شكّلت الغارات على العاصمة بيروت امتحاناً للأجهزة الأمنية والصحية على السواء، ففشلت بامتياز في حماية بيوت وأملاك الناس التي بعثرتها الهمجية الصهيونية، وتسبّبت بموت عدد من الجرحى بسبب تأخر وصول الآليات إلى المكان المُستهدف لرفع الأنقاض، كما كاد الإهمال الطبي يقتل عدداً آخر من الجرحى في المستشفيات بعد تأخير تنفيذ الإجراءات الطبية، ولا سيّما في مستشفى بيروت الحكومي.
ورغم التباهي المستمر لمختلف الأجهزة الأمنية والمدنية بقدرتها على العمل تحت الضغط، وتخليص الجرحى، وإدارة حالة الطوارئ، إلا أنّ غارتَي النويري وفتح الله، في بيروت، كشفتا المستور. أمس، بعد أقل من 12 ساعة من الغارة، عاد عدد من أصحاب الشقق في المنطقة المُستهدفة لتفقّد أملاكهم، فوجدوا بيوتهم مبعثرة، وممتلكاتهم مسروقة من داخل المنازل. بحسب عدد من أصحاب البيوت في منطقة البسطة المُستهدفة، «حضر عدد من الأشخاص الغرباء إلى المنطقة بعد استهدافها. ولدى سؤالهم عن سبب صعودهم إلى الأبنية التي أخلاها أصحابها في اللحظات الأولى، تحجّج أحدهم بنسيان جزء من عدته في إحدى الشقق. وتذرّع آخر بتفقّده لأقرباء له في أحد المنازل».
ولكن، بعد «تفقّد» هذه المنازل، لم يجد أصحابها ممتلكاتهم، بل وجدوا البيوت مبعثرة، والخزائن التي لم تتضرر بالانفجار مفتوحة ومسروقة. ويعيد أصحاب المنازل السرقات إلى «غياب الجيش، والقوى الأمنية عن المكان المُستهدف»، وإلى «عدم فرض أيّ من الأجهزة الأمنية طوقاً أمنياً حول المنطقتين حتى ساعة متأخرة من الليل»، ما أتاح للصوص الدخول، وسرقة الممتلكات، فيما السكان يلملمون الجرحى والشهداء، علماً أنّ الأجهزة الأمنية كانت غائبة أثناء عمليات رفع الأنقاض أمس، فيما أبواب عدد من البيوت مُخلّعة بسبب عصف الانفجار.
أما الجرحى الذين نُقلوا إلى مستشفى بيروت الحكومي تحديداً، فشكوا من عدم قيام الأطقم الطبية بواجباتها، وتكلموا عن فوضى عارمة داخل المستشفى، حيث لا يوجد موظف مولج بتسجيل أسماء الجرحى والشهداء الوافدين إلى المستشفى، ما دفع بالأهالي إلى التفتيش عن جرحاهم في غرف المستشفى، وأحياناً من دون طائل. وقال أحد سكان المبنى المُستهدف إنّ والدته «نُقلت من طوارئ المستشفى من دون علاج، ووُضعت في إحدى الغرف، وهي غير قادرة على التنفّس». وعندما طُلب من الطاقم الطبي إجراء صور شعاعية لها، لمعرفة المشكلة التي تعاني منها، خاصةً أنّها أُخرجت من تحت الأنقاض، أجاب الممرّض بأن عليها الانتظار «في الدور»، علماً أنّ «الطوارئ كانت فارغة»، وفقاً لشهادة ابن المرأة الجريحة. فما كان منه، إلا أن نقلها إلى مستشفى آخر، حيث أجريت لها جراحة عاجلة لأنها كانت تعاني نزيفاً داخلياً، وكانت حياتها في خطر لو تُركت وقتاً أطول من دون علاج.