يبدو ان الوحيد الذي يعيش هذه الأيام في مأزق كبير هو رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.. والسبب بسيط جداً ان هناك سجناً ينتظره إذا حصل اتفاق سلام بين إسرائيل وحركة حماس.. فالقضاء الاسرائيلي ينتظر نتانياهو نظراً لملفاته القضائية وهي:
أولاً: المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية قرّر تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في ثلاثة ملفات هي:
أولاً: تلقي رشى والغش وخيانة الأمانة.
ثانياً: يوصف الملف 4000 الذي أطلقه المحققون بأنه الأخطر عليه.
ثالثاً: قضيّة 1000 الموجهة ضد نتانياهو بأنه تلقى وأفراد من عائلته رشى بقيمة 750 ألف شيكل (240 ألف دولار) من المنتج الاسرائيلي الهوليودي أرنون ميلتشان… و250 ألف شيكل (72 ألف دولار) من الملياردير الاسترالي جيمس باركر.
رابعاً: قضية 2000. إذ تشتبه الشرطة في محاولة نتانياهو التوصّل الى اتفاق مع مالك صحيفة «يديعوت احرونوت» الناشر أرنون موزيس.
خامساً: قضية الرشوة المعروفة إعلامياً بملف 4000 أو قضية «بيزيك»، وهي أكبر مجموعة اتصالات في إسرائيل حول ما إذا كان سعى للحصول على تغطية إعلامية ايجابية في موقع «واللا» الإخباري الذي يملكه شاؤول ايلوفيتش رئيس «مجموعة بيزيك» مقابل خدمات وتسهيلات حكومية عادت على مجموعته بمئات ملايين الدولارات، إضافة الى اتهامه بمحاولة كف يد القضاء والتدخل في شؤونه.
هذا من جهة نتانياهو… فإنّ أي هزيمة له في غزة، وتنحيه عن رئاسة الوزراء تعني محاكمته ودخوله السجن… أما حركة حماس فليس أمامها إلا حلّ واحد وهو الحرب والفوز فيها والبقاء في غزّة، و»الحركة « ليست هاوية حروب ولكن الوضع القائم في ظل الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على الفلسطينيين بدءاً بإحالة أي مواطن فلسطيني الى القضاء والسجن تحت حجج كاذبة والسبب فقط التنكيل بالشعب الفلسطيني، إضافة الى ما يعانيه أهل فلسطين من تجاوزات بحق أبناء القدس منها تعليمات دخول الحرم القدسي الشريف لأسباب سياسية وأمنيّة، كذلك فإنّ قانون الدين اليهودي هالاخاه يفرض قيوداً على الفلسطينيين بتحديد أعمار وأسماء الداخلين الى المسجد الأقصى… ناهيك عن الحصار الخانق المفروض على غزّة بالكامل حتى قبل السابع من تشرين الأول الفائت، يوم بدء ملحمة «طوفان الأقصى». إنّ هدف «حماس» في النهاية هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.
باختصار… فإنّه وعلى صعيد المصلحة الذاتية، نجد أنّ لدى بنيامين نتانياهو، اليميني الليكودي، أسباباً تدفع نحو شن حرب والاستمرار فيها… أبرز هذه الأسباب وضعه السياسي المتأزم جداً، فهو الى الأسباب التي ذكرتها والتي قد تدخله السجن، يواجه أكبر موجة احتجاج جماهيري في تاريخ إسرائيل حيث يخرج كل مساء مئات ألوف المتظاهرين ضدّه… وهؤلاء يلاحقونه شخصياً، حيثما يتحرّك، أمام بيته الخاص في قيسارية، ومقرّه في القدس… حتى أصبح يقلل من زياراته الميدانية الى الحدّ الأدنى.
إلى نتانياهو يوجّه المتظاهرون اتهامات له بالاحتيال وخيانة الأمانة وتلقّي الرشى، وهو يشعر بالاختناق من التظاهرات التي ينظمها المحتجون وأهالي الرهائن وعلى هجومه على أجهزة القضاء التي بلغت حدّ التوجّه الى السفارات الأميركية والأوروبية رافعة شعارات: «انقذوا الديموقراطية من خطط نتانياهو الديكتاتورية». من هذه النقطة بالذات فإنّ نتانياهو يرى ان ليس أمامه سوى الاستمرار في حربه ضدّ «حماس».
«حماس» لا يمكن أن تُهْزم أبداً… وإسرائيل غير قادرة على إزالتها. ونتانياهو صاحب مصلحة في استمرار الحرب.
ولكن ما هو موقف الرئيس الأميركي جو بايدن، وهل هو قادر على وقف إطلاق النار؟
الرئيس الاميركي لا يحبّذ أو لا يوافق على وقف إطلاق النار في غزّة حالياً… إذ أعلن وبصراحة أنه لا توجد إمكانية لوقف إطلاق النار. وتفيد معلومات مؤكدة ان بايدن لم يستجب لضغوط يساريي حزبه لوقف النار، علماً بأنّ هناك غالبية ديموقراطية تعارض وقف إطلاق النار نهائياً في غزّة.
وفي ظلّ هذه المواقف المتنافرة المتعارضة.. وبعد التطوّرات الأخيرة في ملف تبادل الأسرى والهدنة المؤقتة الممدّدة وإدخال المساعدات الانسانية الى قطاع غزّة، تبرز تساؤلات حول إمكانية إطالة الهدنة الى درجة تحوّلها الى وقف إطلاق النار، وتعطيل مواصلة العدوان الاسرائيلي على غزّة، في حين يحاول نتانياهو ومن معه طمأنة الاسرائيليين بأنّ الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها.
وأعتقد جازماً، في خلاصة منطقية، أنّ العرب قادرون على جعل الولايات المتحدة توقف إطلاق النار، إن هم أرادوا فعلاً.