IMLebanon

رحلة في ذهن نتنياهو!

ماذا يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لدولة إسرائيل؟ وكيف يمكنه تحقيق ذلك؟
قد يكون الهدف الأبعد لنتنياهو، وهو لن يستطيع تحقيقه، هو فلسطين من دون فلسطينيين! أي الترانسفير! فهذا برأيه هو حق إلهي «توراتي» للشعب اليهودي!

نتنياهو لا يريد لا حل الدولتين ولا الاعتراف للفلسطينيين بأي حق آخر! وبالتأكيد فإن كثيرين من قادة إسرائيل سيكملون بهذا الهدف وهذا الاتجاه! خاصة بعد القانون الذي تمّ التصويت عليه في الكنيست الإسرائيلي مؤخراً في 18 تموز/يوليو الماضي ضد إنشاء دولة فلسطينية!

خفايا «الرحلة» العسكرية!

في الحرب، يسعى نتنياهو الى إعادة الهيبة الى الجيش الإسرائيلي لتعود صورة الجيش الذي لا يقهر! وهو يريد تبديد صورة 7 أكتوبر بتحقيق انتصار عسكري، أو أمني بطعم عسكري!
وهو يسعى في غزة الى اغتيال يحيى السنوار والى استعادة الرهائن. هؤلاء الرهائن هم نقطة ضعفه في المعركة! وإن كان يفضّل الاستمرار في المعارك على عودتهم أحياء! واحتلال كامل لرفح هو على نار «مفرملة» بسبب الكثافة السكانية، التي يمكن أن تتسبب بفاتورة بشرية كارثية مضاعفة لما هي عليه حالياً على الأقل!

كما يسعى نتنياهو الى فرض حكم على غزة في «اليوم التالي» غير فلسطيني، عربي خليجي على الأرجح، بإشراف إسرائيلي. لذلك، هو لا يوافق على أي نوع من أنواع التفاوض الذي يتطلب منه «وقف دائم لإطلاق النار» أو «انسحاب كامل من غزة»!
ويسعى في الضفة، للسيطرة عليها «عسكرياً» بالكامل، لمنع إمكانية قيام أي انتفاضة «مسلحة»، وتكريس أمن الضفة الداخلي بيد الجيش الإسرائيلي، بانتظار ترحيل أهلها شيئاً فشيئاً.
وهو يحوّل الضفة الى سجن كبير. وينقل قادتها الى سجونه! وقد أصبحت هذه السجون تكتظ بحوالى 10.000 سجين، بعدما كانوا حوالى 1.500 سجين في مطلع الحرب!

ويسعى في لبنان، الى استمرار الحرب الجارية، والى استمرار «اصطياد» قيادات حزب الله بالاغتيال الموجّه تكنولوجياً، المدعوم من خرق الموساد لأمن الحزب.
والأهم أنه يسعى الى حرب شاملة لإعادة سكان الشمال الإسرائيلي الى «مناطقهم وقراهم». وخاصة أنهم يضغطون عليه كثيراً. ويصرِّحون أنهم لن يعودوا طالما هناك مخاطر من حزب الله تجاههم!
ويسعى في إيران، الى ضرب المفاعل النووي، عاجلاً أم آجلاً، مع حرب إقليمية أو من دونها.
كما يسعى لـ «توريط» الأميركيين في هذه الحرب الإقليمية بعد انتخاب الرئيس الأميركي المقبل، أي بعد 5 نوفمبر!
ويأمل نتنياهو أن يفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية «صديقه» دونالد ترامب ليتعاونا معاً في إعادة رسم المنطقة!
كما يسعى للرد الموضعي على أذرع إيران الحوثية في اليمن، و«الميليشياوية» في العراق.
نتنياهو لم يكن راضٍٍ على الرئيس جو بايدن ولا على إدارته! وذلك، على الرغم من حصوله منها على كل المساعدات الممكنة (وعلى 26 مليار دولار بعد الرد الإيراني بدلاً من الـ 14 مليار التي لم يكن يحصل عليها قبل الرد). وذلك، بسبب خلافهم على الأجندة، وبسبب محاولة بايدن وإدارته عدم تلوين إدارته بكل الدماء التي يتسبب بها نتنياهو في غزة!
ويسعى في سوريا، الى اغتيالات… إيرانية ولبنانية، والى ضربات لمخازن وذخائر إيرانية ولبنانية، من دون التصويب على أهداف توسعية إضافية. فالوضع مع سوريا غير مقلق بالنسبة إليه، مع سيطرته الدائمة على الجولان. وهذه السيطرة برأيه ليست بخطر!

في الرحلة السياسية!

في السياسة، يعمل نتنياهو على 3 مستويات؛ على مستوى السياسة الإسرائيلية الداخلية، على مستوى السياسة العربية وعلى مستوى السياسة الدولية.
قد يكون الموضوع السياسي الأسهل لنتنياهو هو السياسة الدولية، مع دعم أميركي وأوروبي لا متناهي، ومع نشاط اللوبي الصهيوني القوي جداً، وبخاصة مع تحركات الأيباك التي لا تهدأ. وهو ما يضمن له فيتو أميركي في مجلس الأمن عند الحاجة! بالإضافة الى مساعدات عسكرية ومالية تصل إليه على الدوام. وقد وصلت المساعدات المالية خلال عشرات السنوات الى حوالى 175 مليار دولار.
فهذا الدعم الدولي لإسرائيل غير مشروط. ويستفيد منه أي وكل رؤساء الحكومات في إسرائيل.
ولا يخشى نتنياهو من المؤسسات الدولية؛ لا من محكمة العدل الدولية التي يهاجمها بقوة بسبب مذكرة التوقيف التي اتخذتها بحقه (بالتوازي مع مذكرة ضد يحيى السنوار)، ولا من الهيئة العامة في الأمم المتحدة التي يبقى قرارها، ولو بالإجماع، وعلى أهميته، استشارياً وغير ملزم!
نتنياهو يعتبر نفسه، كما يعتبر إسرائيل فوق القانون الدولي. ويحظى بمعاملة دولية فريدة! كما حصل مع استقبال رياضيي إسرائيل في الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس، واستبعاد رياضيي روسيا بالمقابل!
والأهم أن نتنياهو لا يخشى من قرارات مجلس الأمن، مع خزان هائل من 3 فيتوهات لكل من قراراته، أي الأميركي والبريطاني والفرنسي، علماً أن الفيتو الأميركي وحده يكفي!
وكذلك يدرك نتنياهو، أنه يستطيع الاعتماد على أصدقاء إسرائيل في عالمي المصارف والإعلام للدعم عند الحاجة ولتلميع صورته وصورة إسرائيل ولتشويه صور الآخرين!
عربياً، يعتبر نتنياهو أن اتفاقات أبراهام هي حجر الأساس لبناء علاقاته.
وسيركّز نتنياهو على هذه الاتفاقات التي تمّ توقيعها في شهر أيلول/سبتمبر 2020 بين إسرائيل وبين دولة الإمارات العربية والمغرب والبحرين. وهو يعتبر أنها تسعى الى إدخال الشرق الأوسط فعلياً في القرن الحادي والعشرين!
ويعتقد نتنياهو أن الاتفاق مع السعودية، وحتى مع دول خليجية أخرى ممكن في المستقبل. وذلك، بعد التطبيع المستمر مع كل من مصر والأردن. وهو يعتبر أنه لا مشكلة مع قطر التي تلعب دور الوسيط بينه وبين حماس، ولا تلعب دور العدو!
أبعدت أحداث 7 أكتوبر ومجازر إسرائيل التي تلتها ضد أهل غزة، أبعدت التوسّع في اتفاقات أبراهام. وأبعدت بحسب نتنياهو الشراكة مع الدول العربية ودول الخليج!
في الداخل الإسرائيلي، معركة نتنياهو هي الأصعب! ففي زمن الحرب تبقى «السكاكين» مخفية! وتنجح إسرائيل في أنه: في زمن الحرب ليس هناك يمين ويسار! ما يعني أن الحرب هي حطب ثورة نتنياهو على خصومه في الأحزاب الأخرى! كلما اشتعلت، كلما ابتعد عنه كأس الرحيل عن السلطة، الذي سيتجرعه عاجلاً أم آجلاً!
في هذه الأثناء، يفضّل نتنياهو الخيارات العسكرية! يريد أن تضرب الولايات المتحدة إيران. وقد يذهب بنفسه (وبطائرات جيشه) لضرب أي محاولة لتطوير المفاعل النووي الإيراني! ولكنه الآن، يحاول أن يسحق إمكانية «التنفس العسكري» في الضفة، كما يريد إعادة مهجري الشمال الى «بيوتهم وقراهم» ومستوطناتهم! ولما كان يدرك أنه يستحيل أن ينسحب حزب الله من منطقة جنوب الليطاني، فهو لن يتردد بشنّ حرب شاملة على لبنان!
في ذهن نتنياهو، يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية مخرجاً كالأبطال! وهو يدرك كل ما سيواجهه عند خروجه من الحكم! وهو إذا كان يسعى الى تحقيق مصلحة إسرائيل أولاً، إلّا أنه يرى أن مصلحة إسرائيل هي من ضمن مصلحته الشخصية، حتى ولو كانت تمرّ بإشعال المنطقة بأسرها… على طريقة نيرون!