IMLebanon

البلجيك «اللطفاء» يغادرون: لا تقولوا وداعاً!

لن يحظى أطفال تبنين وجارتها في بنت جبيل بهدايا بابا نويل، ولن يفرحوا باحتفال عيد الميلاد وتزيين الشجرة الذي اعتادت الوحدة البلجيكية تنظيمه في مقرها في تبنين أو في بعض مدارس ودور أيتام المنطقة. إذ لن تشرق شمس الجنوب على الجنود البلجيكيين المئة المشاركين في قوات اليونيفيل منذ ما بعد عدوان تموز 2006، بسبب مغادرتهم بناءً على قرار حكومتهم بسحب جميع عناصرها من لبنان. القرار البلجيكي المفاجئ أثار مخاوف الجنوبيين.

فالخطوة لم تحدث إثر قرار الاتحاد الأوروبي (مقره في بلجيكا) باعتبار الجناح العسكري لحزب الله منظمة إرهابية، فلماذا تحدث الآن؟ ولا سيما أن الناطق الإعلامي باسم الوحدة جي باستيل، أكد أن «القرار سياسي اتخذ فجأةً»، مستبعداً أن يكون السبب مالياً. فهل يعلم البلجيكيون الموصوفون بجهاز استخباراتهم القوي في منطقة عملهم، ما لا يعلمه أهل الجنوب واستبقوا برحيلهم حدوث شيء ما؟

برغم الحذر الذي يبديه كثيرون في الجنوب تجاه قوات اليونيفيل، إلا أن الوحدة البلجيكية استطاعت كسب ودهم بتركيز مهمتها على المشاريع الإنسانية.

لا ينسى هؤلاء إسهامات الوحدة في مسح آثار العدوان من خلال المستشفى الميداني الذي افتتحوه ونزع الألغام والقنابل العنقودية والمشاريع التعليمية ودورات التدريب على المهارات. فوق تراب كونين، استشهد مسؤول الفريق البلجيكي لنزع الألغام التابع للوحدة ستيفان فان باتيغن، بانفجار قنبلة عنقودية في 3 أيلول من عام 2008، بعد أن لبّى نداء المزارعين لتنظيف حقولهم من الألغام. في هذا الإطار، يشير محمد فواز، جار المقر في تبنين، إلى أن مهمتهم الإنسانية «بددت تخوف الأهالي من اليونيفيل بعد العدوان، حتى صارت العلاقات الوطيدة تربط بين أفراد البلجيكيين وأبناء المنطقة». حاول البلجيكيون كسر التخوف. جنودهم يحرصون على إلقاء التحية على الأهالي والمبادرة في زيارة الفعاليات وتلبية الحاجات الإنسانية.

القرار البلجيكي المفاجئ أثار مخاوف الجنوبيين

ذلك الأداء أسهم إلى حد كبير في منع حدوث أي إشكال معهم بالمقارنة مع الإشكالات المتتالية مع بعض الوحدات الأخرى. في دردشة مع أحد الضباط البلجيكيين، قال: «بتنا لا نخاف من حزب الله، بل على العكس، نثق كثيراً بالسيد حسن نصر الله».

بين عامي 2006 و2009، تنوعت المهمات بين الإنسانية والخدماتية والإسهام مع الجيش في نزع الألغام. لكن أبرز إنجاز لهم، كان المستشفى الميداني في مقرهم في تبنين. منذ افتتاحه في أيلول من عام 2006، صار الجهة الوحيدة في المنطقة التي تعالج الأهالي مجاناً ووفرت عليهم الكثير من الكلفة والمعاناة الناجمة عن الانتقال إلى المستشفيات في صور وبنت جبيل والنبطية. حتى تاريخ إقفاله بعد ثلاث سنوات، وصل عدد المرضى الذين استقبلهم المستشفى إلى 24000 مريض، أي بمعدل 70 مريضاً يومياً. كان المستشفى الميداني عبارة عن مخيمات بلاستيكية موصول بعضها ببعض، لتصبح من الداخل كمبنى متكامل تتداخل فيه الغرف المتنوعة الأقسام، ويشرف عليها طاقم طبي مؤلف من 75 طبيباً وممرضاً. وناشد الأهالي حينها عدم إقفال المستشفى، ما دفع الحكومة البلجيكية إلى التبرع بمبلغ 4 ملايين دولار لدعم تجهيز مستشفى تبنين الحكومي، كتعويض منها. في 2009، حصرت قيادة اليونيفيل عملهم في ترسيم الحدود ووضع العلامات الزرقاء وشق طرق لتنفيذ هذه المهمة بعد تنظيفها من الألغام، بحسب باستيل. لذلك، قررت حكومتهم حينها تقليص عدد الجنود من 400 إلى 100 جندي فقط. ويشير باستيل إلى أن عدد الجنود الذين خدموا في لبنان وصل إلى 5550 جندياً، عملوا على إزالة 34000 لغم وقذيفة مزروعة في حقول جنوب الليطاني، واستطاعوا تنظيف نحو 1,77 مليون متر مربع من الأراضي المزروعة بالقنابل، وأبطلوا مفعول أكثر من 14 ألف لغم أرضي ومضاد للآليات، إضافة إلى تفجير نحو 500 لغم أرضي. وبين عامي 2008 و2009، شاركت الكتيبة البلجيكية في القوة البحرية لـ «اليونيفيل» وتولت عمليات الاعتراض والرصد.