IMLebanon

بري لجعجع: «بدكّن تتعاونوا»!

 

لم يتمكّن رئيس مجلس النواب نبيه بري من عقد جلسة تشريعية أمس الأول في قصر الأونيسكو، بسبب «تطيير» نواب «الجمهورية القوية» النصاب. وعندما علم بري أنّ كتلة «القوات» هي التي انسحبت من الجلسة، ردّ بالقول: «قال بدن انتخابات نيابية مبكّرة.. أهلا»، فيما أنّه كان يُمكن أن لّا يعلّق على هذا الانسحاب، خصوصاً وأنّه ليس «كثير الردود». فأي رسالة بعث بري الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من خلال هذه العبارة؟

بعد انتهاء جلسة انتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية وهيئة مكتب المجلس والمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في الجلسة التي عُقدت أمس الأول في قصر الأونيسكو، حاول بري عقد جلسة تشريعية لمناقشة العفو العام والبنود المتبقية على جدول أعمال الجلسة السابقة، فأجهض نواب «القوات» هذه المحاولة، ما استدعى رداً من رئيس المجلس.

 

لماذا تقصّد بري أن يقول هذا الكلام؟ هل امتعض من أنّ «القوات» طيّرت الجلسة؟ أم ردّ بهذه العبارة على ما كان أدلى به جعجع صباحاً قبل الجلسة لجهة تحميله ما سمّاه «الثلاثي الحاكم»، «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، المسؤولية عن وصول البلاد الى هذه الأزمة؟ وهل ما زالت «القلوب مليانة» نتيجة تعطيل «الجمهورية القوية» في جلسة اللجان المشتركة، درس قانون الانتخاب الذي قدّمه بري، ويعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، واعتباره ايّاها «مؤامرة»، وقول جعجع «إننا أسقطنا مؤامرة قانون الانتخاب»؟

 

الواضح أنّ هناك تبايناً في العلاقة بين بري و«القوات»، لكن تحت سقف محدد، فلا تراشق بين الطرفين مثل التراشق بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» على سبيل المثال، لكن بري بات يردّ على مواقف «القوات»، في حين كان يمكن أن يمرّر مسألة انسحاب نواب «الجمهورية القوية» من الجلسة بلا تعليق.

 

ولكن رسالة بري من خلال هذا التعليق، حسب مصادر قريبة منه، هي الآتية: «إذا كنتم تريدون إجراء انتخابات جديدة والإتيان بمجالس نيابية جديدة، يجب أن تتعاونوا مع الآخرين»، مشيرةً الى أنّ بري «لا يؤذي بكلامه»، ومؤكّدة أنّ لا أبعاد لما قاله، وليس رداً على جعجع، بل «هي كلمة بمحلّها وبوقتها بس».

 

أمّا بالنسبة الى «القوات»، فإنّ بري «لمّح بكلامه هذا بوضوح، الى أنّ الانتخابات المبكّرة لن تتحقق، وهذا موقفه العلني، حيث يعتبر أنّ هذا المجلس لم تتأثر شرعيته بل هو مكتمل الشرعية». وتقول مصادر «القوات»: «هو حرّ في موقفه، لكننا نرى أنّ مجلس النواب منتقص الشرعية، ومن حقنا أن نطالب بالانتخابات المبكّرة بعد كلّ الأحداث التي حصلت منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى الآن».

 

وتؤكّد «القوات» لبري وغيره «أنّها تحمل مشروع طرح اجراء انتخابات نيابية مبكّرة، ليس لتسجيل موقف سياسي بل هو هدف استراتيجي لها، بدليل أنّها ترفض التكليف والتأليف، لأنّها تعتبر أنّ أي تكليف وتأليف لا طائل منهما في ظلّ هذه الأكثرية، التي لا ثقة في قدرتها على إخراج لبنان من الواقع المأسوي الذي هو فيه. وبالتالي ستبقى الانتخابات المبكّرة عنواناً رئيسياً من عناوين عمل «القوات» السياسي النضالي، بغية تحقيقه والوصول إليه في ظلّ غياب الثقة في هذه الأكثرية وطريقة مقاربتها للسلطة».

 

أمّا بالنسبة الى الانسحاب من الجلسة التشريعية، ما أفقدها نصابها ودفع بري الى رفعها، والتي كان سيُناقش خلالها العفو العام وغيره من البنود، تؤكّد مصادر «القوات» أنّ «خروج نواب «الجمهورية القوية» من الجلسة طبيعي وبديهي، فالجلسة متفق سابقاً على أن تكون مخصّصة لانتخاب رؤساء اللجان والمقرّرين، وعندما انتهت هذه المهمة انسحب نواب التكتل من الجلسة، انطلاقاً من أنّ «القوات» سبق وأكّدت أنّها لا يُمكن أن تشارك في أي جلسة تشريعية غير متفق على جدول أعمالها، وهي شاركت في جلسة الانتخاب انطلاقاً من جدول أعمالها، وانسحبت من الجلسة التشريعية المُفترضة، إذ إنّ جدول أعمالها لم يُوزّع ولم يُتفق عليه».

 

الى ذلك، يأتي هذا الانسحاب في إطار الممارسة البرلمانية لـ«القوات»، التي وضعت ضوابط لها منذ 17 تشرين الأول 2019، وتحديداً بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، وفي ظلّ مطالبة «القوات» بتقصير ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، تعيد إنتاج السلطة وتتيح للشعب اللبناني أن يعبّر عن إرادته. وبالتالي تقرّر «القوات» المشاركة من عدمها في جلسات مجلس النواب، تبعاً لأهمية هذه الجلسات، وبحسب حقيقة تشريع الضرورة الذي يشمله جدول أعمال الجلسات التشريعية. وانطلاقاً من ذلك لم يُشارك نواب «القوات» في الجلسة التشريعية الأخيرة التي عُقدت أواخر أيلول الماضي في قصر الأونيسكو.