لافتاً كان التقرير المهم الذي نشرته وكالة الأنباء المركزية التي يقودها الزميل الأخ العزيز فيليب أبي عقل، حول «مزاريب في مؤسسات عامة والهدر يفوق 9 مليارات» (دولار)! وكان العنوان دقيقاً بذكره «مؤسسات عامة» وليس المؤسسات العامة، أي لا يزال هناك، ربما، المزيد من المؤسسات التي تُهدر عليها الأموال الطائلة بلا… طائل! أي من دون أي مردود. يعني أنّ تلك المبالغ الخرافية هي تنفيعات لا غير يستفيد منها عموماً المحظوظون إضافة الى فريق من «الموظفين» نظرياً، إذ أنهم (عملياً) لا يقومون بأي نشاط وظيفي.
وإنني أقتبس من التقرير النماذج (الفقرات) الآتية:
* المجلس الأعلى السوري – اللبناني ومهمته متابعة تنفيذ أحكام «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق» بين لبنان وسوريا وتبلغ موازنته السنوية نحو 885 مليون ليرة.
* معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس حيث يتمحور نشاطه حول التعريف بثروات لبنان والبلاد العربية والأجنبية وإطلاع التجار والصناعيين على التقدم الحاصل في مختلف فروع الإنتاج، إضافة الى عقد المؤتمرات واستضافة المنظمات المتخصصة. تبلغ موازنته السنوية نحو 400 مليون ليرة.
* مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، تبلغ موازنتها السنوية ما يقارب 13 مليار ليرة، علماً أن سكك الحديد معطلة والقطار متوقف منذ العام 1979 على خط طرابلس بيروت، ومن العام 1983 على خط الجنوب بيروت قبل أن يتوقف نهائياً عام 1988.
* البرق إدارة البريد. تبلغ موازنتها السنوية 6.8 مليارات ليرة (6.828.700.000 ليرة)، متوقفة عن النشاط منذ العام 1988، والقطاع تم تخصيصه برمته.
1 Banner El Shark 728×90
* المؤسسة العامة لترتيب الضاحية الجنوبية الغربية لبيروت «إليسار»، تبلغ موازنتها السنوية نحو 3.4 مليارات ليرة (3.410.000.000) متوقفة عن العمل منذ العام 1997 (…).
أكتفي بهذه النماذج من التقرير الرصين، المهم… ويكفي القارىء أن يلقي نظرة على المهام الموكل تنفيذها الى المؤسسات الواردة ذكرها أعلاه ليتبين أن بعضها ربما يكون حاجة ماسّة، ولكن الإدارة ذات الصلة متوقفة عن العمل إلاّ أن الأموال ترصد لها في الموازنة العامة.
والسؤال الذي يطرح ذاته بذاته: كيف يستمر هذا الهدر؟ ومن المسؤول عن إستمراره؟ وكيف يقر مجلس النواب موازنات الإدارات والمؤسسات العامّة التي ذكرنا؟ وعلى أي قاعدة تخصص ميزانيات لإدارات متوقفة منذ عقود (وليس فقط منذ سنوات)؟
إنها حال العجب العجاب!
ومع ذلك يحدّثونك عن الأزمات المالية، والإقتصادية التي تضرب لبنان وتشد الخناق على أعناق الناس.