ما زالت محاولات تأليف الحكومة العتيدة جارية في ظل معلومات عن تبدّل المعطيات خلال الساعات المقبلة، ربطاً باتصالات تجري من قبل فرنسا ودول معنية بالملف اللبناني، خوفاً من خروج الأمور عن مسارها، سيما وأن هناك إرباكاً يسجّل على الساحة اللبنانية بعد بروز مؤشّرات حول احتمال إعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري، وما قد يسبّبه ذلك من تداعيات كارثية على سعر صرف الدولار الأميركي في الأسواق، إذ أن ارتفاع الدولار سيؤدي إلى توالي الإنهيارات، وذلك في ظل ما يشهده البلد من أزمة مالية حادة منذ فترة طويلة، ولم يعد ينقصه أية خضّات جديدة، إذ سيكون من المستحيل بعدها إنقاذه.
وبناء على هذه المعطيات، علم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، قد اتصل بالحريري، وتمنى عليه عدم الإقدام على أي خطوة غير مستحبّة في هذه المرحلة، كما أنه أكد له أنه سيتولى تدوير الزوايا مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وسيتواصل مع حزب الله من أجل تولّي الإتصال مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، خاصة وأن الحزب مستعجل لتشكيل الحكومة، وفق ما أكد عليه السيد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة في عيد المولد النبوي الشريف. وعليه، فمن المتوقّع، وبحسب المعلومات، أن تشهد الساعات المقبلة بلورة لاتصالات رئيس المجلس النيابي، في ضوء الحراك الذي يقوم به أيضاً على خط العقدة الدرزية ـ الدرزية، خصوصاً وأنه على بيّنة تامة من الأجواء الجنبلاطية، كما أنه لدى رئيس المجلس من الحضور ما يكفي لتذليل العقدة الدرزية في إطار علاقته الوطيدة مع زعيم المختارة وليد جنبلاط، والجيدة مع النائب طلال إرسلان، وبالتالي، فهو قادر على التوصّل إلى تسوية، على اعتبار أنه «يَمون» على الفريقين، وبالتالي، مهما تفاقمت المطالب والشروط الدرزية، فهي لن تكون سبباً لفرملة التأليف، لأن العقدة الحقيقية برزت في دخول طرف سياسي آخر على خط التشكيل، وإصراره على بقاء وزارة الطاقة بعهدة «التيار الوطني الحر»، وهو ما رفضه الحريري، في حين لفتت المعلومات إلى أن رئيس الجمهورية تمنى على الرئيس المكلّف التشاور مع باسيل، ولكن الحريري رفض على خلفية تمسّكه بالدستور، على اعتبار أن التأليف يتم بالتعاون والتنسيق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، ولا يمكن تغيير هذه القاعدة إرضاءً لأي فريق سياسي أو حزبي، وهو ملتزم بهذه الروحية، ولا يمكنه الخروج عنها لأي سبب.
لذلك، تتوقّع المعلومات، أن تكون الساعات الـ48 المقبلة مفصلية، إذ لا يمكن إطالة فترة التكليف أكثر من ذلك، وذلك في ظل التطورات المتسارعة على المسرحين الدولي والإقليمي، والتي لا تطمئن على خلفية ما يتم تداوله من شروط غربية حول الصيغة الحكومية، مع العلم، أن الحريري لا يريد تجاوز أي طرف سياسي داخلي، الأمر الذي قد يرتدّ سلباً على عملية التأليف، وربما يعيق انطلاقة الحكومة في حال ولدت الأسبوع المقبل، وذلك، بصرف النظر عن شكلها وتسميتها، بمعنى أن هناك ملفات دولية لن تكون لأي حكومة في لبنان القدرة على التعاطي معها، خصوصاً في ظل الإنقسام الداخلي وغياب بعض المكوّنات عن الحكومة، سواء على المستوى المسيحي أو على مستوى الشخصيات الإسلامية المستقلة، بما فيها بعض رؤساء الحكومات السابقين الذي يخالفون الحريري في توجّهاته وتعاونه مع العهد على حساب الدستور، لأن التجارب السابقة لم تكن إيجابية، وبالتالي، فإن مسيرة الحكومة العتيدة لن تكون سهلة، لأن لبنان ما زال صندوق بريد للرسائل الدولية والإقليمية في المنطقة، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة في فرنسا وتركيا والعراق وصولاً إلى سوريا.