IMLebanon

نتنياهو الواهن والتائه والمضطرب والمذهول

 

 

 

عندما يعمد رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى إطلاق تهديدات جمّة جميعها تصبّ في خانة إحراق الأخضر واليابس في لبنان وغزة ورفح، يعني ان الرجل أمسى يكابد من إنهيار عصبي حاد سببتها له هزائمه في الأشهر الثمانية الغابرة في غزة وشمال فلسطين المحتلة. لكن المعضلة أن قسماً كبيراً من الرأي العام الصهيوني لا يرى إلّا القسم الملآن من الكوب. أما القسم اليهودي المعارض لنتنياهو يعبّر في أغلبية الأحيان عن سخطه من تلك السياسات بالصمت المرفق ببعض عبارات الإستهجان. وعلى كلّ، تلك هي بروتوكولات صهيون المعتادة على عدم إفساد الودّ بين أبناء البيت الصهيوني بشظايا القدح والذم وموشحات الغضب والضغينة، معتمدين في ذلك على دعم العالم الإعلامي وخصوصاً بشقّه المرئي الموالي بمعظمه لأموال أنصار نهار السبت. إن القضية وفق ذلك التخبط من الرجل الذي بات متخماً بجراحات الإنتصارات الفلسطينية ومكائدها وكمائنها وأفخاخها التي ألحقها به رجال المقاومتين: اللبنانية والفلسطينية، لم تعد تقتصر فقط على مجرد خطة لتبادل الأسرى بين الكيان الغاضب وحركة حماس فحسب، فالهستيريا النتنياهوية فَقدَتْ صوابها جرّاء ما أصابها في غزة وجنوب لبنان، فباتت المسيّرات العبرية تستهدف عامة الناس في ظل استمرار عربدة الطيران الحربي الصهيوني في سماء وطن الأرز العربي، ونتنياهو يعد شعبه الرعديد بالإنتقام بمصّ الدماء، وبشنّ أعتى اشكال وأنواع الجرائم على من هزمه من أبطال وأحرار وشرفاء، كي يهدّئ من روع أفراد عصاباته، ويقيل عثرة جنون عظمتهم وجبروتهم واقدامهم الهمجية التي باتت تسير في وحول فلسطينية رمالها متحركة، وينبري أبٌ لجندي صهيوني قتيل ويقول لقد مات إبني من أجل نتنياهو. لذا أنا اليوم لا أكرهه فقط، بل احتقره، هذا ما أفاد به الرجل بتاريخ 8 حزيران 2024. وتهدف خطة نتنياهو إلى تصفية القضية الفلسطينية وسحق كل مشروع يؤدي إلى حل الدولتين، خصوصاً إذا كانت القدس عاصمة لفلسطين. يتصرف نتنياهو وفق مندرجات الأجندة التي تسلّمها من أجداده الذين قاتلوا في عداد عصابات الأرغون والشتيرن عام 1948، والمطلوب فيها قيام الدولة اليهودية فقط على أرض فلسطين، لكن يا ليته يعلم اليوم من يقاتل. إن زعيم أخطر كيان إستيطاني دموي توسّعي على وجه المستديرة يقاتل جنوده اليوم عشاق الشهادة أبناء حركة حماس والجهاد واحفاد الزعيم عز الدين القسّام الذين بدورهم يقاتلون الطغاة بصدورهم العارية بكل رحابة صدر. لقد فضحت صحيفة «هآرتس» العبرية نتنياهو عندما قالت بأنه يهدف إلى إنهاء النـزاع مع حماس بأسرع وقت ممكن، لكنه غير قادر لأن الضربات الإستباقية الفلسطينية التي استهدفت نخب جيشه أنهكته سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وهو الذي أتحفنا منذ أسابيع قليلة قائلاً أن أمر إنهاء حركة حماس يتطلب عشر سنوات. أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فقالت أن مجلس الوزراء لم يتخذ قرارات حاسمة مطلوبة لتحقيق أهداف الحرب. ويخال نتنياهو نفسه بطلاً من أبطال الفيلم الأميركي الطويل. لكن فاته من قريب ومن بعيد أن الضربات التي لا تميت تقوّي الشرفاء أصحاب الحق وترسّخ إيمانهم المتجذّر والراسخ بدولة على كامل التراب الفلسطيني ورحلة استعادة أرض مغتصبة عبر إنتصارات قادمة مولودة من رحم أمجاد، لا تعترف بالبكاء على الأطلال وبالجدل البيزنطي العقيم، إنما «أي الإنتصارات» المنتظرة تعيش في أرضٍ خصبة، هذه الأرض التي تنتظر إرتقاء المقاوم ليحتضن ترابها شهادته، وفي المقابل تنتظر أيضاً من يتوق إلى النهل من ينابيع العزّة والفخر، ليمسي بعدها شهيد واجب التحرير المقدّس، وعندها يأفل نجم المساومات ويبزغ فجر جديد من الإنتصارات. يقول الغزاة الصهاينة إسرائيل ستحرق بيروت. لكن هل أن إسرائيل قادرة على ذلك؟ ومن البيت الغاصب والمعادي، نأخذ اعترافات أهله، إذ أن المسؤول السابق في قسم الاستخبارات لجمع المعلومات والعمليات الخاصة في الموساد حاييم تومر حذّر من أن خوض إسرائيل حرباً مع حزب الله بعد 8 أشهر من القتال في غزة سيقوّض قدراتها على مواصلة عملها كدولة وكمجتمع ولاعب دولي. وقال المسؤول الإسرائيلي السابق لصحيفة «إسرائيل اليوم» أن حزب الله اليوم يشكّل تهديدات لإسرائيل لم تكن متوقعة وليس لدى الجيش أي ردّ عليه، وأضاف تومر في حديث للصحيفة أن خوض حرب واسعة مع حزب الله يشكّل تهديداً للرؤية الصهيونية لإسرائيل. وشكّك في قدرة الجيش الإسرائيلي على التمّكن من خوض حرب شاملة والصمود بالقتال في مواجهة هذا الحزب. وأشار إلى ان صواريخ حزب الله إذا اندلعت الحرب، ستشلّ إسرائيل لأسابيع، بما في ذلك مطار بن غوريون وحيفا, وستجعل الحرب الواسعة مصير عكّا وحيفا وطبريا، وربما تل أبيب كمصير كريات شمونة والجليل. وذكر تومر أن الحزب يمتلك بين 100 و150 ألف رأس حربي وبإمكانه إطلاق 1500 صاروخ يومياً خلال الأيام الأولى من الحرب، مشيراً إلى أن الحزب اللبناني يمتلك ضمن مخزونه صواريخ دقيقة باستطاعتها تفجير حقول الغاز الإسرائيلية في ثوانٍ. ولفت تومر إلى ان سلاح الجو الإسرائيلي لم يعد حرّاً في العمل فوق لبنان جرّاء نظام الكشف الذي زوّدت به إيران حزب الله. ومن باب التذكير فإن تهديدات نتنياهو لبيروت ولبنان تأتي في وقت يقف فيه لبنان على أبواب موسم سياحي صيفي واعد، وقد اعتدنا على كل أنواع الحروب النفسية التي شنّتها إسرائيل على لبنان في السابق وفي هذا الوقت بالتحديد وهي مستمرة إلى الآن. فمن يَصدُقُ الحرب النفسية أم قنبلة الموسم الصواريخ الإسرائيلية والحرب على لبنان؟

إن كل إنسان مؤمن إيماناً منطقياً وواقعياً بفحوى مقدمة النشيد الصهيوني القائلة:

 

طالما تكمن في القلب نفس يهودية تتوق للأمام نحو الشرق أملنا لم يصنع بعد! حلم إلف عام على أرضنا – أرض صهيون وأورشليم – ليرتعد من هو عدوّ لنا – ليرتعد كل سكان مصر وكنعان ليرتعد سكان بابل – ليخيم على سمائهم الذعر والرعب منا – حين تغرس رماحنا في صدورهم! ونرى دمائهم تُراق ورؤوسهم مقطوعة! وعندئذ يكون شعب الله المختار حيث أراده الله…

هذا ما يتوق إليه نتنياهو كأسلافه تماماً، دخول كلمات هذا النشيد حيّز التنفيذ على الأرض. أما بعد هل لنا عن السلاح المقاوم بديلاً؟