IMLebanon

نتنياهو يُصارع للبقاء رغم الخسائر الفادحة والأزمات الداخلية والضغوطات والدولية!

 

يُكابر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مُتجاهلاً حجم الخسائر التي مُنِيَ بها على مُستويات عدّة.

يُدرك أنّه بعد وقف العدوان على قطاع غزّة، سيكون أمام مُساءلات تصل إلى إنهاء حياته السياسية وتُهدّد بدخوله إلى السجن، فضلاً عن الملفات القضائية السابقة التي يُلاحَق بها بتهم الرشوة، الاحتيال وخيانة الأمانة.

 

هذا مع تراجع شعبية نتنياهو، حيث أظهرت الاستطلاعات حول الشخص المُناسب لتشكيل الحكومة، ترشيح 48% غانتس، مُقابل 34% لنتنياهو، و18% لم يُحدّدوا إجابة مُعيّنة.

كما أنّ حزب «الليكود»، الذي يترأسه نتنياهو والمعسكر اليميني الذي يتزعّمه، لن يتمكّن من تحقيق أكثر من 47 مقعداً في «الكنيست»، إذا ما جرت الانتخابات قريباً، ما يحول دون تمكينه من تشكيل حكومة جديدة.

فيما يبرز اسم زعيم «المعسكر الوطني» بيني غانتس، حيث تُعطي الاستطلاعات الفريق المُعارض لنتنياهو أكثر من 70 صوتاً.

في غضون ذلك يستمر التوتّر القائم بين نتنياهو ورئيس الولايات المُتّحدة الأميركية جو بايدن، الذي يُحاول الضغط عليه من أجل التوصّل إلى هدنة في قطاع غزّة، بعدما أظهرت استطلاعات تراجع شعبية الرئيس الأميركي في سباق الانتخابات الرئاسية، بفعل الصوت المُعارِض لما يُقدّمه من دعم إلى الكيان الإسرائيلي، والذي يتمثّل بالصوت الفلسطيني واللبناني والعربي – المسلم والمسيحي -، وحتى من اليهود المُعارضين للحرب وسياسة نتنياهو!

 

وقد جرى اتصال بين بايدن ونتنياهو، هو الأوّل بينهما مُنذ أكثر من شهر، استغرق 45 دقيقة، جرت خلال مُناقشة آخر تطوّرات الحرب على غزّة والوضع في رفح.

جاء ذلك في ظل لجوء نتنياهو إلى «اللوبي الإسرائيلي»، ثاني أقوى قوّة تدعم الكيان الإسرائيلي في واشنطن، بعد أيام من خلافه العلني مع بايدن!

ورغم الدعم الذي تقدّمه الولايات المُتّحدة الأميركية إلى الكيان الإسرائيلي، والبالغ 3.5 مليارات دولار أميركي سنوياً، ما يُمثّل ربع ميزانيته العسكرية، هناك 15 مليار دولار أخرى تنتظر مُوافقة «الكونغرس» الأميركي، إلا أنّ بايدن يدعم أنْ يكون غانتس على رأس الحكومة الإسرائيلية.

 

لعل الزيارة التي قام بها غانتس إلى واشنطن، من دون تنسيق مع نتنياهو، تُشكّل إشارةً واضحةً إلى دعم واشنطن لغانتس ليكون على رأس الحكومة الإسرائيلية، وتأمين لقاءات له مع نائب الرئيس الأميركي كامالا هاريس ومُستشار الأمن القومي جيك سوليفان.

هذا في وقت، ما زالت الخلافات تعصف بمُكوّنات حكومة الحرب الإسرائيلية، حيث قرّر نتنياهو إبعاد غانتس عن اتخاذ القرار بشأن مُفاوضات الهدنة، وأبلغ «الكابينت» خلال اجتماع ترأسه على مدى 3 ساعات، توجّهاته بأنّ وفد المُفاوضات سيُحدّده هو ووزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت.

وقد كلّف رئيس جهاز «المُوساد» ديفيد برنياع بالتوجّه إلى الدوحة، للمُشاركة في المُفاوضات.

إلى ذلك، هدّد وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بترك الحكومة إذا تمَّ إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مُلطخة أيديهم بالدماء!

أيضاً مُعارضة سموتريتش التعيينات في جيش الاحتلال، حيث يُطالب بسلخ صلاحية التعيينات من الجيش، وهو ما لم يرضخ له رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، الذي قام بتعيينات شملت 56 ضابطاً جديداً في مُختلف الأولوية.

وبتداعيات زيارة غانتس إلى واشنطن، فإنّ نتنياهو نجح بتحريض رئيس حزب «تكفا حداشا» جدعون ساعر على الانشقاق من «المعسكر الوطني» الذي يترأسه غانتس، وقدّم طلباً إلى «الكنيست» ليكون حزباً مُستقلاً باسم «اليمين الوطني».

هذا علماً بأنّ انسحاب ساعر من هذا الائتلاف، لا يُؤثّر كثيراً على نيل المُعارضة الأكثرية في «الكنيست»، ولا يُمكّن نتنياهو من نيل أكثرية تشكيل الحكومة.

كما هدّد ساعر بالانسحاب من حكومة الحرب (وهو وزير من دون حقيبة)، إذا لم يتم ضمّه إلى مجلس الحرب في غضون أيام، علماً بأنّ حكومة الحرب التي جرى تشكيلها بعد أحداث 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، تضم: نتنياهو، وزير الدفاع يوآف غالانت وغانتس.

ويُشارك في المجلس بصفة مُراقب كل من: قائد الأركان السابق غادي آيزنكوت ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.

كما تُواجه حكومة نتنياهو قضية قانون التجنيد الإسرائيلي، حيث ينتهي آخر الشهر الجاري سريان الأمر الصادر عن الحكومات الإسرائيلية المُتعاقبة بإعفاء اليهود «الحريديم» من الخدمة العسكرية مُقابل دراسة التوراة في المدارس الدينية اليهودية.

وأمهلت «المحكمة العليا» الإسرائيلية حكومة نتنياهو حتى 31 آذار/مارس الجاري، من أجل التوصّل إلى صيغة تفاهم بشأن تجنيد «الحريديم» وإلزامهم بالخدمة العسكرية.

وقد تبيّن أنّ عدد مَنْ يُمكن تكليفهم في الوقت الحالي يصل إلى 170 ألف شخص، لا يقوم الجيش الإسرائيلي بتجنيدهم، ويُعتبرون حسب القانون فارّين من الخدمة العسكرية.

ويبلغ عدد «الحريديم» الذين ينتمون إلى القطاع اليهودي الأرثوذكسي المُحافظ 1.3 مليون شخص، بما يُشكّل نحو 14% من سكان الكيان الإسرائيلي.

وقد وصل الأمر بتهديد الحاخام الأكبر لليهود «الحريديم» إسحاق يوسف بالقول: «إذا فرضوا علينا الخدمة العسكرية في الجيش، سنُسافر جميعاً إلى الخارج، سوف نشتري التذاكر».

بهذا سيكون نتنياهو مُضطراً إلى إيجاد حلول تمنع انهيار حكومته المُتمثّلة بـ64 نائباً، والمُحافظة على تحالفه التاريخي مع أحزاب «الحريديم».

رغم الضغوطات الدولية، إلا أنّ نتنياهو يُواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث سُجّل حتى اليوم الـ165 للعدوان على غزّة، سقوط أكثر من 32 ألف شهيد وما يفوق 10 آلاف مفقود، وما يتجاوز 73500 جريح، وتدمير وتضرّر أكثر من 350 ألف بين وحدة سكنية ومُستشفى ومدرسة وجامعة، ومركز إيواء، ومسجد وكنيسة، واضطرار نحو مليونين من أبناء غزّة للنزوح إلى الجنوب.

ويُعاني أكثر من 61% من سكان القطاع الجوع الحاد، و68% من السكان لا يتوفّر لديهم ما يكفي من طعام في شهر رمضان المُبارك، فيقضي الكثيرون موتاً لنقص الغذاء.

هذا في ظل استمرار اعتداءات واقتحامات قوّات الاحتلال الإسرائيلي في الضفّة الغربية وسقوط أكثر من 450 شهيداً و4 آلاف جريح و7200 أسير.

وما زال العالم ينتظر ولم يضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف العدوان والحرب ضد الشعب الفلسطيني!