Site icon IMLebanon

بري وقرارات الحسم؟!

 

حسنا فعل الرئيس نبيه بري في حسمه قرار عدم التجديد او التمديد لمجلس النواب، قناعة منه انه مؤسسة فاشلة غير قادرة على تأدية دورها التشريعي كما اثبتت فشلها في انتخاب رئيس للجمهورية بعد احدى عشرة جلسة، اجمع العارفون على ان تقاسم القوى بين 8 و 14 اذار لم يجد نفعا، والا لما تأخر المجلس  عن المجيء برئيس  جمهورية وترك البلاد من دون رأس، ليس لان رئيس تكتل التغيير والاصلاح رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون لا يرغب في تسهيل الامور ولا ترك للصلح مطرحا، بل لانه لم يقتنع الى الان ان الرئاسة الاولى بعيدة عنه في مطلق الاحوال؟!

عندما اعلنت قوى 14 اذار عن مبادرتها لم يستوعب عون الخطوة ربما لانه مقتنع بمعادلة «انا او لا احد»، مع علمه وعلم من يسانده  ان لا مجال امامه لان يعود الى بعبدا من خلال انتخاب دستوري – قانوني، وهو لا بد سيفعل المستحيل لان يحمل اللقب من دون حاجة الى التوقف عند الاعتبارات ايا كانت، اضافة الى ان الامور يمكن ان تتجه نحو الاسوأ في حال لم يقتنع عون واقتنعت قوى  8 اذار ان مجالات وصوله الى الرئاسة محسوبة بدقة متناهية ضد قدراته السياسية والا لما تأخر لحظة من ترشيح نفسه منذ اللحظة الاولى  على رغم المساعي والمحاولات التي جرت معه وهي سابقة في الحياة السياسية اللبنانية يسعى احدهم الى منصب من غير ان يعلن عن ذلك؟!

اما جديد الرئيس بري، فانه لا يقدم ولا يؤخر حيث لا مجال لاجراء انتخابات نيابية قبل اجراء الانتخابات الرئاسية والشيء بالشيء يذكر في حال تأخر مجلس النواب عن انتخاب رئيس بعدما تحول بحسب الدستور الى هيئة ناخبة لن يكون بوسعها القيام بأي شيء باستثناء انتخاب الرئيس على ان تستقيم السلطات من بعده، اضافة الى ان مهام مجلس الوزراء محصورة بملء جانب من الشغور الرئاسي على اساس ان المجلس يلي الاحكام والا لما تأخر لحظة عن اصدار مرسوم الدعوة الى الانتخابات النيابية التي تعني الرئيس بري بقدر ما تعني سواه، فضلا عن حاجة المجلس الى التشريع وهذا غير متاح امام التركيبة القائمة؟!

الواضح بالنسبة للاستحقاق الرئاسي ان لا مجال امام مجلس النواب لان يشرع بقدر ما بوسعه انتخاب رئيس وهو لم يتلكأ لان التوازانات التي تتحكم فيه تمنعه من ذلك، لكنها قادرة بالتالي على منعه من ان يمدد لنفسه في جلسة تشريعية عادية بعكس كل ما يقال عن ان المجلس سيد نفسه وهو في المجال الانف غير قادر على ان يعين حارسا ليليا، بدليل كل ما حصل ويحصل، الا اذا استثنينا عقد اجتماعات للجان النيابية بما في ذلك جلسات للجان المشتركة غير القادرة بدورها على ان تحل مشكلة بحجم اقرار سلسلة الرتب والرواتب، مع العلم  ان الحكومة غارقة في هذه الايام بتعقيدات الاسرى من الجنود وعناصر قوى الامن الداخلي، المرشحة لان تتطور نحو الاسوأ؟!

وثمة دليل اخر على ان مجلس النواب مكبل دستوريا حيث ليس بوسعه ان يحاسب الحكومة حتى ولو اراد ذلك، لان السلطة التنفيذية قادرة بدورها على احداث شلل عام في البلاد، في حال ارادت ذلك، من منطلق رفضها القيام بعقد جلسات للحكومة، الا بعد ان يتأمن لها الجو السياسي الذي يناسبها مع العلم ان تشكيلتها تمنع على مجلس النواب من ان يعترض على ادائها، وهذا بدوره من ضمن المواقع الذي تجعل الحكومة في موقع لا يكفل لها سوى القيام بايلاء الاحكام بحسب النص الدستوري طالما بقيت البلاد من دون رئيس جمهورية، وهذا ايضا من ضمن ما يهدف اليه «الجنرال» عون غير القادر على ان يقطع خيط قطن؟!

ان دلالات فشل مجلس النواب تقاس بمستوى عدم قدرته على تأدية المطلوب منه بعكس الدلالات التي تجعل من الحكومة قادرة على القيام بأدنى المستويات العملية المطلوبة منها، فيما يبقى سؤال الى اي مدى يمكن للرئيس نبيه بري الوصول في منعه التمديد تكرارا لمجلس النواب، بعدما كانت المؤشرات اكدت ان خطوة التمديد لا بد منها، من ضمن مؤثرات التوازن غير القائم في مجلس النواب!

واذا كان من مجال لاعطاء صيغة عملية لمجلس النواب، فان ذلك دونه رفض البعض المشاركة في جلسات تشريعية بحسب ما كان يطمح اليه نواب من الطرفين، لانه يوفر على الجميع مصاريف الانتخابات على رغم حاجة السوق السياسية والشعبية الى بعض الاموال غير المنظورة حتى وان كان المقصود كسر الجمود السياسي نتيجة عدم قدرة مجلس النواب على انتخاب رئيس.