IMLebanon

الموصل برلين والبغدادي هتلر؟

هناك إجماع في العراق وفي التحالف الدولي ضد «داعش» على اقتراب معركة تحرير الموصل وانتهائها بنصر مؤكد. والتمهيدات تحدث سياسياً وعسكرياً وإغاثياً، ففي السياسة زيارة مسعود بارزاني لبغداد بعد انقطاع ثلاث سنوات ولقاؤه الرئيس حيدر العبادي وقادة سياسيين، باستثناء نوري المالكي، بمثابة تمهيد للمعركة. وتحدّث رئيس إقليم كردستان عن تنسيق بين الجيش والبيشمركة وعن خطة محكمة لتحرير الموصل، وطمأن أهلها على سلامتهم ومستقبلهم. وفي المجال العسكري تكاد الاستعدادات تكتمل، خصوصاً مع مشاركة 600 عسكري أميركي جديد. كما تشرف الأمم المتحدة على التحضير لاستقبال مئات آلاف الموصليين الذين يتوقّع هروبهم من ميدان القتال.

يعيش العراق ما يشبه حرب تحرير برلين التي أنهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا. فالحلفاء هنا عراقيون عرب يمثّلهم الجيش والحشد العشائري لأهالي نينوى وصلاح الدين، بعد الاتفاق على منع «الحشد الشعبي» من المشاركة، وهناك أكراد عراقيون في صدارتهم البيشمركة إلى جانب تنظيمات كردية أخرى من بينها «حزب العمال الكردستاني»، وإن لم يتم إعلان ذلك. وهناك التحالف الدولي ممثلاً بجنود أميركيين علامة على أن الاستعداد للمعركة تمّ بدفع أميركي يشمل التنسيق لمرحلة ما بعد تحرير الموصل. وتجدر الإشارة إلى أن الجيش التركي الموجود على مقربة من الموصل بدعوى محاربة «الإرهاب الكردي» سيتم تحييده إرضاء لرئيس الوزراء العراقي الذي ترى أوساطه أن تركيا ليست عضواً في التحالف الدولي وأن أطماعها في الموصل معروفة، فهي جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل، خصوصاً أن «جماعة النجيفي» التي ساهمت مع حكومة نوري المالكي، كل من جانبه، في انطلاق المارد

«الداعشي»، تتحالف مع الأتراك لترث الموصل من «داعش».

عرب وأكراد وأميركيون (وأتراك يسمحون بحرية تحرك المسلحين الأكراد) وطيران دول أخرى في التحالف، سيطبقون على الموصل كما أطبق الحلفاء عام 1945 على برلين ودخل كل فريق منهم إلى حي من أحياء العاصمة الألمانية، وكان السوفيات هم السابقون في الوصول إلى مقر أدولف هتلر حيث وجدوه منتحراً. لن ينتحر أبو بكر البغدادي وربما يقيم الآن في الرقة آمناً لأن اللاعبين بدم سورية يحتاجون إلى وقت مديد ليتفقوا على تحريرها من «داعش».

ثمة حواجز تحجب أخبار الموصل وما إذا كان جنود البغدادي في حال استعداد أو في استرخاء. والمعلومات عن اقتراب المعركة مصدرها العراق، وتصريحات أميركية (جون برينان مدير «سي آي إيه») عن أيام البغدادي المعدودة و «سنقضي عليه وعلى كبار أعوانه». من يصدّق الأميركيين؟ وهل تم تحديد المستفيد من تحرير الموصل، عدا أهلها بالطبع الذين يأسرهم التنظيم المتخلّف؟ ثمة من يشكك في كل هذه الاستعدادات السياسية والعسكرية والإغاثية للمعركة، ويرى أن القوى المجتمعة غير كافية وغير قادرة، فضلاً عن أن الولايات المتحدة لا تزال تستفيد من بقاء الموصل أسيرة «داعش»، ولن تسمح بتحريرها حقاً قبل وضع شروط على النظامين الإيراني والسوري اللذين سيستفيدان من سقوط المدينة، بل حتى من عودتها الى حضن بغداد. ويرى مراقبون أن واشنطن لن تكرر تجربة إسقاط صدام حسين غير المشروطة آنذاك، ولن تسمح باستفادة نظامين معاديين لها من سقوط الموصل، وتحويله إلى أناشيد نصر وكراهية للولايات المتحدة.

قراءتان، متفائلة ومتشائمة، لتحرير الموصل من استعباد «الداعشيين» في ما يشبه تحرير برلين من استعباد هتلر. هناك في عاصمة الرايخ الثالث كان عراقي في القسم العربي من إذاعة النازيين يصرخ يومياً: «هنا برلين حيّ العرب»، اسمه يونس صالح الجبوري ومولود في الموصل ومعروف باسم «يونس البحري». لا يحتاج أبو بكر البغدادي إلى مذيع. تكفيه وسائل التواصل الاجتماعي التي تشوه باسمه الدين الإسلامي وتطلق التشويهات في أنحاء العالم.