Site icon IMLebanon

بري وحيداً على المسرح بين البطولة والمناورة؟!

بعيداً عن المغرِّد الجديد وإجراء تأخير الرواتب

بري وحيداً على المسرح بين البطولة والمناورة؟!

فيما حيّز من اهتمام الإعلام اللبناني، والرأي العام انشغل لبعض الوقت، الأسبوع الماضي، في التواصل مع المغرِّد الجديد، الذي أكّد لمتابعيه «نعم هذا أنا» (وأنا لا تعني لويس بونابرت، بل وليد جنبلاط)، وفيما كانت لعنة العسكريين والمدنيين تنهال في السرّ والعلانية على إجراء وزير المال (المتعلّق بالقانونية الى حدّ…) بتأخير رواتب العاملين في القطاع العام، وفيما كانت لعبة «شدّ الحبال» تبلغ مداها بين جبهتي النصرة و«داعش» وأهالي المخطوفين من جنود وقوى أمن داخلي، وفيما كانت كبريات صحف الولايات المتحدة تركّز على الاشتباك بين سوزان رايس العاملة في رئاسة الأمن القومي الأميركي ووزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هاغل، كان «عماد الوطن والتكتل» (والتعبير للوزير السابق سليم جريصاتي) يضرب موعداً مع مهندس المشروع الأرثوذكسي للتمثيل النيابي (رداً على استبعاد آل الحريري له في انتخابات العام 2005) إيلي الفرزلي، والذي رشحه نظام الوصاية نائباً لرئيس مجلس النواب أيام غازي كنعان (رئيس جهاز الأمن والاستطلاع حينذاك) لزيارة المحامي نبيه بري (بصفته المجلسية، رئيساً، والحركية رئيساً أيضاً)، للبحث معه في نقطتين: امتناع تكتل الاصلاح والتغيير، وهو الكتلة المسيحية الكبرى (التي تضم نائباً شيعياً واحداً هو عباس هاشم، لكنه شديد الولاء للجنرال أو دولة الرئيس كما يحب هو أن يسميه) عن التصويت لصالح اقتراح قانون يجيز للمجلس النيابي أن يمدّد ولايته سنتين وسبعة أشهر، منعاً للفراغ في المؤسسات..

أمّا النقطة الثانية فهي تتعلق بما طرأ على ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وماذا يعني موعد 19 ت2 الجديد لإجراء انتخابات، أي قبل انتهاء ولاية المجلس الممدّد بيوم أو يومين؟

 المعلومات، تشير الى أن السيد الفرزلي، بقي طوال الوقت مستمعاً، أو يومئ بحركة وجهه وجفنيه ذات اليمين وذات الشمال ( أي باتجاه الرجلين المتحاورين، واللذين نادراً ما يلتقيان)..

وليس المهم، في نظر أصحاب المعلومات، ما كان دور «الأستاذ فرزلي» في الجلسة، بل ما عرضه النائب عون، وما قدّمه الرئيس بري:

ذكّر عون بموقف التكتل من معارضة التمديد الأول عام 2013 وأنه من غير الممكن أن يتراجع لا هو ولا تكتله، ومن زاوية الانسجام مع النفس، ومع الموقف، عن المعارضة، لأن موجبات التمديد واحدة، والحيثيات التي بني عليها الرفض لم تتغيّر أيضاً.. لكن الجديد، الذي قدّمه «الجنرال» يتوقف عند تعهّد بأنه لن يقدّم مراجعة أمام المجلس الدستوري للطعن بالتمديد، وبالتالي فهو سيتعامل مع نتائجه، لا سيّما في الحقلين التشريعي والرئاسي، ولن يخرج من الحلبة لئلا يترك الساحة لسواه من خصوم في الساحة المسيحية والإسلامية على حدٍّ سواء..

في الملف الرئاسي، قال عون، على مسمع من صديقه نائب البقاع الغربي السابق، (والمسيحي المشرقي العربي من دون نقاش) أنه ماضٍ في ترشيح نفسه، من دون إعلان للرئاسة الأولى، وأن الوقت لم يحن، ليعلن موقفاً آخر، لا سيّما وأن لا جواب أتاه مباشرة من الرئيس سعد الحريري، أو تيار المستقبل أنه سحب تأييده لترشيحه، فالتيار يعلن بلا مواربة أن لا فيتو لديه على أيّ مرشح.

فماذا أجاب رئيس المجلس، الذي يقاتل في سبيل «الميثاقية»، والسؤال هل احتفظ التمديد الأول للمجلس بأعلى معايير الميثاقية:

 {{ عن النقطة الأولى قال بري: أنا متفهم لموقفك، وأنا لوقت ليس ببعيد كنت وما زلت ضد التمديد مثلك، ولكنني عدلت عن هذا الموقف لسبب شرحته وكررته مراراً، ويتعلق يميثاقية إجراء الإنتخابات، ما دام فريق لبناني، أعلن عدم رغبته بالمشاركة فيها، وهو الفريق السنّي، الوازن، الذي يمثله الرئيس الحريري.. وأنا اعتبر أن مشاركة فريق مسيحي ممثل، مثل تياركم ضروري لإضفاء صبغة ميثاقية على التمديد، الذي لا يخصّ مكوّناً، بل كل مكوّنات الشعب والمجلس، وأنا حريص على الميثاقية، أيضاً، وإلّا فالمسألة ليست ميسورة، وعلينا الإنتباه الى أن المسألة الآن، أصبحت تتعلق بأن بديل التمديد هو الفراغ، وهو أمر لا أريده، وبالتالي، ليس باستطاعتي وحدي أن أتحمّل عبء أي خيار يحتاج الى ما يشبه التوافق أو الإجماع الوطني.. وبالتالي أمام هذه الخيارات المعقدة، والمحرجة، لك الخيار والحرية، حضرة الجنرال، لكي تأخذ الموقف، الذي تراه مناسباً..

 {{ حول النقطة المتعلقة بالرئاسة، تقول المعلومات أن رئيس المجلس، كرّر على مسامع الرجل الزائر موقفاً معلناً منذ أمد، ما دمت مرشحاً فنحن معك..

ما الذي حدث بعد اللقاء؟

 يعرف الرئيس بري أن محدثه يتمتع بعناد، قلّ نظيره، وبالتالي، فهو لا يتعامل معه، كما يتعامل مع النائب سليمان فرنجية أو النائب جنبلاط، فكلا الرجلين ينتمي الى مدرسة سياسية، تؤمن «بالتسويات» والأخد والردّ، ولا تتمترس وراء الموقف الى ما لا نهاية، لا سيّما إذا كان النقاش مع حليف مجرّب ومختبر بالمواقف السياسية، والوطنية؟

 هو أراد، أي رئيس المجلس، على طريقة «الفقهاء الشيعة» أن يلقي الحجة على غريمه، أو على صديقه، حتى لا يقال في يوم ما ما لا يجب أن يقال، خصوصاً أن الرجل لا يبدي حماساً لوصول العماد عون الى الرئاسة الأولى، أو في أقل تقدير، لا يرى فرصة أمام رئيس تكتل الاصلاح والتغيير في توفير دعم «المكوّن السنّي» لمثل هذا المنصب، وإلّا لكانت القضية حلّت، قبل مغادرة الرئيس السابق ميشال سليمان سدة الرئاسة في 25 أيار الماضي.

والحجة لم يرد بري إلقاءها على «حليف حليفه»، بل على «القوات اللبنانية» أيضاً، من زاوية الحاجة الى تغطية التمديد من قبل قوة مسيحية وازنة، ليس في المجلس وحسب، بل في الشارع أيضاً، شعبياً ونقابياً، وهذا متوافر بقوة لدى حزب من الحزبين: إمّا «القوات اللبنانية» أو التيار العوني.

لم يحمل النائب جورج عدوان، نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» لرئيس المجلس أيّ نبأ سار، لجهة تصويت حزبه لمصلحة التمديد، حتى تغطيه ميثاقياً، وأبلغه أن فريقه ما يزال يدرس الموقف، وأن الموقف يبلّغ أولاً للرئيس الحريري، قبل أن يبلّغ الى سواه، مع العلم أن الدكتور سمير جعجع، عندما زار المملكة العربية السعودية، والتقى الحريري هناك، لم يعلمه أو يعده بأنه سيقف الى جانب التمديد، الذي يعتبر رئيس تيار المستقبل، عرّابه بالدرجة الأولى..

في اللعبة السياسية، ثمّة من يراهن على أن العماد عون، هو السبّاق دائماً الى الموقف الصدامي، السلبي، فلِمَ الإستعجال لدى الأفرقاء المسيحيين الآخرين؟

 لم يتأخر «الجنرال» في بقّ البحصة، وفي ما يشبه الرسالة لكل التيارات والكتل الإسلامية، قال عون: «إن الانتخابات الرئاسية ستحصل عندما يقرّ جميع شركائنا في الوطن بأنه للمسيحيين الحق في صحة التمثيل في مجلس النواب كما في موقع الرئاسة»..

أخذ عون المبادرة، ودفع الموقف الى الزاوية، أوخط اللاعودة، وردّ على بري بكلمتين: «الخيار ليس بين التمديد أو الفراغ، فبديل الفراغ ليس التمديد إنما الانتخابات، وإجراؤها ممكن، بدءاً من الكويت وسيدني كبروفة أولى» لكن وزارة الداخلية لن تجري الانتخابات.. فماذا سيفعل بري بعد عاشوراء: هل يستعيد بطولة الملحمة الخالدة أم أن المناورة السياسية تقضي بإقرار التمديد عملاً بقاعدة «فن الممكن»؟