقراطية منذ ساعات الصباح الاولى، وإن كان الاقبال ضعيفا في الاشرفية في ساعات الصباح، خصوصا أن عدم الاتفاق على لائحة مخاتير موحدة في الاشرفية ترك أثره السلبي على الناس».
في المقابل يشدد الجميل على»أهمية لائحة البيارتة التي تجمع ممثلين عن مختلف القوى السياسية، ما يعني أن العاصمة التي تضم كافة شرائح ومشارب الشعب اللبناني هي أيضا موحدة في العمل البلدي مما يعطي ديناميكية وزخماً للإنماء».
من جهته يؤكد عضو كتلة التغيير والاصلاح النائب آلان عون «أن حصول الانتخابات بحد ذاتها أمر جيد ويدل على أن الشعب اللبناني لا ينقصه شيء لممارسة حقه الانتخابي، والمحاسبة وتحمل المسؤولية في التغيير بدل التذمر بشكل دائم».
ويقول: «أهمية الانتخابات أنها فرصة للمحاسبة وإعطاء رأيها وفأل خير بإمكانية حصول استحقاقات دستورية أخرى ووقف مهزلة التمديد، ونحن تابعنا العملية الانتخابية بالتفصيل وفي حال حصول شوائب سنعبر عنها، والتحدي في انتخابات العاصمة وتشكيل لائحة البيارتة التي تضم مختلف القوى السياسية، أنها أتت بعد علامات إستفهام على أداء المجالس السابقة، وفي حال وصول اللائحة بكل مكوناتها السياسية والحزبية والذين هم على إختلاف في المواقف السياسية، يعني أن اللائحة تضم رقابة ذاتية متوفرة داخلها ومحفزة للعمل والانجاز البلدي لمصلحة المواطن العادي».
ويعتبر النائب عماد الحوت «أن البيارتة كانوا سعيدين بالاستحقاق البلدي، وعبروا عن ذلك من خلال الاقتراع وبأنهم متمسكون بمشروع بناء مؤسسات الدولة، بدءا من المجلس البلدي وصولا إلى سائر المؤسسات الدستورية وتمسكهم بالتعايش بين جميع مكونات بيروت، وعدم الاستجابة للتفرقة على اساس الدين والمذهب».
ويضيف: «لائحة البيارتة تضم أطياف بيروت كلها وهذا إنجاز، خصوصا أنهم فريق عمل متفق على برنامج عمل إنمائي لبيروت يجب إعطاؤه الفرصة لتحقيق ما وعد به وأنا متفائل في هذا الامر«.
يرى عضو كتلة «التحرير والتنمية« النائب هاني قبيسي «أن الناس في الجولة الانتخابية الاولى عبّروا عن رأيهم بشكل ديمقراطي يدل على وعي المواطنين للحفاظ على عمل مؤسسات الدولة، وآمل أن تشكل الانتخابات منعطفا جديدا على الساحة اللبنانية تمكننا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية والانتقال إلى أداء سياسي داخلي أفضل، خصوصا أن لائحة البيارتة تمثل غالبية الناس والقوى من أهالي بيروت مما يشكل إنطلاقة جديدة في العمل الانمائي والحفاظ على خصوصيتها كونها تجمع كل الاطياف».
ويشدد على أنه «بعد صدور النتائج يجب على هذا الفريق الانتقال من الواقع السياسي إلى الواقع الانمائي، ليعمل على تطوير بيروت ومعالجة أزماتها وفي مقدمها النفايات وزحمة السير».
ويصف عضو كتلة «الوفاء للمقاومة« النائب علي عمار الجولة الاولى من الانتخابات بأنها «عرس ديمقراطي في بيروت على أمل لأن تكون مقدمة لإجراء الانتخابات النيابية لان الناس مشتاقة لهذا الاستحقاق«، معتبرا «أن «ممارسة كل اللوائح ومنها لائحة البيارتة للعمل الديمقراطي يضيف قيمة جديدة للبلد ويدفع نحو أن يكون هذا الاستحقاق مقدمة نحو انتخابات رئاسية ونيابية ليكتمل عمل المؤسسات الدستورية، والجميع معني في هذا الاطار في توحيد الجهود لبناء الدولة وترشيقها إداريا وسياسيا مما يحصن لبنان ويحفظه على المستوى الامني والسياسي».
ويصف أمين السر العام في الحزب «التقدمي الاشتراكي« ظافر ناصر المحطة الانتخابية الاولى بأنها «محطة ديمقراطية أتاحت للناس التعبير عن رأيهم وقناعاتهم على أمل أن يتمكنوا من ذلك في الانتخابات النيابية».
ويقول: «الانتخابات مرت بشكل طبيعي وهذا يعني أن الشعب اللبناني يعتبر أن ممارسة الانتخابات أمر ضروري وحضاري في آن، والمطلوب من أي مجلس بلدي سواء في بيروت أو في أي منطقة أخرى أن يتعامل مع العناوين الانمائية التي يريدها الناس، وقد عبّر الحزب التقدمي الاشتراكي عن العديد من هذه العناوين ومنها ما يتعلق بالمحافظة على التراث والبيئة والصحة، خصوصا أن لهذه البلديات الرؤية والامكانات على تحقيق إنجاز في هذه الملفات، بمعنى آخر المطلوب من الاستحقاق الديمقراطي الذي حصل في الجولة الاولى من الانتخابات إلى ورشة عمل إنمائية في كل المناطق».