IMLebanon

إستحقاقات 13 نيسان

لماذا على اللبنانيّين وأمام كلّ استحقاق أن يلعبوا لعبة سياسة حافة الهاوية؟ وهل هذه السياسة متعمّدة أم لا مفرَّ منها أمام الجماعات والمسؤولين عنها؟ ولماذا لا يجدون الحلول لمشاكلهم إلّا بعد توتير كبير؟

مناسبة هذه الاسئلة ما حصل في الأيام القليلة الماضية من توتير وتخوين وتخويف انتشر في الأجواء وأعاد إلينا أياماً سوداء. فبينما كان المجلس النيابي ولبنان على أعتاب تمديد ثالث لولايته التي كان من المفترض أن تنتهي اصلاً عام 2013، توتّر الجوّ والخطابات وزاد الحقن الطائفي والمذهبي من دون أن يُخبرنا أحد لماذا وصلنا الى أعتاب التمديد؟ ولماذا لا نستطيع أن ننجز استحقاقاتنا الدستورية بشكل طبيعي؟

خصوصاً أنه كان من المفترض على هذا المجلس المُمدّد لنفسه أن ينكبّ على درس قانون جديد للانتخابات فور انتهاء جلسة التمديد المشؤومة، وكان النواب قد آلوا على أنفسهم تقصير مدة ولايتهم والدعوة الى إجراء انتخابات فور الاتفاق على قانون جديد وقبل مرور سنوات التمديد… وهذا ما لم يحدث.

وأيضاً فإنّ الحكومة الحالية والتي يترأسها الرئيس سعد الحريري هي بامتياز حكومة انتخابات، وللدلالة على ذلك أقتبس ما يلي من البيان الوزاري: «ستقوم الحكومة بالتعاون مع مجلسكم الكريم بالعمل على إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية في أسرع وقت ممكن.

على أن يراعي هذا القانون قواعد العيش الواحد والمناصفة ويؤمّن صحة التمثيل وفعاليته لشتى فئات الشعب اللبناني وأجياله وذلك في صيغة عصرية تلحظ الإصلاحات الضرورية»… وهذا بالطبع ما لم يحدث، إذ إنّ الحكومة لم تعمل على تخصيص ولو جلسة واحدة لقانون الانتخابات، ولم تقدّم لنا لسوء الحظ أيّ اقتراح عصري أو حديث، بينما تقاسم أعضاؤها جبنة المشاريع وتحلّوا بالتعيينات.

هذا التخبّط والهروب من مشاكل الاستحقاقات يؤكّد مرة جديدة المؤكّد، وهو أننا ما زلنا نعيش في الحرب ولم نخرج منها. لم نصنع دولة تحمينا. في الأساس لم نعد نؤمن بالدولة وسلطتها ولا بمؤسساتها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإننا شعب نتّكل على الخارج لحلّ مشاكلنا الداخلية.

أنا أتحدّى أن يُسمّي لي مسؤول أيّ استحقاق داخلي تمّ إلّا بمباركة وتدخل وضغط خارجي، سواءٌ كان هذا الاستحقاق انتخابات رئاسية أو نيابية أو تشكيل حكومة… والأخطر من كل ذلك، أننا جماعات تعيش على أرض واحدة ولكنّها لا تثق ببعضها، وما الصراع على شكل قانون الانتخابات إلّا دليل على ما اقول.

فكل جماعة تحاول تحسين شروطها من خلال التحايل على القانون، ضاربة بعرض الحائط أيّ فكرة لبناء مؤسسات شرعية تقوم على «قواعد العيش المشترك»، والأسوأ حينما يستغل الناطق باسم الجماعة حاجات جماعته، فيعمل على وضع قانون على قياسه واهماً شعبه بأنه يحصّل لهم حقوقهم، هو الغارق في تفاصيل منطقته والمهجوس بجلّ قضائه.

كل هذه التعقيدات تؤدي حتماً الى أن نعيش التوتر حتى الثمالة، ولكن كون زعماء الجماعات ما زالوا يستفيدون من خيرات الدولة وطالما أنّ الخارج يريد الهدوء في لبنان، فإنّ الانفجار يعطّل بسحر ساحر ومن دون أيّ مجهود، وتعود الأمور الى طبيعتها، وذلك في انتظار موعد جديد مع استحقاق قريب… هو 13 نيسان لم نخرج منه ويبدو أننا لن نتمكن قريباً من فعل ذلك.