آخر ما وضعه الظرفاء على وسائل التواصل الاجتماعي صورة للرئيس بري والملكة اليزابيت، هو بلباس دوق ادنبره الأمير فيليب، وهي بمنديل السيدة رندة، مع تعليق بسيط هو انهما باقيان في السلطة “إلى أبد الآبدين”.
لقب “أمير” قليل على الرئيس بري كونه مستحقاً لقب “ملك اللاعبين”. فجُرأته للوصول الى قيادة حركة الامام الصدر امتزجت بمهارة وقدرة على تثبيت الأقدام والمواجهات وتحمل عبء الدماء مع الخصوم والأشقاء، حتى أضحى رقماً صعباً في معادلة داخلية اقتطع فيها المناصب والتعيينات والحصص، فيما سلّم القرار الاستراتيجي لـ”حزب الله” ضارباً صفحاً عن حرب “اقليم التفاح”.
لا يُلقي الرئيس بري الكلام على عواهنه. فحين قال لا للكابيتال كونترول، عاد وزيره للمال غازي وزني عن الاقتراح مجرجراً أذيال الخيبة وضعف الاستقلالية، في حكومة ادعى رئيسها يوم سمي بغفلة من ثورة 17 تشرين انه سيجهد لاثبات اختصاصها واستقلالها على السواء. وحين قال ساكن عين التينة أمس “اقرأوا الفاتحة على الهيركات” كاد التكبير يصل الى دارة المصيلح. فإذا كانت تمنيات “الأستاذ” أوامر لدى مناصريه وحلفائه في اليوم العادي، فكيف للجزم ألا يكون له وقع السيف في زمن الشدائد؟
منذ أنشأت الوصاية السورية “الترويكا” الرئاسية عقب اتفاق الطائف كان ابو مصطفى حلّال المشاكل والمنشار في آن، لكنه مع انكشاف التركيبة السياسية التي شكل عمودها الفقري يجد اليوم نفسه أسير ردات الفعل. يستطيع دائماً الفخر بتحقيق مكاسب لطائفته وحركته واعتبار رأيهما ممراً الزامياً وعنصراً حاسماً في اي قرار، أو رأس حربة لمنع التغيير، لكنه يعجز عن سؤال بسيط: لماذا وصلنا الى هذه الحال؟
لا يمكن للرئيس بري انكار أنه كان شريكاً أساسياً في السلطة والمكاسب والسياسات التي أوصلتنا الى افلاس الدولة والانهيار. ولأن حجم نفوذه كبير، فهو مطالب بالكثير. ولأنه شديد الفعالية وَضَعَ معظم الشيعة ثقتهم بإدارته للسلطة وبقدرته على تحقيق ما يعجز عنه الآخرون، وارتأت الطوائف الأخرى أنه المحاور “المدني” الأساسي في تلك الطائفة والشريك في نمط العيش الذي لا غنى عن التفاهم معه لبناء دولة لا تستمر أداة في محور اقليمي.
يقرأ الرئيس النبيه الفاتحة اليوم على الهيركات مثلما وارى الكابيتال كونترول الثرى قبل اسبوع، من غير ان يدلنا الى خريطة طريق لانقاذ أموال المودعين. تعاطفه مع الطبقات الشعبية والمتوسطة مشكور وأكيد، لكنه حتماً ليس الطرف القادر على انتشالنا من البئر الذي ساهم طوعاً في اسقاطنا فيها.
نقرأ معك الفاتحة دولة الرئيس. ونعوذ معك بالله من الشيطان الرجيم. لكن حبذا لو تقنع الطبقة السياسية التي تحكم منذ مطلع التسعينات بتلاوة “فعل ندامة” حقيقي، فتستغفرون الله جماعةً، والله غفور رحيم.