Site icon IMLebanon

إستقالة مدير عام مؤسسة مياه البقاع

 

بعد أشهر من انتهاء ولايته… نموذج آخر عن الدولة المتهالكة

 

 

أعلن مدير عام مؤسسة مياه البقاع ورئيس مجلس إدارتها رزق رزق امس إستقالته من المسؤولية، وذلك بعد شهرين على رفعه هذه الإستقالة الى وزارة الطاقة والمياه من دون ان يبتّها مجلس الوزراء.

 

وفقا للمعلومات فإن رزق الذي انتهت مهلة ولايته الممتدة ثلاث سنوت منذ شهر آذار الماضي، كان قد أبدى رغبة بالإبتعاد عن المسؤولية فوراً، إلا أن وزير الطاقة السابق حينها ريمون غجر تمنى عليه الإستمرار بتصريف الأعمال ريثما يتم تشكيل الحكومة الجديدة لتبت مسألة التعيينات.

 

منذ شهرين ورزق ينتظر بت قرار إستقالته، بعدما أنهكه «حِمل مؤسسة مياه البقاع الثقيل جداً» وفقا للمعلومات. وما زاد الطين بلة، هو الذل الذي ألحق بالإدارة العامة للمؤسسة عندما قطعت عنها التغذية الكهربائية، ليُترك موظفوها، وصولاً الى مكتب المدير العام، من دون إنارة ولا تدفئة في ساعات العمل، فيما لم يلمس هؤلاء ولو تعاطفاً بسيطاً من مسؤول في الدولة، أو أقله إستنكاراً لفظياً لحرمان مؤسسة ذات خدمة عامة من التغذية الكهربائية.

 

ولما كانت إستقالة رزق لم ترفع الى مجلس الوزراء لبتها اعتبرها هو نافذة، ومقبولة حكماً، وبالتالي سلم مفاتيح مكتبه ومحتوياته وتوقف عن ممارسة مسؤولياته بدءا من صباح الاول من شباط.

 

والواقع أن وقوع إدارة المؤسسة في العتمة، أضاء على مشكلات مزمنة في واحدة من أكبر مؤسسات المياه في لبنان، تمتد خدمتها من أقصى شمال البقاع الى اقصى جنوبه. هو حمل ثقيل على اكتاف أي إدارة يمكن ان تتسلم المؤسسة، فكيف الحال إذا كان مجلس إدارتها الحالي يعمل «باللحم الحي» وفقاً للمعلومات، بعدما تراجعت قيمة واردات المؤسسات الخدماتية الى حد لم تعد فيه قادرة على تأمين حتى أبسط الصيانات.

 

هذا إضافة الى تراجع القيمة الشرائية حتى لرواتب الموظفين، ولم يعد بعضها يوازي كلفة الإنتقال الى المؤسسات، فيما الدولة غائبة كلياً وأجهزتها عاجزة عن مكافحة تفشي ظاهرة السرقات، والتي لم تعد توفر حتى تجهيزات الآبار وغيرها من المنشآت العامة، وقد جرى توفير قسم منها بتمويل من الجهات المانحة، التي أعربت بدورها لفظيا عن إمتناعها عن التعويض عن أي ضرر تتسبب به أيادي البشر. هذا كله في وقت لم يظهر فيه المواطنون حتى الآن وعياً كافياً أو حتى رغبة بالدخول في نظام الدولة، ومن ضمنها تلك الموضوعة لتوفير المياه بطريقة قانونية، فاستمرت نسبة جباية الإشتراكات التي يفترض أن توفر إستمرارية عملها متدنية الى حدود قصوى. علماً أن الإدارة الحالية لمؤسسة مياه البقاع تمكنت وفقاً للمعلومات من تأمين مبلغ مليارين ونصف مليار ليرة إضافية من خلال جباية العام الماضي، إلا ان جهدها ضاع بالقيمة الشرائية لليرة اللبنانية التي لم تعد تسمح بإستخدام هذه الاموال في مشاريع مستدامة.

 

يواجه المدير العام «المستقيل» وفقا للمعلومات هذه الصعوبات في وقت يضعه البعض في مرمى الإتهامات، خصوصا أنه محسوب على الفريق السياسي لـ»التيار الوطني الحر»، والإنتخابات مناسبة لكل فريق حتى يصوّب على الآخرين، فيما إرثه المتراكم أكبر بكثير مما يمكن لأي إدارة ان تتحمله.

 

إلا أن لإستقالة المدير العام في المقابل تداعيات يخشى ان تؤدي الى مزيد من التدهور في واقع مؤسسة مياه البقاع إذا لم تسارع الدولة الى إجراء تعيينات بديلة، خصوصا أن توقيعه أساسي في الموافقة على كثير من الإنفاقات الرئيسية ومن بينها رواتب العمال غب الطلب، وهؤلاء هم الفئة الاضعف في المؤسسة الذين يعتمد عليهم أحيانا كثيرة في تأمين إستمرارية عملها الفني ايا كانت الظروف.

 

علما أنه، وفقا للمعلومات، فإن رواتب سائر الموظفين ستتوفر من خلال ورود تحويلة من مستحقات المؤسسة كان يفترض أن تسدد منذ سنة 2018، وهي مستحقات لو حولت في أوانها لساهمت في تحسين الواقع الفني في المؤسسة، إلا انها حاليا قد لا تكون مجدية سوى لتأمين رواتب الموظفين.