على فالق الزلزال الاقليمي وهزاته الارتدادية، دخل لبنان مرحلة خطرة وحساسة، قد تمتد حتى نهاية الشهر، قبل ان تفصل خيوط مصيره الابيض عن ذلك الاسود، بعدما بات الجميع على قناعة بان كلمة بنيامين نتانياهو “التاريخية” امام الكونغرس، ستحدد مصير “اسرائيل” والمنطقة لعقود مقبلة، خصوصا انه بحلول 27 تموز يصبح الاخير مطلق اليدين مع دخول “الكنيست” عطلته الصيفية، الا اذا…
وفيما كان الجميع في انتظار ما ستقدم عليه “اسرائيل”، جاءت المفاجأة من اليمن، مع نجاح الحوثيين في استهداف “تل ابيب” بمسيّرة ايرانية، دون ان يتم التأكد بعد من حقيقة هدفها، الذي قد يبنى على معرفته الكثير من الحوادث المقبلة.
فالهجوم الحوثي النوعي، وضع” إسرائيل” في مأزق، حاملا معه دلالات استخبارية وعملياتية، اذ ان دخول المسيّرة الأجواء “الإسرائيلية” ووصولها إلى قلب “تل أبيب”، يعتبران حالة جديدة بعدما استهدف الحوثيون سابقا منطقتي إيلات وحيفا، خصوصا ان المنطقة المستهدفة يفترض ان يكون فيها الطيران ممنوعا او محظورا بشكل تام.
واضح ان العملية جاءت في توقيت دولي واقليمي لافت، من حيث تطوراته النوعية التي تبقى بغالبيتها طي الكتمان، وفقا لمصادر ديبلوماسية، حيث يسعى الاطراف المعنيون الى تبادل الرسائل “المجهولة – المعلومة” المصدر، معددة في هذا الاطار مجموعة من الاحداث ابرزها:
– تسريب معلومات اميركية عن وقوف طهران خلف محاولة اغتيال المرشح الجمهوري، بناء على معلومات استخباراتية، بعد توقيف شبكة خططت لاستهداف وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، وقائد القيادة الاميركية الوسطى سابقا الجنرال ماكينزي.
– استهداف قاعدة للحرس الثوري على بعد كيلومترات من مجمع نطنز النووي الايراني، حيث تم تدمير منظومة دفاع جوي من نوع “اس 300″، تلاها بعد يومين استهداف قاعدة “عين الاسد” الاميركية-الدولية في العراق بثلاث مسيرات من نوع “شاهد 101″، لم تنجح في الوصول الى اهدافها.
– كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء، والذي رفع فيه السقف عاليا، فارضا معادلات جديدة، اهمها “مدنيون مقابل مدنيون”، مشددا على وحدة الساحات التي لن تهدأ قبل تحقيق حماس اهدافها من الحرب، محذرا “اسرائيل” من التلاعب.
– التهديد الذي وجهه زعيم انصار الله للسعودية من انها عادت لتنفيذ مطالب الادارة الاميركية في حربها على اليمن.
– الانفجار الارهابي الذي استهدف احد جوامع الشيعة في سلطنة عمان، مع ما ترمز اليه مسقط نتيجة دورها في المفاوضات الاميركية – الايرانية.
– استخدام الحوثيين تكتيكات جديدة في استهدافهم للسفن في البحر الاحمر، تقوم على توجيه دفعة من الصواريخ والمسيرات بهدف اغراقها، بعدما كان يقتصر الامر على تحقيق اصابات فيها.
وعليه ترى المصادر ان تطور الامس، عزز من وضع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ومن حظوظ التفويض الذي سيعطى له اميركيا بعد زيارته للكونغرس، اذ ان ما حصل يعتبر تخطيا للخطوط الحمر، من قبل الحوثيين للمرة الثانية، في ظل الاستهداف اليومي للملاحة البحرية في البحر الاحمر، والذي ادى الى اخراج ميناء يلات من الخدمة.
واشارت المصادر الى ان الامور ذاهبة نحو مزيد من التصعيد، في ظل المخاوف من توجيه ضربة “اسرائيلية” مباشرة لليمن، مع تصاعد المطالبات في الداخل “الاسرائيلي” للتحرك واستعادة المبادرة، خصوصا ان “تل ابيب” تعتبر من الخطوط الحمر.
ورأت المصادر ان الهجوم الحوثي ليس منفصلا عما يجري، خصوصا لجهة تناغمه مع كلام السيد حسن نصرالله، وتنفيذا للاستراتيجية الجديدة التي اعلنها، حيث ان ضرب “تل ابيب” من اليمن في وقت كانت عشرات الصواريخ تنطلق من لبنان مستهدفة مستوطنات جديدة، يشير الى مدى القدرة والتنسيق الذي وصلت اليه الوحدات العسكرية للمحور، لجهة تنسيق النيران وتوزيع الاهداف، والاهم اظهار عجز “اسرائيل” عن الرد.
وابدت المصادر مخاوفها من ان المنطقة تتجه نحو صدام اميركي – ايراني بشكل تصاعدي، اذ لا يمكن تجاهل فرضية ان يكون هدف المسيرة السفارة الاميركية، بعدما استهدف الحوثيون اكثر من مرة قطعا من الاسطول الخامس الاميركي المنتشر في البحر الاحمر.
وعليه ختمت المصادر، بان حرب لبنان بات وشيكة برغم كل ما يحكى عنه، مع فشل كل الاتصالات لمنعها، ومع انتهاء التحضيرات للانتقال في غزة الى المرحلة الثالثة، التي ستسمح بتوجيه جهد الجيش “الاسرائيلي” نحو الجبهة الشمالية، حيث تشير التقديرات الى ان “تل ابيب” لن تكون وحدها في المواجهة، تماما كما حصل ليلة صدها للهجوم الايراني، وسط المخاوف من ان تكون المسيرة الايرانية قد فعلت معادلة بيروت مقابل “تل ابيب”.