IMLebanon

لبنان الرهينة

 

ما حصل عقب إعلان الرئيس سعد الحريري إعتذاره عن تشكيل الحكومة كان عز الطلب: قطع طرق وإطلاق عيارات نارية وشتائم من كعب الدست لرئيس الجمهورية وصهره وتحطيم محال تجارية ومقاه… واشتباكات مع الجيش اللبناني.

 

بالتأكيد هذا المشهد هو عز الطلب عشية الذكرى الأولى لجريمة تفجير مرفأ بيروت. وهذا هو المسموح به فقط. أما تحركات أهالي ضحايا التفجير وحملهم نعوشاً بيضاء خالية حتى من الأمل بالعدالة وبرفع الحصانات عن الذين استدعاهم قاضي التحقيق، فتلك لعمري ممنوعة ومحرمة في لبنان الرهينة.

 

ذلك أن كل قضية محقة تضرب شريان تحكم إيران بواسطة “حزب الله” يجب ذبحها. وهذه ليست المرة الأولى… ولن تكون الأخيرة.

 

لذا، جاء توقيت الإعتذار هدية مع ردود الفعل عليها في الشارع، إذ يمكن إستثمارها لإفتعال فوضى الشارع وقطع الطريق على أهالي ضحايا جريمة التفجير، وسعيهم إلى محاسبة المسؤولين المتواطئين مع من أدخل النيترات الى المرفأ واستخدمها لغايات كثيرة مرتبطة بالأحداث الدموية في مناطق نفوذ المحور الإيراني.

 

أما المسموح فيبقى في حدود إشتباكات التيارين الأزرق والبرتقالي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات، والخروج العشوائي الى الطرق في تحركات لا تقدم أو تؤخر، مع تفاقم الأزمات إلى أكثر من الإختناق. وإذا أراد المايسترو لهذه التحركات أن تقدم أو تؤخر… فالمسألة بسيطة كشربة ماء… او ربما أبسط.

 

بالتالي، مضحكة كل التحليلات والتعليقات التي تُحمِّل كلاً من رئيس الجمهورية وصهره وتياره أو الرئيس المعتذر مسؤولية الفشل في تشكيل الحكومة.

 

المسألة ليست في إستحالة التساكن بين البرتقالي والأزرق. هي أبعد من ذلك. يعرفها وزيرا خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وتعرفها المملكة العربية السعودية كما مصر… ويعرفها من شارك في تحرك 17 تشرين 2019 وتعرض إلى غزوات “شباب الخندق”.

 

فمن يصادر السيادة لا يخجله إبقاء لبنان رهينة. وليس صحيحاً أن سبب فشل الحريري هو الفيتو السعودي عليه. هذا الفيتو هو على لبنان الدولة التي تحوَّلت إلى مافيا وميليشيا وكبتاغون وتدريب حوثيين للإعتداء على المملكة بطائرات لا يتحكم بها عن بعد أو قرب إلا المحور السعيد.

 

هنا مفتاح الانسداد السياسي. وهنا منبع استحالة التوافق، حتى لو تراجع الحريري عن كل تشكيلته. وهنا قوة جنرال بعبدا وصهره ومستشاريه. فهم يحفظون وظيفتهم جيداً. وهم ينجزون أعمالهم التطبيقية على البكلة.

 

لذا مضحكة ومكشوفة وساذجة التحليلات والتعليقات التي تصر، سواء بموجب الولاء لزعيمها، أو بموجب الإلتزام بأجندة المحور الإيراني، على تجنب الإشارة إلى أن لبنان الرهينة يجب أن يبقى ورقة معلقة على مهوار الإنهيار حتى يصبح بالإمكان تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مفاوضات فيينا النووية بين الولايات المتحدة وإيران.

 

قبل ذلك لا شيء مهم… وبإنتظار ذلك، أيضاً لا شيء مهم. فإيران لا تجد أنها وصلت إلى مرحلةٍ تتطلب تسهيل أي تفصيل قد يساهم في لجم الإنهيار اللبناني المدروس والمفتعل للقضاء على كل مرافقه، والوصول به إلى ما هو عليه بحيث يسهل أكثر فأكثر إبقاؤه رهينة لمواصلة إستخدامه ورقة، ربما تهم المجتمع الدولي في إنتظار نضوج ظروف مفاوضات فيينا.