لافتاً كان كلام أحد مستشاري بنيامين نتنياهو الذي قال إن رئيس وزراء العدو يعتبر نفسه منتصراً.
يأتي هذا الاعتبار الذاتي دليلاً قاطعاً على أن رئيس كابينت الحرب الاسرائيلي واثق من أنه لم يربح شيئاً حتى الآن، ومن المستبعد أن يحقق انتصاراً في القريب المنظور على الأقل.
طبعاً، نحن لسنا من الذين يتجاوزون الواقع الذي نعرف أنه مرٌّ جدّاً، كما لسنا ممّن ينكرون أو يتجاهلون مدار الأحداث والتطورات من حولهم، لكننا ندرك، بداهةً، أن الانتصار على العدو الإسرائيلي، في المفهوم الكلاسيكي للمواجهات الحربية، ليس في متناول اليد، لا سيما في الظرف الإقليمي والدولي الذي يحوط بنا مع الهرولة العربية الى الاعتراف بإسرائيل وإقامة المزيد من العلاقات الديبلوماسية معها، ناهيك بالتبادل التجاري والاقتصادي والمالي، على نطاق واسع، القائم بين الجانبين حتى من دون علاقات ديبلوماسية متبادَلَة. وأما عن الدول الإسلامية، في أكثريتها الكبرى، فحدّث ولا حرج، إذ هناك بينها وبين الكيان الصهيوني علاقاتٌ يدخل بعضها في ما يسمّى بِـ «وحدة حال». وثمة فيها ما يبلغ تعاونه الى الحدود العسكرية والأمنية والمخابراتية(…).
فأمام هكذا حالٍ مغرقة في السلبية كيف نقول إن الاحتلال لن ينتصر؟!. الجواب ببساطة لأن نتنياهو وأركان حربه لن يستطيعوا أن يكسروا إرادة الناس، ولن يتمكنوا من ضرب معنويات المجاهدين في جبهتَي الشمال (مع لبنان)، والجنوب (في غزة). إنهم يقتلون بوحشية غير مسبوقة، هذا صحيح. وإنهم يدمرون بهمجية قد لا يكون لها مثيل، وهذا أيضاً صحيح. وإنهم يغتالون كبار القادة، وأكبرهم قاطبة الشهيد الاستثنائي المغفور له بإذن الله سماحة السيد حسن نصر الله، وكذلك الشهيد إسماعيل هنية وأركانهما وكبار القامات من فريقي العمل هنا وهناك. وهذا صحيح…
ولكن، مع ذلك، ماذا حقق العدو في السياسة وهو المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية من دون حدود؟ هل توصّل الى تحقيق أي بندٍ من لائحة أهدافه المعلَنة التي تبدأ بإطلاق الرهائن ولا تنتهي بقلب المعادلات في الشرق الأوسط مروراً بتهجير أهالي غزة الى خارج فلسطين؟!.
لم يحقق شيئاً من ذلك، وعلى العكس فقد كشف في تعنته عن إنهاك جيش الحرب الإسرائيلي، وانهيار السياحة بنسبة 90 في المئة، وتراجع تصنيف الكيان المحتل لدى مختلف المؤسسات العالمية الخ… وحتى بعض الدول الذي كان على حافة التطبيع، أوقف هذا المسار.
ويمكن المضي طويلاً في هذا السياق السلبي على العدو بتداعياته الكثيرة.
وبالتالي، ألم يحن الوقت ليتراجع رأس الأفعى (في بيت واشنطن الأبيض) عن انحيازه الأعمى، ليضع نتنياهو أمام الحقيقة: صحيح أن غزة ولبنان في معاناة رهيبة، ولكن الصحيح جداً أنك لم تكسب من هذه الحرب سوى لقب «السفّاح».