هل تؤتِي الخطة الأمنية المنتظرة في البقاع ثمارها فعلاً بعد عشرات الخطط التي نفّذت وكانت دون المطلوب؟ ما هي وجهة هذه الخطة ومن ستطاول؟ وهل ستبقى الرؤوس الكبيرة تسرح وتمرح في المنطقة لترويع المواطنين أم أنّ القرار قد اتخذ لاستئصال هذا الورم الذي انتشر في البقاع وأصبح مصدر إزعاج ومرض لكل الفئات بمَن فيها الأحزاب الفاعلة؟
بعيداً عن «البانوراما» الإعلامية وحالات الاستعراض التي مَلّ منها المواطنون عقب كل خطة أمنية، ينتظر أهالي البقاع الخطة الأمنية التي يجري الإعداد لها، بعدما تأمّن الغطاء السياسي وجرعات الدعم من العهد الجديد، ومن الرئيس نبيه برّي الذي كان أول الدّاعين والداعمين لها وكانت له اليد الطولى في إنهاء ملفات خطف كادت أن توصِل المنطقة إلى إشعال فتنة بسبب النسيج الاجتماعي والطائفي والمناطقي، وكان آخرها خطف المواطن سعد ريشا من زحلة، وقبله بسنوات رئيس مجلس إدارة معمل «liban lait» في طليا، وما بينهما عمليات طاوَلت كرامات المواطنين وعرّضت حياتهم للخطر.
وفي هذا السياق، يؤكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أن «الحملة المتوقعة ستكون غير سابقاتها بزمانها وتوقيتها، وستبدأ وفق بنوك أهداف محددة ستعمل القوى الأمنية بمختلف مكوناتها على تحقيقها»، لافتاً الى أنّ «على رأس قائمة الأهداف عصابات الخطف والسرقة والتشليح إضافة إلى تجار المخدرات، وهي لن تكون إجراءات ظرفية ومحدّدة، بل ستترافق مع عمليات دهم خاطفة وسريعة للمطلوبين وحواجز مفاجئة».
وعن ظاهرة الخطف مقابل فدية، يوضح المصدر أنها «راجَت بعد عملية خطف الأستونيين السبعة وحصول الخاطفين على فدية مالية ضخمة، حيث امتهنها البعض عَملاً لوَفرة المال الذي تؤمّنه بأقلّ فترة ممكنة».
وبالنسبة الى الخوف من عمليات ثأر تطاول العناصر الأمنية إذا ما شاركت في عمليات التوقيف كما حدث أخيراً وانتهت بقتل عنصر مخابرات في الجيش اللبناني؟
يشدّد المصدر على أنّ «الأجهزة الأمنية تحظى بالتقدير في هذا المجال ويجب أن تكون العناصر من خارج المنطقة أو ترتدي أقنعة وما شابَه ذلك، كما تؤخذ في الحسبان التسريبات التي يمكن أن يُمرّرها بعض العناصر للمطلوبين للتواري عن الأنظار قبل المداهمة».
ومع كلّ عملية خطف، يتصدّر إسم بريتال البقاعية المشهد، بعدما صبغها عشرات الأشخاص بتهم الخطف والسرقة، فشوّهوا صورة البلدة التي قدمت الشهداء وخرّجت المئات بين أطباء ومحامين ومتعلمين، ناهيك عن انضمام المئات من أبنائها إلى السلك العسكري بمختلف قواه ورُتَبه.
وهنا يشدّد أحد فاعليات البلدة لـ«الجمهورية» على أنّ «التركيبة السياسية تلعب دورها في لصق هذا الدور ببريتال، وكأنّ هناك من يريد حرف البلدة عن تقاليدها وعاداتها لكي يقطف ثمار هذا الدور»، مؤكداً «أنّ قلةً من أبناء البلدة لا يمكن ان تأخذ مصير بريتال إلى ما تريده، والدليل الاعتصام الذي نفذه أهالي البلدة عقب خطف سعد ريشا ليلاقي خطاب أهالي زحلة في رفض تلك الظاهرة».
ويشير الى «أنّ الأمن ليس كافياً للمنطقة، فالإنماء مطلوب والزراعات البديلة عن الممنوعات يجب أن تتأمّن أو يجب تشريع زراعة الحشيشة أسوة بالدول المتقدمة»، مشدداً على أنّ «الدولة يجب أن تأتي إلى البقاع ليس من بوابة الأمن فقط، فالمواطن البقاعي ليس عدو الدولة بل هو ابن هذه الأرض وقدّم الشهداء وهو الخزّان البشري الثاني للمؤسسة العسكرية».
بدوره، يرى مصدر مطّلع أنّ «الخطة لن تكون مجدية طالما أنّ الجيش لا يستطيع الوصول إلى مناطق معينة لاعتبارات معروفة، وطالما أنّ المطلوبين يفرّون عند كل خطة إلى الجرود».
وتأتي الخطة الأمنية بعد الحديث أخيراً عن الإعداد والتحضير لعفو عام لبعض الجرائم ووثائق الإتصال، يعدّه نواب من «حزب الله» بالتنسيق مع كلّ المكونات السياسية، والذي كان مطلب الكثير من البقاعيين بعدما فاق عدد المطلوبين في المنطقة الثلاثين ألفاً.
ويبقى أن تحدّد فترة انطلاق الخطة الأمنية وعمليات الدهم، حتى يستعيد البقاع دوره، ويعاد الأمن والأمان إليه، وهي تأتي قبل أشهر على انطلاق فصل المهرجانات والسياحة الذي يجب أن يبدأ بجوّ من الأمن والهدوء والاستقرار.