قرّر المجلس البلدي لمدينة بيروت إعادة افتتاح حرج بيروت بعد إغلاقه لنحو ثلاثة أشهر ونصف. وذلك بعدما انتهت مدة «علاج» الأشجار التي فتكت بها حشرات الحفار مطلع الربيع الماضي. في هذا الوقت، لا يزال الحرج يواجه تحدياً جديداً يتمثل باستكمال مشروع بناء المُستشفى الميداني المصري على الموقف الخلفي التابع للحرج، فيما لا يزال مصير مشروع نقل الملعب البلدي و{زرعه» داخل الحرج مجهولاً
من المُفترض أن يعاد افتتاح حرج بيروت مطلع الأسبوع المُقبل. وبحسب المعلومات، فإن المجلس البلدي لمدينة بيروت أصدر قراره بإعادة افتتاح الحرج بعد انتهاء فترة مُعالجة الأشجار المريضة.
وكانت بلدية بيروت قد أقفلت الحرج في الخامس من شهر آذار الماضي، بعد تعرّض عدد من الأشجار لنوع من الحشرات من فصيلة الحفار. حينها، استندت البلدية إلى تقرير قالت إنه صادر عن مركز البحوث العلمية يُحذّر فيه الأخير من كثافة الإصابة وخطر تفاقم المُشكلة في الحرج، موصياً بـ “إغلاق الحرج أمام الزوار، على الأقل في فترة المعالجة التي يمكن أن تمتد حتى نهاية شهر حزيران، وذلك حرصاً على سلامة الزوار وحمايتهم من المبيدات الكيميائية التي تُشكّل خطراً على الصحة العامة”.
وفق المدير التنفيذي لجمعية “نحن” محمد أيوب، فإنه من المنتظر أن يُصادق محافظ المدينة، القاضي زياد شبيب، على القرار، على أن يُعاد افتتاح الحرج رسمياً، الأسبوع المُقبل.
وبذلك، يكون الحرج قد أُغلق نحو ثلاثة أشهر ونصف. تنقل مصادر عن عدد من أعضاء المجلس البلدي أن بلدية بيروت أعادت التواصل مع مركز البحوث العلمية ليُجري التقييم المطلوب بعد انتهاء المرحلة الأولى من العلاج التي كانت تقتضي إجراء “معالجة سريعة للمشكلة بأقل الأضرار الممكنة عبر استخدام مبيدات معينة، على أن يتم القيام بمسح كامل لكافة الأشجار”، وأن المركز أوصى بإعادة افتتاحه بعدما اعتبر أن لا خطر فعلياً على الزوار على أن يجري الإعداد للمباشرة بالمرحلة الثانية من علاج الأشجار.
يبحث مجلس شورى الدولة مراجعة إبطال القرار البلدي المتعلق ببناء المُستشفى
وبحسب المركز أيضاً، فإن المرحلة الثانية تتعلّق بـ “المتابعة والقيام بأعمال تهدف إلى الوقاية، وتتضمن دراسات معمقة حول الحرج بمختلف مكوناته واقتراح حلول بيئية للسيطرة على الوضع في السنوات المُقبلة (..)”.
في هذا الوقت، لا تزال أعمال البناء في المُستشفى الميداني على موقف السيارات الخلفي التابع للحرج مُستمرة بالرغم من عدم الحصول على التراخيص المطلوبة من قبل وزارة الصحة. وكان وزير الصحة غسان حاصباني قد طلب من المحافظ شبيب وقف الأعمال في المُستشفى إلى حين الحصول على التراخيص المرعية الإجراء، إلا أن شبيب لم يمتثل لطلب حاصباني وبقيت الأعمال مُستمرة.
في اتصال مع “الأخبار”، تنفي مصادر وزارة الصحة أن يكون الوزير حاصباني قد “غيّر رأيه” ومنح المُستشفى الترخيص المطلوب، مُشيرة إلى أن هناك مساعي للحصول على ترخيص من وزارة الدفاع على اعتبار أن المُستشفى “سيكون عسكرياً”. حتى الآن، تُفيد المُعطيات أن وزارة الدفاع لم تمنح أي ترخيص للمُستشفى.
في ظل هذا الواقع، لا يزال مجلس شورى الدولة يبحث في المراجعة التي تقدّمت بها جمعية “نحن” في 13/4/2017، ضدّ الدولة اللبنانية/ وزارة الداخلية والبلديات/ محافظ بيروت ممثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل من جهة وضدّ بلدية بيروت ممثلة برئيسها من جهة أخرى، وذلك من أجل إبطال القرار رقم 170 تاريخ 23/3/2016 الصادر عن بلدية بيروت والذي توافق فيه البلدية على تخصيص قسم من العقار رقم 1925/ المزرعة “لإنشاء ما يُعرف بالمُستشفى الميداني المصري”.
تستند المراجعة إلى مخالفة القرار المذكور أحكام القانون المتعلّق بحماية المناظر والمواقع الطبيعية في لبنان الصادر بتاريخ 8/7/1939، ومخالفته تالياً أحكام المرسوم رقم 434 تاريخ 28/3/1942 المتعلق بتصنيف وإخضاع المواقع والمباني الطبيعية. تُشير الجمعية في هذا الصدد إلى أن المادة 12 من القانون تحظر إجراء أي عمل من أعمال التحديد أو الترميم أو البناء (..) من دون الحصول على ترخيص من دوائر الاقتصاد الوطني، لافتة إلى أن وزير الصحة سبق أن أكّد على وجوب وقف الأعمال “لعدم الاستحصال على أي ترخيص”.
كذلك تُشير المراجعة إلى مخالفة القرار المذكور القانون رقم 546/2003 الذي يُحتّم إخضاع إنشاء المُستشفيات الخاصة لإجازة تُعطى بمرسوم بناء على اقتراح وزير الصحة بناء على طلب صاحب العلاقة ضمن الشروط المُحدّدة (..).
ولفتت المراجعة إلى وجوب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بما أنه ثابت أن العقار مدرج ضمن قائمة الجرد العام للأبنية الأثرية والمناظر الطبيعية العامة، وبما أن الاعتراضات على إنشاء المُستشفى المجاورة للحرج شملت وزير الصحة وعدداً من أعضاء المجلس البلدي والسكان، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه “له انعكاسات ونتائج مباشرة على صعيد البيئة والتواصل الاجتماعي بين المواطنين (..)”.
وعليه طالبت الجمعية بقبول مراجعتها شكلاً وبإبطال القرار البلدي وتدريك المُستدعى ضدهما كافة الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة والعطل والضرر.
الجدير ذكره، أن ثمة مشاريع أخرى تتهّدد المساحة الحرجية داخل الحرج أيضاً، وتتمثّل بمشروع نقل الملعب البلدي من طريق الجديدة و”زرعه” داخل الحرج “ضمن مواصفات عالمية” مع ما يرافق هذا المشروع من قضم إضافي لمساحة الحرج المتضائلة.