رئيس المجلس مصمم على حماية الحوار
عن بري والقرارات الدولية.. والقنبلة الذرية!
يحيط الرئيس نبيه بري الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» بعنايته ورعايته، بل لعله يتعامل معه بشيء من «الأبوة»، وهو الذي دفع في اتجاه حصوله، وأشرف شخصياً على تفاصيل ولادته، ثم واكب نموه من جلسة الى أخرى.
وإزاء هذه «العاطفة السياسية» التي تربطه بالحوار، يبدي بري حساسية فائقة حيال أي محاولة لتعطيله او للتشويش عليه، وينبري بغريزة «صلة القربى» للتصدي لها وإجهاضها، منطلقاً من قناعة لديه بأن الحوار بين الحزب و»المستقبل» بمشاركة حركة «أمل» هو إنجاز ببعدين، وطني وإسلامي، يتوجب تحصينه والبناء عليه، لمحاصرة الفتنة المذهبية ومحاولة معالجة الملفات السياسية المعقدة أو أقله تنظيم الخلاف حولها.
وعلى قاعدة هذه المقاربة لوظيفة الحوار وأهميته في هذه المرحلة، سارع بري مؤخراً الى حمايته من «الرصاص السياسي» العشوائي، وتولى توجيه الرسائل المناسبة الى من يعنيه الأمر، بعدما استشعر ان هناك من يسعى الى توظيف عملية مزارع شبعا وخطاب السيد حسن نصرالله في اتجاه التشويش على الحوار، استناداً الى تأويلات واجتهادات، غير مطابقة للواقع، وفق تفسير رئيس مجلس النواب.
ولا يتردد بري في التأكيد، كما ينقل عنه زواره، ان من يعتبر عملية «المزارع» مخالفة للقرار 1701 «يفهم في القرارات الدولية بقدر ما أفهم أنا في القنبلة الذرية». ويضيف: «لقد حصلت العملية من وجهة نظر العدو الإسرائيلي في أرض سورية، وإذا استكملنا هذا المنطق حتى النهاية، فإن الاعتداء على موكب حزب الله وقع في ارض سورية والرد عليه تم انطلاقاً من ارض سورية أيضاً، فأين هو الخرق للقرار 1701 في هذه الحال؟».
ويتابع: «أما بالنسبة إلينا، فإن مزارع شبعا هي بالطبع أرض لبنانية محتلة، الأمر الذي يمنح عمليات المقاومة في هذه المنطقة شرعية تلقائية، مستمدة من ميثاق الأمم المتحدة والمعايير الوطنية والأخلاقية، وبالتالي فإن القرار 1701 لا ينطبق على هذه المنطقة التي نملك الحق في تحريرها من الاحتلال بكل الوسائل، أما الذين يقولون إن الصواريخ أطلقت من منطقة تخضع لهذا القرار، او نُقلت عبرها، فإننا نسألهم عن كيفية معرفتهم بهذه التفاصيل الافتراضية، في حين أن مسار العملية كان محاطاً بالسرية؟».
ويلفت رئيس المجلس الانتباه الى ان عدم توافر عناصر الخرق للقرار 1701 هو الذي جعل مجلس الامن الدولي غير قادر على إصدار بيان إدانة.
ويشدد بري على ان الخطاب الأخير للسيد نصرالله أتى في سياق الإعلان عن تعزيز القدرات الدفاعية والردعية للرد على أي عدوان قد يتعرض له لبنان، لافتاً الانتباه الى ان تغيير قواعد الاشتباك يأتي في هذا السياق الوقائي والاستباقي بالدرجة الاولى.
وتقود هذه المقاربة رئيس المجلس الى التأكيد بأن الحوار لم ولن يتأثر ببعض المواقف السلبية التي صدرت مؤخراً، بعد هجوم المزارع وكلام نصرالله، مشيراً الى انه تم تجاوزها واحتواء آثارها الجانبية.
وعلى قاعدة منح الحوار الذي تستضيفه عين التنية كل فرص النجاح الممكنة، بدا بري من أشد المتحمسين لقرار إزالة الصور والشعارات والأعلام الحزبية، بدءاً من تلك التي تتعلق به شخصياً وبحركة «أمل».
وفيما كان بري يعرب امام زواره عن حماسته لهذه الخطوة التي ستساهم في التخفيف من حدة الاحتقان المذهبي، تدخل أحد الحاضرين من قيادات «أمل» راوياً له كيف أن كادراً حركياً في احدى المناطق رفض ان يتولى هو نزع العلامات والإشارات الحركية، ولا حتى ان يكون شاهداً على عملية نزعها، خصوصاً ما يتعلق منها بصورة بري، «لأن أعصابه لا تحتمل ذلك»، وأنه طلب من المسؤول عنه أن يسمح له بمغادرة الحي الذي يقيم فيه، عندما يبدأ نزع الشعارات والأعلام والصور.
ضحك بري، وعلّق قائلا: «مع محبتي واحترامي لهذا الكادر، لا بد من تنفيذ القرار بحذافيره، لأن تنفيس الاحتقان أهم من عواطفنا».
بعد قليل، تقدم أحد مساعدي بري منه وأعطاه ورقة قرأها بصوت مرتفع، وفيها أن «داعش» أعدم الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً.
استاء بري جداً لفظاعة الجريمة، وقال: للعلم فقط، لقد تأسس «داعش» في سجن «غوانتنامو» والسجون العراقية، حيث كان المتطرفون المعتقلون يتجاورون وينظمون أنفسهم، ليستأنفوا نشاطهم بعد خروجهم او تهريبهم كما حصل في أعقاب هجوم تعرض له سجن أبو غريب، إضافة الى انهم كانوا يؤثرون في سجناء أخرين، يجري تجنيدهم واستخدامهم في تنفيذ عمليات إرهابية لدى خروجهم من المعتقل.
ويشير رئيس المجلس الى ان من بين أبرز روافد هذا التنظيم الارهابي ايضا عناصر وضباط في الجيش العراقي السابق انضموا الى «داعش» بعد حل الجيش في أعقاب الغزو الاميركي للعراق، مستشهداً في هذا الاطار بما رواه «داعشي» منتفض على تنظيمه، أكد بأن عدداً من كبار الضباط السابقين في الجيش العراقي يشاركون في إدارة غرفة العمليات العسكرية التابعة لـ «داعش» ويساعدون ابو بكر البغدادي.
وفي حين يشيد بري بإعادة الإمساك بسجن رومية، ينصح بأن يجري إخضاع بعض الذين يُفرج عنهم الى مراقبة أمنية لاحقة، لئلا يكون قد كُلفوا خلال وجودهم في السجن بالانخراط في مجموعات إرهابية بعد إطلاق سراحهم.