هل سيتم تحويل مياه الليطاني الملوثة الى العاصمة بيروت لكي تستخدم كمياه للشفة بعد ان تتم تنقيتها وإعدادها لتصبح صالحة. ألا يوجد في هذا المشروع مجازفة، خصوصا ان مياه الليطاني حسب توصيف الخبراء هي كناية اليوم عن تجمّع كبير للمجارير؟
كشف الخبير الهيدروجيولوجي فتحي شاتيلا ان هناك جريمة ترتكب اليوم في حق أهالي وسكان بيروت وذلك عندما تقرر جر مياه الليطاني وهي المياه الاكثر تلوثاً في لبنان، لتأمين حاجة العاصمة من المياه، وفي حضور المصالح السياسية أحداً لم يسأل ما سيحلّ بأهل بيروت وسكانها.
وأكد شاتيلا لـ«الجمهورية» ان الفساد الموجود في وزارة الطاقة والمياه ومجلس الانماء والاعمار دفعتهما الى تنفيذ مشاريع مائية ستسبب أكبر ضرر على سكان بيروت وأهلها.
وشرح في هذا الاطار، أن مياه نهر الليطاني تتجمع في سد القرعون، ويتم استجرار المياه من السد بواسطة انفاق بغرض استعمال المياه من أجل توليد طاقة كهربائية لثلاثة معامل هي: معمل عبد العال، وبول قرقش وشارل حلو، بعدها تصل مياه الليطاني الى نهر الاولي. والمخطط اليوم يقضي باستجرار مياه الليطاني هذه من النهر الاولي لتزويد سكان بيروت بالمياه.
أضاف: بسبب ارتفاع نسبة التلوث في هذه المياه، تخلت منذ حوالي 8 سنوات نحو 40 الى 50 قرية في البقاع الغربي عن استعمال مياه الليطاني، نظراً للمخاطر الصحية التي تسببت بها. وبنتيجة لذلك، تم تأمين مياه الشفة لهذه المناطق من مياه نبع الزرقا، رغم كلفة المشروع المرتفعة.
والكارثة هي انه بعد 8 سنوات على استغناء مناطق البقاع الغربي عن هذه المياه، سيتم استجرارها الى بيروت علماً ان نسبة التلوث زادت أضعافا مضاعفة خلال هذه الفترة.
واستشهد شاتيلا بدراسة أعدها الدكتور في الجامعة اللبنانية الاميركية أحمد حوري عام 2007، قارن فيها نهر الليطاني ونهر الدامور خلال فترة الشحائح، فتبين ان بعض الملوثات الموجودة في نهر الليطاني تزيد 8 الاف بالمئة عن الملوثات الموجودة في نهر الدامور، اي ثمانين ضعفا، لكن للاسف أحداً لم يأخذ بنتائج هذه الدراسة، وجرى عرض لدراسات ملفقة تثبت ان مياه نهر الليطاني ملوثة بمعدلات مقبولة. كما جرى تأمين اعتمادات من البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار لجر مياه الليطاني اضافة الى 128 مليون دولار قدمها البنك الاسلامي للتنمية.
ولفت الى ان المخطط في هذا المشروع يقضي بالعمل على معالجة مياه الليطاني وفلترتها في محطة الوردانية، لكن شاتيلا اكد ان من الصعب معالجة هذه المياه نظراً للملوثات التي تحتويها، كما ان مخاطر معالجتها كبيرة، لأنه كلما كانت الملوثات قوية ومتنوعة كلما زادت نسبة الاخطاء في معالجتها، نظراً لتشعب مصادر التلوث وهذا ما أكده الخبير البيئي عارف ضيا في دراسات اعدها عن نهر الدامور عام 2013، أكد فيها ان من الصعب جداً معالجة مياه الليطاني بسبب ارتفاع نسبة الملوثات.
وأكد شاتيلا انه في جميع الاحوال لا يجوز استعمال هذه المياه مهما يكن لاغراض الشرب، كذلك لن تكون صالحة للزراعة وللاستعمال الحيواني، وهنا نكتفي بالقول: ان نهر الليطاني هو كناية عن «مجرور ضخم ملوث بجميع انواع الملوثات ولا يجوز استعماله لتأمين مياه الشرب لبيروت، مهما كانت تكنولوجيات الفلترة».
وتساءل لماذا الاصرار على استجرار النهر الاكثر تلوثاً في حين ان سد الدامور أقرب الى بيروت وهو من أفضل المواقع بحسب الدراسات التي قام بها مجلس الانماء والاعمار عام 2007، وكلفة انشاؤه أقل ونسبة التلوث فيه جزئية مقارنة مع مياه نهر الليطاني؟
والملفت ان استجرار مياه نهر الليطاني الى بيروت جاء بكلفة نحو 370 مليون دولار، بينما الدراسات التي اعدها مجلس الانماء والاعمار تقول انه يمكن تأمين المياه الى بيروت على مدى 30 عاماً بـ153 مليون دولار من سد الدامور لكنه رفض.
وعن مشروع سد بسري الذي تأمّن له التمويل على شكل قرض من البنك الدولي بقيمة 674 مليون دولار، يقول شاتيلا: تثبت الدراسات ان طبقات الارض في سد بسري غير صالحة، عدا عن ان موقع السد يبعد 2 كلم عن مركز الزلازل في فالق روم وهذا الفالق ما زال ناشطا زلزالياً.
وأوضح ان المخطط اليوم يقضي بدمج مشروعي سد بسري ونهر الليطاني، على اعتبار ان النفق الذي سيستعمل حالياً لاستجرار مياه الليطاني الى نهر الاولي ثم الى بيروت، سيستعمل بعد 8 سنوات لاستجرار مياه سد بسري الى بيروت اي بعد الانتهاء من انشاء السد.