التهديد اليومي بالخروج من الحكومة مداورةً بين الفرقاء السياسيين يثير السخرية وكأنّ هؤلاء يهددون بـ»الخروج من الجنّة»، نرجوكم إخرحوا من الحكومة ومن حياة اللبنانيين، وكفاكم مزايدات لنتش حصّة من التعيينات، سياسيّو العالم وحكوماته العالم كلّها مشغولة بالعمل ليل نهار لإنقاذ شعوبها، إلا سياسيّو لبنان وحكومته منشغلون في «نتش «ما يمكنهم «نتشه» وما يتعذّر عليهم أمر «نتشه» بالتي هي أحسن يهدّدون بالخروج من «جنّة اللصوص» المسمّاة حكومة!!
قبل يومين هدد الرئيس نبيه بري باستقالة وزرائه من الحكومة، بالأمس هدد سليمان فرنجيّة باستقالة وزيريه من الحكومة، واليوم يعلم الله من سيهدد بالاستقالة من الحكومة، والذين استقالوا وخرجوا من الحكومة سيطالبون بحصصهم من التعيينات، وهناك من يسرّبون عنه أخبار استقالة من المجلس النيابيّة، لو كان الأمر بيد الشعب اللبناني لتمنّى للحظة أن تتسرب عدوى الكورونا إلى اجتماع ما للحكومة ليرتاح قليلاً من هذه المتاجرة به محاصصة وتعيينات فيدخل الحكومة بوزرائها ورئيسيها في حجر صحي يطول ويطول، علّ هؤلاء «بيهمدوا» وينشغلون بأرواحهم وكفاهم تكفيراً وخنقاً للبنانيين حتى في زمن البلاء والوباء!!
تحمد هذه الحكومة الله على نزول وباء كورونا على البلاد كمنقذٍ لها من السماء فانشغل اللبنانيّون به خوفاً وحجراً وقلقاً، محى كلّ السّخط والغضب والرّفض لهذه الحكومة وعجزها ورئيسها ومن شكّلها وانحبس في دائرة «خليك بالبيت»، تنفّست الحكومة الصعداء، ولكن إلى متى تعتقد أنّ اللبناني باستطاعته تحمّل الواقع الكارثي الذي حلّ بالبلاد مع دخولها بشلل تام بسبب الوباء، فيما الحكومة تطلّ علينا بكمّاماتها وقفّازاتها لتدّعي إنجازات وهميّة، ووحده الله يعلم عدد الإصابات الحقيقي الذي وصلت إليه البلاد لأنّ الحكومة حصرت سقف إجراء 300 تحليل يومياً، ولو أتيح مضاعفة هذا الرقم ثلاثة أضعاف لاكتشفنا حجم الإصابات الحقيقة، أو كانت انفضحت حقيقة أن الأوامر الصادرة بتقنين عدد التحاليل لعجز الدولة عن تأمين أدواتها الطبية، ومع هذا بالأمس «دقّ» سليمان بيك فرنجية رجله بأرض هزّ الحكومة بالاستقالة لأنّه يريد تعيين إسمان من جماعته في المناصب الموعودة!
2 ـ يوم قال لنا خدّام: موتوا
مات عبد الحليم خدّام.. لم تغادر صورته يوماً ذاكرة الثمانينات في عقلي، لا أنسى تلك اللحظة والصحافيّون اللبنانيّون متكاثرين حوله بميكروفوناتهم وآلات التسجيل وهو بمنتهى اللؤم يتصرّف وكأن قدر لبنان وشعبه بين شفتيه، سألوه عن نتائج اجتماعه بالرئيس أمين الجميّل، كانت النتائج تقرؤ على وجهه، وعندما سألوه ماذا بإمكان اللبنانيين أن يفعلوه أمام الحائط المسدود الذي وصلت إليه الأمور أجابهم: موتوا، وخيّم صمت رهيب على الصحافيين المكلّفين بتغطية اللقاء!!
بالأمس مات رجلٌ ـ كشأن كلّ إنسان يموت في النهاية ـ ظلّ لبنان بروح شعبه وقدره على طاولة هذا الرّجل وبين كفّيه يقلّبه ويقلبه كيف شاء يدير الدوائر على رؤوسنا، إلى أن دارت عليه الدوائر وأخرج من دائرة الحكم بعد أن ارتكب أكبر خطيئاته على الإطلاق عندما سلّم سوريا لبشّار الأسد منتهكاً دستورها وكأنّها هي وشعبها «تركة أبيه» للجزار بشار، وكان أول من دفع الثمن عندما تمّ ركنه على الرفّ.. ودارت عليه دائرة الحياة فذاق طعم الموت، علّ كلّ الجبارين يعتبرون من نهايته!