Site icon IMLebanon

مرفأ بيروت خارج الخدمة… ما هي التداعيات؟

 

عادةً، يبدأ التداول بعبارة «إعادة الإعمار» بعد اندلاع الحروب وتحوّل البلاد او المدن الى مسارح للدمار والخراب. لكنّ بيروت اليوم لم تخض الحرب، ولم تُستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل، بل انفجر فيها فساد زعمائها وحكّامها، لتصبح بيروت تحت الردم من جديد وينقطع شريانها التجاري الذي وُصف منذ سبعينيات القرن العشرين على انّه أهم محطة للتجارة الدولية مع الدول العربية المحيطة.

مرفأ بيروت، الحوض الشرقي للبحر المتوسط والمنفذ البحري الأساسي للدول العربية الآسيوية، فقد اليوم ميزته التجارية، ممّا سيعطّل في النتيجة، 70 في المئة من عمليات الاستيراد والتصدير من والى لبنان.

 

مرفأ بيروت الذي يتعامل مع 300 مرفأ عالمي وترسو فيه 3100 سفينة سنوياً، لن يكون بعد اليوم المركز الأساسي لتجارة إعادة التصدير وتجارة المرور (الترانزيت).

 

مرفأ بيروت الذي كان يسعى الى رفع قدرته الاستيعابية البالغة حالياً مليون و400 الف حاوية سنوياً، بات يطمح لاعادة اعماره وترميم أحواضه الاربعة البالغة مساحتها نحو 660000 م ، وأرصفته الـ 16 التي تنتشر عليها المستودعات المسقوفة والمكشوفة والتي دُمّرت بالكامل بما فيها البضائع والاهراءات ومحطة الحاويات.

 

أما بالنسبة لحجم الاضرار وكلفة اعادة اعمار مرفأ بيروت، هناك اجماع على انّه لا يمكن تقديرها بشكل دقيق بعد، بانتظار أن تصدر عن المهندسين والخبراء التقارير النهائية. إلّا انّ وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار اكّد انّ الأضرار في مرفأ بيروت جسيمة، وهناك صعوبة في اعادة تشغيل المرفأ في وقت قريب، مما سينعكس على معيشة اللبنانيين. كما أعلن محافظ بيروت مروان عبود انّ انفجار مرفأ بيروت طال نحو نصف مساحة بيروت، متسبباً بأضرار تتراوح كلفتها بين 3 و5 مليارات دولار.

 

في المقابل، أكّد الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ»الجمهورية»، انّ كلفة اعادة اعمار مرفأ بيروت مقدّرة بحوالى 300 مليون دولار، «وهي كلفة لا يستهان بها»، شارحاً انّ المرفأ هو عبارة عن ارصفة وبحر، «وفي حين انّ الارصفة لم تتضرّر، فإنّ الاهراءات ومحطة الحاويات والمكاتب والشاحنات وغيرها قد دُمّرت بالكامل».

 

وقال شمس الدين، انّه لا توجد بعد ارقام حول حجم البضائع القابعة في مرفأ بيروت، إلّا انّ تلك البضائع من المفترض ان تعوّض عن خسارتها شركات التأمين، لافتاً الى انّ حجم تلك البضائع ضئيل نتيجة الانكماش الاقتصادي الذي ادّى الى تراجع حجم الاستيراد بنسبة تعدّت الـ50 في المئة، «وبالتالي فانّ المنطقة الحرّة لا تحوي عدداً كبيرًا من البضائع، كما انّ الإهراءات شبه خالية من القمح بسبب تعذّر الاستيراد والتأخير في فتح الاعتمادات». لافتاً الى انّ الخسائر الناتجة من فقدان البضائع كانت لتبلغ 4 مليارات دولار لو حصل هذا الانفجار في العام الماضي.

 

وقدّر شمس الدين اجمالي حجم الاضرار في بيروت، بين المرفأ والابنية والمحلات التجارية والمؤسسات والمكاتب والسيارات بين 3 و4 مليارات دولار.

 

من جهته، قال عضو نقابة اصحاب الشاحنات فوزي شكور لـ«الجمهورية»، انّه لا يمكن بعد احصاء الاضرار وتقدير حجم الخسائر، لأنّ المرفأ عبارة عن منطقة عسكرية مقفلة.

 

واكّد انّ حجم الخسائر التي مُنيت بها شركته فقط على سبيل المثال، تُقدّر بحوالى نصف مليون دولار نتيجة تدمير الشاحنات، «في حين انّ هناك بعض الشاحنات على متنها حاويات مليئة بالبضائع، لا نعرف عنها شيئاً».

 

الاضرار

 

بالإضافة الى دمار محطة الحاويات والمكاتب والشاحنات في مرفأ بيروت، فقد دُمّرت اثر الانفجار الضخم، الصومعة الرئيسية والتي تبلغ طاقتها التخزينية 120 ألف طن من الحبوب، في حين انّ مرفأ طرابلس لا يحوي صوامع حبوب، لكن وفقاً لمديره أحمد تامر، هناك امكانية لنقل القمح المستورد وفي طريقه الى لبنان، مباشرة إلى منشآت تخزين في مطاحن على بعد كيلومترين تقريباً. ومن المتوقع وصول 4 سفن تحمل 25 ألف طن من الطحين سيتمّ تحويلها نحو ميناء طرابلس.

 

بالإضافة الى الاهراءات، فقد شمل الدمار المنطقة الحرّة في المرفأ والتي تبلغ مساحتها 81000 متر مربع، فيما يجري العمل على توسيعها لتمتد على مساحة 124000 متر مربع.

 

البديل من مرفأ بيروت

 

سيتمّ الاعتماد على مرفأ طرابلس، وهو ميناء ثاني أكبر مدن لبنان، وأكدّ رئيس المرفأ أحمد تامر، انّ المرفأ جاهز لاستيعاب الأزمة وامتصاصها.

 

وقال: «الدولة استثمرت في مرفأ طرابلس منذ 18 سنة ما يقارب الـ 300 مليون دولار، وبالتالي لديه كامل القدرة اللوجستية والبحرية لاستقبال اكبر بواخر العالم، ولديه ايضاً القدرة على استيعاب ما يقارب 5 ملايين طن في السنة، في حين كنا نستقبل ما يقارب المليوني طن. لذلك هناك 3 ملايين طن يمكن استقبالها بكل راحة. اما بالنسبة الى الحاويات، فيمكننا استقبال 300 الف حاوية في السنة، في حين كنا نستقبل 70 الفاً، وبالتالي لدينا القدرة على استيعاب ما يقارب الـ230 الف حاوية».

 

ولفت الى انّ «لدى المنطقة الخلفية الخاصة بنا القدرة على تخزين ما يقارب الـ 100 ألف طن من البضائع والحبوب»، معتبراً اننا «نستطيع بعد تخطيط لوجستي وتعاون بين القطاعين العام والخاص، بما يملكان من مستوعبات قريبة من المرفأ وداخله، ضمن خطة متكاملة بين الاجهزة المعنية كالجمارك والامن العام وادارة المرفأ والجيش ووزارات الاقتصاد والزراعة والصحة ومراكز البحوث والاختبارات في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس، أن نرفع من نسبة الطاقة الاستيعابية الى 7 ملايين طن، وما يقارب الـ 400 الف حاوية، وهذا تقريباً حجم الاستيراد اللبناني من الحاويات»، مشيراً الى انّ «هناك بعض الامور التي يمكن لمرفأ بيروت ان يتعامل معها. فكما رأينا انّ المنطقة الخلفية اكثر تضرراً من الارصفة وغيرها، وبالتالي هذا يبشر انّ المرفأ يمكن ان يعاود العمل في وقت قصير».

 

وطمأن تامر الى انّ «مرفأ طرابلس يستطيع ان يسدّ العجز الموجود، وليس هناك مشكلة يمكن ان تواجهنا لاستيعاب مخزون القمح والحبوب، وفي الأساس كنا نستقبل ما يقارب الـ 100 مليون طن من القمح سنوياً، وما يقارب الـ 60 بالمئة من حجم استيراد كل انواع الحبوب والعلف الحيواني».

 

وأكّد «ان لا خوف، ولن نقع في ازمة الطحين او الحبوب، ولدينا القدرة الاستيعابية لاستقبال اكبر باخرة حبوب في العالم، ولدينا امكانات في هذا الامر، اكبر من امكانات مرفأ بيروت».

 

وشدّد على انّه «مع خطة لوجستية توضع من قِبل الدولة، تمكننا من مواجهة الازمة وحلّها، وعلينا العمل 24/24 ساعة وبإمداد كهربائي كامل بالتعاون والتنسيق مع كل المؤسسات المعنية»، مشيراً الى انّ «الاسطول البري المتواجد لدينا لن يستطيع القيام بالحمل الكامل، لذلك نحن بحاجة الى التعاون مع شاحنات مرفأ بيروت لتأتي وتعمل في مرفأها طرابلس».

 

أما بالنسبة لمرفأ صيدا ومرفأ صور، فقد دعا وزير الاشغال العامة والنقل ميشال نجار الى اجتماع لدرس امكانات تلك المرافئ، علماً انّ مرفأ صيدا الجديد جاهز لإستقبال أضخم البواخر.